«... الهادي كان صديق الجميع..محبوبا من أصدقائه...ليست له ميولات سياسية...اهتمامه كان العمل في ورشة النجارة مع شقيقه ولكنه كان يحسّ بمعاناة أصحابه العاطلين ويحرص على مساعدتهم...حزننا كبير بفقدانه ولكننا فخورون بشهادة ابني التي كانت لهدف نبيل ومن أجل إسعاد غيره...» هكذا علق السيد عبد العزيز المحجبي والد الشهيد الهادي ولكن في الحلق غصة لأنه لم يتمكن من رؤية ابنه بعد أن أخفى أعوان المستشفى عنه خبر موته لمدة 24 ساعة والى حد الآن لازال لا يصدق أمر فقدانه على غرار كل العائلة وعزاؤه الوحيد أن القانون سيأخذ مجراه لمحاسبة من تسببوا في موت ابنه. الهادي المحجبي (20سنة) غادرمقاعد الدراسة بصفة مبكرة ليلتحق بشقيقه في ورشة النجارة حيث تعلم هذه المهنة وخبرها...كان طموحا جدا وكانت ميولاته على غرار كل شباب الجهة...النجاح في العمل وتكوين أسرة مترابطة خبر موته نزل على عائلة السيد عبد العزيز المحجبي والمتركبة من الأم زينة والشقيق عادل والأختين لمياء وآمال فكان خبرا مشؤوما ومفاجئا للجميع. يقول عادل (شقيقه): كان ذلك يوم الخميس 13 جانفي صباحا أخذ الهادي معدات العمل لإنهاء بعض الإلتزامات في منزل أحد الحرفاء وبعد أن أنهى عمله قفل عائدا ولكن اعترضه أصدقاؤه وأعلموه أن هناك مظاهرة في وسط المدينة فعاد معهم لمشاهدة ما يحدث وكانوا بعيدين قرابة 50 مترا عن موقع المظاهرةوكان أعوان الأمن يعملون على تفريق المتظاهرين بشكل عشوائي وفي كل الاتجاهات... قنابل مسيلة للدموع ورصاص في الهواء... فعاد الجميع أدراجهم خاصة بعد أن اعترضهم مجموعة من المتظاهرين، كان يجري عائدا ولكنه سقط فجأة بعد أن أصابته رصاصة على مستوى الظهر قادمة من الطريق الرئيسي...الهادي استشهد لهدف نبيل وسام وبقدر حزننا الكبير الذي أصابنا بعد أن فقدناه إلا أننا سعداء لأنه كان ضمن شهداء الثورة... شهداء الحرية ولكن ما يلفت الانتباه هو الغموض الكبير الذي لف موته رغم بعده عن موقع الأحداث...لماذا استعمل الأمن الرصاص الحي وأين هم المسؤولون حيث لم يزرنا أي أحد منهم منذ وقوع الحادثة». شهود عيان يتهمون رئيس المركز ونائبه والعملية موثقه : العديد من الصور في تلك المظاهرة كانت موثقة ومصورة بواسطة الهاتف الجوال منذ بدايتها وقد تداول أصدقاؤه عملية قتل الهادي وسقوطه على الطريق وكيف منع أعوان الأمن أصدقاءه من نجدته والاقتراب منه وهم يتهمون رئيس مركز الأمن ونائبه اللذين قاما بإطلاق النار على المتظاهرين وأحدهما حسب شهود عيان من قام باقتناصه رغم بعد المسافة والصور موجودة لدى الجميع. صديقه حسني ضربوه ومنعوه من إسعافه: حسني صديقه المقرب كان الى جانبه يحاول بدوره الهروب إلا أنه مع سقوط الهادي عاد اليه سريعا محاولا إسعافه فأنهال عليه أعوان الأمن بالضرب وخاطبه أحدهم«خليه يموت» كما قاموا بإيقاف سيارة أحد المواطنين الذي هب لنقله للمستشفى وقد دامت العملية أكثر من ساعة. والده عبد العزيز: أخفوا عني خبر موته حتى اليوم الموالي: عندما علمت بخبر اصابة الهادي تحولت للمستشفى وبقيت ليلة كاملة دون أن يتركوني ان أراه وكانوا يطمئنونني أنه بخير ولكن في الصباح أعلموني بموته وأنا واثق أنه توفي اثر اصابته وإلا لتمكنت من رؤيته على الأقل. وأضاف والده عبد العزيز أن ما يحز في نفسه أن لا أحد من المسؤولين المحليين ولا الجهويين زاره وقدم له التعازي على الأقل. أنا لا يهمني المال ولكني أطالب بحق ابني وبمحاسبة المجرمين والمتسببين في موته وقد أعددت ملفا كاملا للمحكمة فيه كل الحيثيات والأدلة ولي ثقة تامة في القانون... أما ولاية بن عروس وبعد أن أعلمتهم بالأمر أخبروني أنه سيتم الاتصال بي وأنا أنتظر الى الآن. وهنا يقاطعه عادل«لا يهمني اتصالهم وانما أريد مقابلة السيد وزير الداخلية لأشرح له الأمر خاصة وأت المتسببين في هذه الكارثة معروفون ولكن الى حد الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء في شأنهم... نريد حق الهادي فقط... والدته في وضع صحي ونفسي صعب للغاية ودموعها لا تفارقها ليلا نهارا حرقة وألما على فقدان ابنها وعزاؤها الوحيد أنه استشهد مع جملة من شهداء الحرية...أما شقيقته آمال ولمياء فالحزن باد عليهما ولكنهما متماسكتان مراعاة للظروف الصحية لوالدتهما رغم الألم الكبير الذي يحسان به. أستشهد الهادي ولكن روحه ستبقى روح مرفرة مع عائلته وكل أبناء حيّه وأبناء المحمدية عامة الذين قدموا يوم تشييع جنازته من كل الأحياء والمناطق استشهد الهادي ولكن الثورة ستعيش وتنعم تونس بالحرية تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. مع الاشارة وأن الهادي المحجبي هو الشهيد الثاني من المحمدية.