ليس غريبا أن تكون مدينة الحامة حاضرة بقوة في الثورة الشعبية التي اندلعت في البلاد لتتخلص من النظام الاستبدادي الذي كبلها منذ سنوات طويلة ليتنفس الناس هواء نقيا ولا تتحقق هذه الأهداف الغالية دون مقابل والثمن كان باهظا أنه دماء التونسيين التي سالت وتطهرت بها الأرض من أدرانها وقد قدمت الحامة أربعة شهداء. «الشروق» تزور عائلة الشهيد نوفل بن عبد السلام بن حمد غماقي من مواليد 27 سبتمبر 1985 الذي يشتغل حلاقا وينتمي الى أسرة متواضعة ماديا بسيطة تعاني أوضاعا معيشية قاسية بسبب انقطاع الأب قسريا عن عمله وبطالة إخوته. التقينا أولا بأخيه جابر الشاب العاطل عن العمل وقد حدثنا بتأثر شديد أوشك معه على البكاء عن الشهيد نوفل الذي شارك بفعالية في المظاهرات التي تفجرت بالحامة وشاركت فيها كل الفئات تقريبا وكان أعنفها ما وقع يوم الخميس 13 جانفي 2011 عندما تطاير الرصاص الغادر يقتل المدنيين العزل من شباب هذا الوطن التائق الى الحرية، وحدثنا عن احساسه بالألم و الفجيعة عند فقد أخيه لكن انتصار الثورة جعله وأسرته يفتخرون باستشهاد نوفل فدمه لم يضع مادام قد ساهم في خلع النظام السابق واستعادة الحرية. التقينا بوالد الشهيد نوفل السيد عبد السلام فأسهب في الحديث عن علاقته بابنه وحسن أخلاقه منذ طفولته وكان الشهيد رافضا للظلم مدركا للقمع الذي يعانيه الناس بل آنه هو نفسه تعرض الى مضايقات كثيرة أدت الى إغلاق الدكان التي كان يعمل بها حدثنا الأب عن مساعدة الابن له في مواجهة أعباء الحياة فقد كانت الأوضاع المادية صعبة لم يجد فيها الأب من السلط المحلية التي اتصل بها إلا التجاهل، واللامبالاة وما زاد الأوضاع سوءا مرض الأم وعدم توفر الشغل لأفراد الأسرة خاصة البنتين المتخرجتين منذ أربع سنوات. يترك الأب موضوع سوء الحال ليحدثنا عن ليلة استشهاد نوفل عندما عبرت الأسرة عن خوفها على ابنها مما قد يقع له أثناء الاضطرابات والمسيرات لكنه طمأن أبويه، وفي الغد شارك بحماس ووعي في مظاهرة شهدت مواجهة عنيفة مع رجال الشرطة وقد كان يتلفظ بالشهادة خاصة عند اقتراب المظاهرة من منقطة الشرطة بالحامة أين وجهت اليه رصاصة اخترقت جسمه تماما من الجنب الى الجنب أدت الى وفاته وقد عبر الأب عن اعتزازه باستشهاد ابنه لأنه مات رجلا يرفع الرأس مع بقية رجال البلاد الذين حرروا الوطن من قبضة الطاغية و طالب بتتبع القاتل قانونيا وبتخليد الشهداء عبد إطلاق أسمائهم على مؤسسات عمومية ودعا الى المحافظة على الثورة ومبادئها والمساهمة في تقدم الوطن ورفعته، ولم ينس الأب التعبير عن غضبه بسبب التجاهل للمنطقة ولشهدائها من قبل بعض وسائل الإعلام خاصة المرئية بتغافلها عن إبراز ما تقدمه الحامة من نضالات متميزة واقترح الأخ جابر إطلاق اسم الشهيد نوفل على المعهد الذي درس به.