جهة القصرين التي عاشت الفقر والظلم في العهدين السابقين وعانت الكثير من التجاهل واللامبالاة والضغط الذي لم يولّد غير الانفجار وتقديم الضحايا الكثيرين... كانت سباقة للاحتجاج على الاستبداد والفساد خاصة أن أبناء هذه الجهة الشامخة شموخ جبال الشعباني يدركون أن المظالم المسلطة عليهم لا بد من كسر قيودها وتبديد سمائها المتلبدة بالغيوم الشخماء والسحب الدهماء فكانت الثورة الخالدة وكان الانتصار الذي كشف الحقائق جلية وواضحة... ومن بين الحقائق التي برزت بعد الثورة نجد حقيقة الملف الأسود للمؤسسة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين الذي قدمه ل«الشروق» أبناء القصرين والذي يعتبر بحق أكبر عملية فساد في جهة السباسب ككل باعتبار أنه وحسب الملف المتوفر يتضمن وثائق التجاوزات الخطيرة جدّا لعل أبرزها تجلت أكثر منذ تعيين الرئيس المدير العام في أوت 2003 وذلك في ظروف خاصة وغامضة جدا.. حيث حرص هذا ال(ر.م.ع) على استقدام شركة صورية (المصرف العام للورق) ورأسمالها (100 ألف دينار) ويمثلها شخص مسنود وزوجته ولكن دون أية صلة قانونية لهما بهذا المصرف على الرغم من تهاطل الكميات الكبيرة جدا من الورق بعد شهر واحد من تعيين الرئيس المدير العام أي خلال شهر سبتمبر 2003... ليتم شحن الورق من معمل القصرين إلى مخازن المصرف بأكودة دون تسديد لثمن هذه السلع على الرغم من إعلام (البي دي جي) ومعرفته لكل التفاصيل وإدراكه بتدهور الوضع المالي للمؤسسة الوهمية التي كانت البنوك ترفض التعامل معها فضلا عن تعدد القضايا والنزاعات والتتبعات ضدها مع بعض الأطراف الأخرى مثل شركات التأمين وبعض الشركات التجارية الوطنية منها والأجنبية... والأخطر من كل هذا أن هذه المؤسسة الصورية التي لم يتم احتساب حتى الفوائض والغرامات ضدها استمرت في عدم خلاص الديون المتراكمة التي تجاوزت (12) مليارا دون أن تجد من شركة الحلفاء غير المساندة والدعم والتزويد... كما أن الرئيس المدير العام لشركة الحلفاء أقرّ أسعارا خاصة للورق المعد للتصدير لتنتفع به المؤسسة الصورية فضلا عن الكميات الكبيرة جدا التي تمنح لها على حساب الحرفاء الذين يتمتعون بقدر أفضل في التعامل والوفاء الأكثر على دفع ديونها... كما أن هذا ال(ر.م.ع) وحسب الوثائق المتوفرة جعل من شركة الحلفاء من مؤسسة صناعية وتجارية إلى بنك يقدم القروض والتسهيلات المالية دون فوائض ولا ضمانات قبل محاولة تغطية معالم هذا السلوك لتستفيد منه المؤسسة الوهمية التي تقدم بعض الرهون الصورية المتمثلة في أراض ذات صبغة فلاحية لضمان أكثر من (12) مليار كأصل الدين والحال أن هذه الأراضي مرهونة مسبقا لفائدة البنوك... وللحقيقة والتاريخ فقد تم تغيير عديد الإطارات العاملة في شركة الحلفاء حيث اعتمد في ظرف سبع سنوات فقط على أربعة مديرين على الإدارة التجارية والإدارة المالية وإقصاء الذين رفضوا وتصدوا لمحاباته وتواطئه مع المصرف العام للورق ومن يمثله... واليوم وبعد ثورة 14 جانفي الخالدة حرص الرئيس المدير العام مع بعض متعاونيه الفاعلين في الإدارة على محاولة القيام بآخر المحاولات اليائسة وذلك بذر الرماد على الأعين وإبرام اتفاقية لإعادة جدولة الأموال التي ذهبت أدراج الرياح والتي لا شك أن لجنة تقصي الحقائق ستكشفها كلها خاصة أن عديد النقابيين وغيرهم ظلوا ينادون بالتشغيل لأبناء الجهة والمساهمة في تطوير ولاية القصرين.