جاءت ثورة الشعب التونسي الباسلة لتنفض الغبار على ملفات ساخنة وتكشف حقائق مريرة ومعاناة كبيرة طالت جميع القطاعات ولعل ما يهمنا هنا هو واقع كرة القدم وخاصة بجهة جندوبة هذا الواقع المرير الذي طمس المواهب وحكم على المشهد الرياضي بالسوداوية والنسيان وحكم على فرق الجهة بالحضور الشكلي لبعضها وحل بعضها الآخر لأسباب قيل أن ظاهرها مادي بحت ولكن باطنها يخفي الكثير والكثير ستحاول «الشروق» البحث فيه في هذا التحقيق. تنتشر بجهة جندوبة ثمانية ملاعب لكرة القدم خمسة ملاعب معشبة وثلاثة ملاعب صلبة فأما المعشبة وباستثناء ملعبي بوسالم وطبرقة فإن الثلاثة ا لمتبقية لا يمكن أن ينطبق عليها التعشيب لأن حالتها سيّئة جدا ولكم في ملعب جندوبة خير دليل والأمر في المسألة أن مع إطلالة كل موسم تتردّد الوعود بالصيانة وإعادة التعشيب وتوسيع المدارج ويقول المتشدّقون بالوعود بأن الميزانيات رصدت والدراسات جاهزة لتنطلق الأشغال لكن دون جدوى. غياب المرافق بملاعب جهة جندوبة حكم على عديد الملاعب بالغلق لفترات متفاوتة خلال المواسم الماضية وهو ما فرض على الفرق التنقّل لمسافات طويلة لإجراء مبارياتها وقد تضرّر من هذا الواقع فرق غار الدماء وعين دراهم وبوسالم وجندوبة وانعكس سلبا على النتائج. مشاريع بالملايين والواقع المضحك عديد المشاريع تمّ انجازها بجهة جندوبة وتبلغ كلفتها على الورق بالملايين على غرار ملعب الكرة الحديدية (قرابة نصف مليار) والمدارج الاضافية بمعشب جندوبة (قرابة 350 ألف دينار) ومدارج المعشب الاصطناعي 9 أفريل بجندوبة (قرابة 400 ألف دينار) وغيرها من المشاريع لكن واقع ما آلت إليه لا يعكس حجم الأموال المرصودة للإنجاز وهو موضوع قال عنه الأحباء أن في الأمر تلاعبا وتحيلا وقادم الأيام سيكشف صحة ما ذهب إليه الأحباء من عدمه. فرق الملايين وفرق الدنانير لا يختلف إثنان في كون أن عديد الفرق تمنح لها الجامعة والوزارة دعما بالملايين يسهّل العمل لكن باستثناء فريق جندوبة الرياضية رغم أن دعمه لا يقارن بفرق أخرى فإن الدعم المسند لفرق كغار الدماء وعين دراهم وطبرقة لا يتعدى الدنانير وهو وضع خلق مشاكل مادية بالجملة لهذه الفرق وجعل أداؤها لا يرقى للمستوى المطلوب فظلّت تتخبط في المشاكل وتقبع في «الأقسام السفلى» فهل يعقل أن ينال لاعب من فريق بجهة جندوبة 5 دنانير كمنحة فوز في حين ينال لاعب آخر وبفريق كبير منحة فوز بآلاف الدنانير؟! مسيرون على المقاس الواقع المرير تجاوز الملاعب واللاعبين ليشمل المسيرين الذين أصبح اختيارهم على المقاس لا على الكفاءة فرئيس الجمعية يتم اختياره من أصحاب الولاء التام للتجمع والسلطة وكم من مسؤول تمّ تنصيبه وهو لا يفقه في كرة القدم وغيرها من الرياضات الأخرى. السواد الأعظم هذا الواقع وهذه الانحرافات انعكست سلبا على واقع الرياضة بالجهة وحكمت على عديد الفرق بأن تقبر وتموت في المهد وهي القادرة لو أخذت حظها كاملا على التألق والابداع فهذا فريق نجم وادي مليز حلّ وكذلك الشأن بالنسبة لفريق النادي الرياضي بفرنانة وقد تطول القائمة لتشمل فرقا أخرى إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه فتتيه بذلك المواهب في الطريق والأمل كل الأمل أن تنعكس ثورة الشعب على واقع كرة القدم بجهة جندوبة حتى تعيد الاعتبار للفرق المنسيّة وتحدث قفزة نوعية في المشهد الرياضي فنراه في ثوب جديد يقطع مع أدران الماضي التعيس.