انطلاق أولى رحلات الحجيج التونسيين إلى البقاع المقدسة عبر الناقلة الوطنية وعلى متنها نحو 260 حاجا..    القيروان: إصابة 3 أشخاص في اصطدام حافلة بمقهى    مشاكل صحية شائعة لدى النساء بعد سن الثلاثين وطرق الوقاية    القيروان : حافلة تصطدم بمقهى    الإتحاد المنستيري.. المستوري والحرزي جاهزان لمواجهة الإفريقي    النسخة 29 من "الكومار الذهبي للجوائز الأدبية"/ بالأسماء..الاعلان عن قائمة المتوجين في المسابقة..    الدخول مجاني اليوم لمباراة منتخب السيدات ضد الطوغو بصفاقس    وزارة الصحة تحذر من مخاطر ارتفاع ضغط الدم    الفاتيكان يُنَصّبُ البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم    شجرة نخيل تهوي على ضيف بمهرجان كان السينمائي نقل إثرها إلى المستشفى    غدا: غدا: إنطلاق رزنامة اختبارات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    اليوم: الحرارة تصل الى 35 درجة    السخيري هدّاف مع آينتراخت فرانكفورت ويضمن المشاركة في رابطة الأبطال    العدوان الهمجي وتدمير المستشفيات مستمر.. أكثر من 120 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم    المعهد الفلكي المصري يكشف موعد عيد الأضحى    فضيحة "الشهائد المزورة" تهز المغرب.. شبكة فساد تطال حتى القضاء!    الدبيبة.. الككلي كان يسيطر على 6 مصارف ومن يُخَالِفُهُ يدخله السجن او المقبرة    علي معلول يغادر الملعب غاضبا بعد هدف فوز الأهلي المصري على البنك الأهلي    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    وزير التجهيز من نابل ..تقدّم أشغال مشروع طريق قربص بأكثر من 80 %    في انتظار فكّ اللغز .. رفض الإفراج عن فتحي دمق    تونس تدعو لتعزيز التعاون العربي في قمة بغداد التنموية الاقتصادية الاجتماعية    بعد طغيان المادة على كل المبادئ .. الربح السريع يسقط القيم    يوم دراسي للترويج للسياحة بالقصرين    قريش بلغيث رئيس مجلس إدارة شركة التجميع بالقيروان ل «الشّروق» الأولوية لتخزين القمح    المهدية...حجز 500 قطعة حلوى مُسرطنة    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    تحسّن الوضع المائي في تونس: سدود تقترب من مليار متر مكعّب بعد الأمطار الأخيرة    بوعرادة تحت شعار تراثنا وهويتنا: ايام تثقيفية و ندوات فكرية    صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    مدير تعداد السكان: نحو التشجيع على الإنجاب ومراجعة سياسات السبعينات.. #خبر_عاجل    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    تعداد السكّان: أبرز الأرقام.. #خبر_عاجل    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    القمة العربية في بغداد: حضور مكثف ووزير الخارجية التونسي ينوب قيس سعيد    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    أي مستقبل للمؤثّرين؟    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرايا: صباح الخير يا خضراء !
نشر في الشروق يوم 29 - 01 - 2011

ولي معك منذ أمد جميل تحية الصباح من أفق قومي يجعلني منك ويجعلك لي.
لنا معا تلك الجدة التي ابحرت من شواطىء طفولتي الى شواطىء طفولتك. لتضع، في ذاكرتنا الجمعية، كانثى نسر جميل بيوض روح التمرد البناء، تلك التي جعلت من جلد ثور بحجم مملكة اسمها قرطاج، ومن ثم جعلت من النيران مآلها كي لا تستسلم لحكم طاغية. هي الاسطورة، ولكنها الرمز، وهما اللذان يصنعان التاريخ. التاريخ الذي جعل قرطاج تتحدى الامبراطورية الجالسة على كرسي العالم. ويجعل اليوم لبناننا يعيد قصة التحدي.
هو الاخضر وانت الخضراء، والنار التي فاجات العالم من خضرته قلبت معادلات الاستبداد والمصادرة والهزيمة فيما يتعلق بالحرية الوطنية و القومية، كما قلبت النار التي فاجات العالم من خضرتك معادلات القمع والمصادرة والاستبداد فيما يتعلق بحرية المواطن والانسان.
