تسبب إطلاق الرصاص من قبل ما عرف بالقناصة بجهة القيروان في وفاة شاب وجرح عدد من الشبان بالرصاص الحي. أحد هؤلاء المصابين شاب لم يتجاوز العشرين استقرت رصاصة حية في كتبه بعد أن خرج للعلاج من مرض فقر الدم لكن الأقدار حولت وجهته الى مرض آخر وكلفته عجزا عن الحركة كما كلفت أسرته المفقرة مصاريف باهظة في الوقت الذي لا تجد فيه ما تقتات به فشلت حركتها وحياتها وبسمتها. حاتم الهلالي أصيل حي النور بالقيروان، خرج من بين أشقائه الثلاثة المعوقين متجها الى مستشفى الأغالبة بمدينة القيروان من أجل العلاج من فقر الدم الذي يعاني منه وذلك برفقة شقيقه صبري الهلالي (في العقد الثالث). وذكر حاتم انه عند عودته من المستشفى الى المنزل مساء الخميس 13 جانفي فوجئ برصاصة تستقر على مستوى كتفه الايمن وأسقطته أرضا وهو يستمع الى صوت طلقات متتالية صوبها القناصة في اتجاه مجموعة من الشبان المتظاهرين. وذكر صبري انه كان برفقة شقيقه (حاتم) اثناء اصابته مؤكدا انه تعرض للعنف من قبل افراد الشرطة الذين كانوا قريبين منه اثر انبطاحه أرضا للتوقي من الرصاص وحماية شقيقه وقال انهم كانوا يرتدون أزياء زرقاء. ونفى الشقيقان ان يكونا رأيا مطلق الرصاص في اتجاههما. وأضاف صبري انه حمل شقيقه المصاب الى مستشفى الأغالبة القريب وهو ينزف بشدة قبل تلقيه الإسعافات بينما تواصل دوي الرصاص وفق روايته. رصاص حي...و«شلل» رصاصة حية، كادت تنهي حياة الشاب حاتم ونجا منها لكنها تهدده بالعجز البدني وفق آثارها في جسمه، فقد اخترقت الرصاصة الحية التي اطلقها القناصة كتف حاتم الايمن بسبب هزاله، متسببة له في إصابة خطيرة لم يتعاف منها رغم مرور ايام. حيث تم نقله الى المستشفى الجامعي سهلول بسوسة اين اقام مدة ثلاثة ايام تحت العناية المركزة قبل ان يسمح له بالمغادرة وسط تردد انباء عن وفاته. رصاصة غادرة انهكت جسده النحيل واثقلت كاهل اسرته المفقرة التي تجاوزت ظروفها الاجتماعية خط الفقر بكثير لتتحول الى معاناة ومأساة لا توصف. وذكر صبري انه لم يتم فتح تحقيق امني في الغرض بينما تمت مطالبتهم بدفع مصاريف العلاج. قبل سنوات توفي والد حاتم تاركا له حملا ثقيلا ووزرا لم تتحملهم السلط الجهوية ولا غيرها وحملته الأم الأرملة. انهم أشقاؤه المعوقين الثلاثة (بين 12 و16 سنة) إعاقات متعددة ذهنية وبدنية. انقطع حاتم عن الدراسة من اجل البحث عن عمل لمساعدة شقيقه المعطل صبري الذي لم يفلح سوى في الحصول على عمل هش كعامل بمركز رعاية المسنين وقتي غير مرسم ولا يتمتع بأية ضمانات مهنية أجرته 120 دينارا في الشهر. من بين مطبخ فارغ أفرشة بالية وغرف ندية وأغطية ممزقة وملابس متسخة وجدران متداعية، تخرج والدة حاتم لتقول لنا ان تكلفة العلاج فاقت نصف الف دينار بين الأدوية والتنقل لم تقدر على سدادها كما لم تقدر على شراء الأدوية اللازمة. وترى ان يتم تعويض ابنها عن الأضرار بترسيم ابنها في العمل ومساعدة المعوقين وحقهم في الحياة التي حرموا منها طيلة 20 عاما. كما ترى انه من حقها على السلط الجهوية التي تغافلت عنها ولم تساعدها طيلة ربع قرن من الحرمان ان تتعهد بالتزاماتها. رصاصة وحيدة في كتف الابن حاتم لكنها أصابت عائلة كاملة بالشلل، معظم أفرادها هم معوقون أصلا ضاقت بهم الأرض بما رحبت وتضاعفت آلامهم وضاقت صدورهم توقا الى الحرية والكرامة. ٭ ناجح الزغدودي قفصة: أصحاب الشهائد العليا يحتجون أمام مقرّ شركة الفسفاط ويطالبون بمقابلة المدير مكتب قفصة «الشروق»: تجمهر عدد كبير من خريجي الجامعات وحاملي الشهائد العليا أمام المقر الإداري لشركة فسفاط قفصة وذلك للاحتجاج على تجاهل هذه