اقترح تقرير امريكي على البيت الابيض خطة للهروب من العراق بحلول شهر فيفري المقبل مبررا تبني المقترح بعدم اهمية «عراق ديمقراطي موحد ومستقر» لأمن الولاياتالمتحدة والكلفة المالية الباهظة للاحتلال وتزايد عدد قتلى الجنود الامريكان وحلفائهم. وصدر التقرير عن معهد كاتو للدراسات الاستراتيجية في واشنطن وهو مقرب من المحافظين الجدد. ورأى ملاحظون ان اهمية التقرير تكمن في انه صادر عن فريق المحافظين الجدد الاكثر ارتباطا باسرائيل والذي يضم شخصيات مؤثرة في البيت الابيض مثل ديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع. واقترح التقرير على الإدارة الامريكية ان تعلن ان قواتها ستنسحب من العراق مع حلول اليوم الاول من فيفري المقبل. وساق التقرير مبررات لهذا المقترح لخصها في عدم اهمية «عراق ديمقراطي موحد ومستقر لأمن الولاياتالمتحدة والكلفة المالية الباهظة التي تتكبدها جراء اطالة امد الاحتلال وتزايد عدد القتلى في صفوف الجنود الامريكيين وحلفائهم. واعتبر محللون ان في ذلك اعترافا ضمنيا بحقيقة انسانية لم تدركها بعد مراكز القرار ومصادره في الولاياتالمتحدة وهي عدم توافق بناء ديمقراطي مزعوم في بلد تقوم باحتلاله وتمارس فيه ابشع صور انتهاكات حقوق الانسان. وكانت واشنطن قد اطلقت قبل العدوان على العراق كذبة اسلحة الدمار الشامل وارساء الحرية والديمقراطية في العراق لكن الحقائق الميدانية اثبتت خطأ الحسابات الامريكية. ورجّح محللون ان تكون مبررات «الهروب» الحقيقية هي الفعل الجهادي المتصل للمقاومة العراقية ووعيها بعناصر المنازلة وارجحيتها في التكتيكات القتالية. ويدعو التقرير الى استمرار شن الحروب على الوطن العربي وتجفيف ما اسماه بينابيع الارهاب. واعتبر التقرير ان الانسحاب المقترح وفق هذه المعطيات ومبدأ الهمينة على البلدان العربية النفطية لن يفتح الباب نحو اكتساب العراق استقلاله الكامل لان خطة الهروب من مطرقة المقاومة العراقية تبقي امل الاستحواذ الامريكي على العراق لفترات طويلة يصفها التقرير ب «تقديم مساعدات امريكية والتعاون في مشاريع التنمية وخطوات اعداد الدستور الدائم للعراق دون احتلال امريكي». وتساءل مراقبون عن معنى هذه «المساعدات» وعن مفهوم استقلال العراق اذا كانت واشنطن ستكتب الدستور الدائم للبلاد وستحدد مسارها الاقتصادي وستبقي على تدخلها في شؤون العراق عبر طاقم عسكري وديبلوماسي واستخباري هو الاضخم في العالم يؤدي دوره الاحتلالي تحت مسمى السفارة الامريكية. ويقلل التقرير من اهمية الاعتماد على المساعدة العسكرية واللوجستية الكويتية والسعودية بانتفاء الحاجة الى خدمات «كانت ضرورية قبل احتلال العراق». ويتبنى التقرير رفض توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع العراق لمواجهة خطر جيرانه طارحا بديلا وهو ان تؤسس الولاياتالمتحدة جيشا عراقيا مع طمأنة الدول المجاورة بزوال الخطر العراقي المزعوم. ورأى ملاحظون ان التقرير مثلما يعمد الى تبني الحرب الأهلية والتقسيم في العراق يفتح الباب واسعا لحروب اقليمية مازالت عواملها فاعلة اعتبارا للاطماع الايرانية والتركية في العراق.