هي المعادلة الصعبة التي لن نستطيع كعرب العبور الى احداها من دون الاخرى: لا نهضة لوطن، ولا حرية لامة، الا بمواطنين احرار، بدولة تصون حقوق الانسان وحقوق المواطن، ولا حريات لافراد في وطن فاقد للسيادة وللكرامة، ولا سيادة وكرامة لبلد عربي دون حرية وسيادة الوطن العربي الكبير. لسبب قد يبدو ابسط من الواقع القومي الذي يناقشه البعض، سبب هو ان المخططات التي تضعها القوى الكبرى للمنطقة – وليس فيها سر – توضع على اساس ان هذا العالم العربي واحد.
لا حرية ولا حقوق فردية وفلسطين محتلة، لا حرية ولا حقوق والعراق محتل، لا حرية ولا حقوق والجبهة المقاومة في لبنان مهددة، لا حرية ولا حقوق ومصر فقدت دورها كدولة اقتراح للامة كلها ( وفق تعبير نادر فرجاني ) ولكن لا حرية ولا حقوق لهذه القضايا الكبرى كلها اذا لم تكن الحريات العامة مصانة لكل فرد، اذا لم تكن الثروة الوطنية في خدمة مصالح الشعب، اذا لم تكن السلطات خاضعة للتداول، اذا لم تكن المحاسبة الشعبية مؤمنة ومتحققة، اذا لم يكن احترام القيمة الانسانية فوق اعلى العروش.
غير ان ذلك كله يظل معرضا لخطر، قد تكون تونس معرضة له اقل من سواها، ولكنها لا تعيش مفصولة عن محيطها. الخطر الكبير هو خطر تحويل الوطن الى اديان ومذاهب واعراق، واحيانا الى مناطق واقاليم، الى هويات قاتلة تعمل سكاكينا في جسد الهوية الواحدة فنحن عربا لا لاننا من عرق عربي، بل لاننا، ننتمي الى عروبة حضارية لا الى عروبة مختبر الدم. ونحن مسلمون لاننا ننتمي (على اختلاف ادياننا، طوائفنا ومذاهبنا) منذ اربعة عشر قرنا الى الحضارة العربية الاسلامية، التي صاغت ثقافتنا وهويتنا، وخطابنا وسلوكنا. لكن كون الاسلام هو هويتنا، لا يعني بانه يمكن لنا ان نتجاوز الحاجة الى الفصل بين الدين والدولة، كي يبقى الاثنان مصونين، وكي لا يعيق احدهما مسيرة الاخر. ولننظر الى الغرب الاوروبي، لندرس مسيرة نهضته، وسلامه الوطني، فهما لم يتحققا الا بعد ان تمكن من عبور امرين : عبور الحروب الدينية الى مفهوم و قانون المواطنة والعلمنة وعبور المنطق العرقي الى مفهوم و قوانين مكافحة العرقية بعد الحرب العالمية الثانية. لقد كلف المنطق الديني والعرقي اوروبا والعالم ثلاثين سنة من الحروب الدينية وحربين عالميتين واكثر من خمسين مليون قتيل في حين كنا نحن نعيش في بلداننا العربية تعددية لم تجعل يوما المواطن يقتل اخيه. ولا يجوز لنا ان نعود في القرن الواحد والعشرين الى منطق نرى كيف يدمر العراق والسودان، كيف يهدد مصر بعد ان احرق لبنان لمدة سبع عشرة سنة.
خطر لم يفتا يوما يعانق مخططات التقسيم الذي اذا لم ينجح في ان يتحقق قانونيا كما حصل في السودان ينجح في ان يتحقق ميدانيا، كما هو الحال في العراق، والنتيجة اما ان يشطر الوطن بالسكين نهائيا، واما ان يشطره بعصاة حديدية فيشله. لان مخططات تجزئة المجزا لم تعد سرا ولا اكتشافا مخططات كثيرة الشعاب، بدا نها قدر لا راد له، بعد سقوط العراق، وتاكد الحكام المتسلطون على رقابنا، بان الشعوب قد انتهت، فبعد ان بشرنا الفكر الاميركي الصهيوني العولمي بنهاية الايديولوجيات، جاء الجيش الاميركي يبشرنا بنهاية الشعوب، فتنفس السلاطين الصعداء وظنوا ان كل ما اصبح مطلوبا منهم، لاطلاق يدهم بدون قيود في البلاد والعباد، هو ارضاء الاميركي والغربي وبالطبع اسرائيل، رضى شروطه معروفة وسهلة.
فقد المواطن اللقمة ولكنه فقد العدالة والكرامة، الفرديتين واالوطنيتين، ولم ينتبه الاسياد الصغار منهم والكبار الى ان هذا الثلاثي انما يعني واحدا من اثنين : اما الموت النهائي واما الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.