المؤسسة لمطالب التشغيل التي قدموها لها منذ أشهر وسنوات ولم تقع الاستجابة إليها. جموع الشبّان والشابات صرّحوا ل«الشروق» أنهم عانوا الأمرين من تجاهل إدارة الشركة لمطالب العمل في حين يقع إدماج عدد آخر بوساطات وبمحسوبية كاملة على حد تعبيرهم بل وبالانتماءات العشائرية كما صرّح آخرون. عدد آخر من المحتجّين صرّح لنا أن تاريخ حصول هؤلاء على شهائد جامعية عليا يعود لأكثر من 6 سنوات خلت وأن الإدارة المذكورة اكتفت بالتسويف والتعلاّت غير المنطقية حتى لا يقع انتدابهم في حين أن عددا من الذين انتدبوا بالشركة لم يمض على تخرجهم سوى أشهر قليلة وذلك لأن لهم كما ذكروا لنا أكتافا ومعارف كبيرة. وقد تمسّك المشاركون في الاحتجاج بمطلبهم الخاص بمقابلة مدير الشركة الذي عُيّن منذ مدة قصيرة والذي وعد بالعمل على القطع مع التصرفات الإقصائية التي حصلت في الماضي كما وعد بالاستماع لشواغل الشبان والعمل على إيجاد صيغة واضحة في عمليات الانتداب من هنا فصاعدا. سليم جنّات جندوبة: الهدوء يخيّم على الشارع ومساعدات لضعاف الحال جندوبة «الشروق»: بدأت الحياة تستعيد طبيعتها داخل مدينة جندوبة بعد أيّام وأسابيع من المد والجزر رافقتها الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات العمالية والإضرابات النقابية التي بلغت ذروتها وسط الأسبوع وتبلورت في الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة ولكن هذا الواقع سرعان ما تجاوز سوداويته لتسترد الحياة عنفوانها ويعود الكل إلى سائر النشاط عزاؤهم الوحيد المصلحة العليا للبلاد والعباد فتغيّر الخطاب بانحراف 180 درجة من خطاب سياسي إلى خطاب اجتماعي اقتصادي. الشوارع عادت تدبّ فيها الحركة دون خوف أو احتراز، المحلات والمتاجر وكل المرافق الأساسية عادت هي الأخرى لتستقبل طالبيها بشكل طبيعي كذلك المعاهد والمدارس والإعداديات استقبلت التلاميذ بعد أسابيع من الغياب والتخوّف من موسم دراسي أبيض أما السوق اليومي فكان حاضرا بامتياز وتوفر فيه كل شيء رغم تباين الأسعار بين مقبول ومرتفع ويبقى الهاجس الحيني للمواطن تواصل احتجاب قوارير الغاز أو عدم إيفائها للطلبات المتزايدة. هذا الهدوء رافقه تطلّع إلى مستقبل أفضل يوفر للجهة فرصا للتنمية ويقطع مع النسيان والتهميش والبطالة التي انعكست سلبا على الجهة وهو تطلع وانتظار رافقه أمل العمّال الوقتيون والمتعاقدون في مختلف القطاعات والذين اعتصموا كل في موقعه لأيام عديدة مطالبين بالترسيم والتمتع بالحقوق المهنية كاملة. في ركن آخر من المدينة وبعض المعتمديات يتواصل توزيع المساعدات لضعاف الحال في شكل أغذية وأغطية تبنتها السلط الجهوية والمحلية وإدارة التضامن. عبد الكريم السلطاني القطار: مسيرة احتجاجية للعاطلين عن العمل مكتب قفصة «الشروق»: شهدت مدينة القطار مساء الجمعة مسيرة احتجاجية لعدد كبير من العاطلين عن العمل والذين طالبوا خلالها بضرورة تدخّل الجهات المسؤولة وتمكينهم من حقّ العمل لضمان لقمة عيش المئات من أبنائهم كما نادوا خلال المسيرة بتمكينهم من الضمانات الصحية والاجتماعية لعائلاتهم التي حُرمت من ذلك لعدة عقود. المسيرة السلمية شهدت انضمام عدد كبير من المواطنين والتلاميذ والطلبة الذين ساندوا مطالب العاطلين عن العمل وقد جابت المسيرة الاحتجاجية الأنهج الرئيسية وسط المدينة قبل أن تتفرّق بأسلوب فيه الكثير من التحضّر والإحساس بالمسؤولية. سليم جنّات الكاف: مسيرات من أجل تخفيض الأداءات الجبائية الكاف «الشروق»: شارك نحو 150 من أصحاب وسواق سيارات الأجرة «تاكسي» في مسيرة انطلقت من أمام مقر الإذاعة الجهوية بالكاف حاملين لافتات تطالب بالتخفيض في الأداءات الجبائية والتعديل في التسعيرة وعند وصولهم أمام مركز الولاية كان للمتظاهرين حديث مطوّل مع أحد المسؤولين التابعين للمصلحة الاقتصادية أبلغوه مطالبهم. عبد الستار الكوكي صاحب تاكسي عدد152 يتساءل: «لماذا لا يتمّ إضافة 5 سنوات بعد العشر سنوات الأولى التي تعفي السيارة من واجب الفحص الفني». بعض السواق أمثال عمر الزياني عمره 42 سنة له 6 أبناء وفي كفالته أم معوقة في جرابه 14 سنة عمل مراد العوادي 41 سنة تجربة 19 سنة والعربي الخماسي 53 سنة خبرة 18 سنة له 4 أبناء منهم اثنان بالجامعة والبقية بالمعهد ينتظرون رحمة قد تأتي أو لا تأتي ويطالبون بمنحهم رخص اكتساب سيارات لحسابهم الخاص بعدما ملّوا العمل لحساب الغير وبقيت عديد التشكيات إلى المسؤولين بدون تغيير في أوضاعهم. أين الوحدة التلفزية؟ كلّ الذين استجوبناهم عبّروا عن امتعاضهم وتأسفهم الشديد لما شعروا به بمناسبة اعتصامهم أمام مقر الإذاعة حيث تم إعلامهم أن وحدة الإنتاج التلفزي غير قادرة على تسجيل احتجاجهم بالصورة هكذا قالوا لنا ويبقى السؤال مطروحا: بأي ذنب حرم المتظاهرون من إبلاغ صوتهم على شاشة التلفزة الوطنية؟ أهو حقا مجرد عطب لآلة التصوير؟ منجي الباجي الشهيد حسونة عدوني.. ابتسامة من أجل الحرية «الشروق» مكتب قابس: لم يكن مباحا لمدينة مثل الحامة تعتز بإرثها النضالي العريق والمتميز أن تبقى بعيدة عن الثورة الشعبية التي اندلعت في سيدي بوزيد وتجاوبت معها مختلف المناطق في البلاد فكانت المظاهرات والشعارات الغاضبة ولكن من جهة أخرى كان الرصاص لتكون القصص، قصص الشهداء والجرحى.. «الشروق» ذهبت الى منزل أحد شهداء الحامة وهو حسونة عدوني والتقت بأفراد أسرته الذين رحبوا بنا رغم الظروف القاسية التي يمرون بها. حدثونا عن الشهيد: حسونة بن محمد الصالح بن عبد اللّه عدوني من مواليد 20 ماي 1974 عامل يومي وهو المسؤول عن العائلة خاصة مع فقدان الأب وبطالة إخوته فمنهم ثلاثة دون عمل وقد عُرف بنقاء سيرته وحسن سلوكه. حدثنا شقيقه عبد السلام بحماس وتأثر شديدين عن أخيه الذي كان يعد نفسه للزواج قريبا بإعداد محل سكني أوشك على الاكتمال، ثم قصّ علينا ملابسات استشهاد حسونة يوم الخميس 13 جانفي 2011 أثناء المظاهرات التي شهدتها مدينة الحامة وشاركته الأم رمضانة عدوني في سرد أحداث ذلك اليوم الذي لا يُنسى. خرج الشهيد من البيت بعد أداء صلاة الظهر وأثناء غيابه تواترت أنباء أولى عن إصابة خفيفة تعرض لها ثم كان الخبر الصاعق عن موته ويروي شقيقه عبد السلام الأحداث بتفاصيل أكثر. فقد كان الشهيد حاضرا في المواجهة بين المحتجين ورجال الشرطة قرب منطقة الأمن وقد استخدم فيها الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وعند سقوط الشهيد نوفل غماقي برصاصة قاتلة غير بعيد عنه اقترب منه حسونة عدوني لاسعافة فنال هو أيضا رصاصة اخترقت جسده وقد تعثرت الاسعافات الطبية في مستشفى المدينة لقلة امكانياتها والارتباك مما أدى الى وفاة حسونة في الطريق بين الحامةوقابس. وقد أكد عبد السلام أن أخاه مات والابتسامة ترتسم على شفتيه وعبر في نهاية كلامه عن تمسكه بالتتبع القانوني لمرتكب هذه الجريمة وأن أي تعويض لا يمكن أن يجعله يتنازل عن حق الشهيد وهو ما أكدته الأم أيضا بأن حسونة لا يمكن أن يعوضه شيء وأنها لن تتنازل عن المطالبة بمعاقبة القاتل وختمت حديثها العفوي بالدعاء على من أفقدها ابنها العزيز الذي كان يملأ عليها حياتها. ودعنا أسرة حسونة عدوني وهو غائب حاضر دوما.. حاضر في وجدان الأسرة وفي ذاكرة الحامة والوطن.. شهيدا من أجل الحرية.