وزارة المالية تذكر ان 31 ديسمبر 2025 اخر اجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    عاجل/ قضية "انستالينغو": تطورات جديدة..    الاتهام شمل اكثر من 40 متهما.. الاستئناف تجدد النظر في ملف " انستالينغو "    انطلاق توزيع 30 آلة خياطة متعددة الاختصاصات لفائدة العائلات المعوزة    سليانة: ضبط برنامج عمل مشترك إستعدادا للاحتفال برأس السنة الإدارية    أحداث 2026 الدولية الأكثر أهمية...7 قضايا لازمك اتّبّعهم    حافظ على بياناتك في 2026: 5 نصائح باش تحمي روحك على الإنترنت    بطولة كرة السلة: نتائج منافسات الجولة الخامسة إيابا .. والترتيب    عاجل/ تقلبات جوية جديدة بداية من ظهر اليوم..أمطار بهذه الولايات..    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    اليك دعاء أول جُمعة في رجب    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    عاجل: دار الإفتاء المصرية ''الاحتفال برأس السنة جائز شرعًا''    الصحة العالمية: 100 ألف طفل في غزة مهددون بسوء تغذية حاد    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    مدرب منتخب مالي: "ليس لنا الحق في ارتكاب الأخطاء أمام منتخب المغرب"    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    رئيس غرفة تجار المصوغ: أسعار الذهب مرشّحة للارتفاع إلى 500 دينار للغرام في 2026    كيفاش يعرف أعوان المرور إنك خلصت ال Vignetteو Autocollantما هوش لاصق ؟    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    عاجل/ في تصعيد جديد: غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة من غزة..    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    عاجل/ حادثة وفاة ممرضة حرقا بمستشفى الرديف: عائلة الفقيدة تكشف وتطالب..    رونالدو يخبي سر كبير على كريستيانو جونيور ومايحبش الجمهور يعرفو : تفاصيل    قرارات عاجلة لفائدة زيت الزيتون التونسي: أولوية قصوى في إسناد منح التصدير    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    تحذير علمي من عادة شائعة تعرضك للإصابة بمرض ألزهايمر    حاجة بسيطة تشفيك من ال grippe في نهارين    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    شارع القناص .. فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي انفصام فنّي على القياس ..حسين عامر للصوفيات وحسين العفريت للأعراس    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    كرة اليد: هزم الترجي الرياضي جزائيا في مباراة "الدربي" ضد النادي الافريقي    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    الشركة الوطنيّة للسكك الحديديّة التّونسيّة:عدم تسجيل أية أضرار على إثر جنوح قطار المسافرين تونس - غار الدماء    الليلة: الحرارة تتراوح بين 6 و23 درجة    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه إلى «السيد القواد»
نشر في الشروق يوم 18 - 02 - 2011

افتخر القواد بأنه: «مع بن علي ضد الحكومة والشعب»، واليوم أصبح مفتيا للثورة في القنوات التلفزية
الآن فقط أيتها السيدات والسادة، يمكن لنا أن نكتب عن الزميل «السيد القواد» الذي كان يخوفنا بتقاريره التي يكتبها عنا في شكل «استفدنا أن...»، بعد الدوي الكوني الذي خلفه هروب سيده الجنرال المسمى خطأ زين العابدين بن علي، الرقيب الركن، الذي كان اسمه يكفي لإقناع عبيده من القاوقجية٭ في الصحافة الوطنية بأن اليوم السابع من شهر نوفمبر ليس سوى «مجرد ترتيب فلكي قررته الأقدار الأزلية للوطن» قصد إبراز المواهب الفذة لسيدنا الجنرال.
في أول الأيام التي تلت هروب «الجنرال الرقيب الركن»، كنا ننتظر من القاوقجية والقوادين أن يصمتوا على الأقل، من باب الخجل الوطني، بعد أن نالوا الكثير من خيرات الوطن بلا وجه حق: بساتين ومزارع في الممتلكات الحكومية، شقق وعقارات من الملك العام، منح مالية وخيرات وهبات عينية في المناسبات الدينية والوطنية، وأشياء أخرى يضيق بها الحصر لم يكن ينقصها سوى العبارة التاريخية: «أعطه ألف دينار وجارية».
بعد ثورة شباب تونس، كنا نظن أن «السيد القواد» قد أصبح وحيدا، مثله مثل سيد الفرامانات٭ في الصحافة الوطنية المدعو عبد الوهاب عبد الله، بعد أن تخلت عنه سيدة قراره، السيدة الأولى للوطن وحافظة تاريخ أمجاده، بجمعياتها الخرافية للتمعش من معاقين بلا إعاقة وبأمجاد أخرى مماثلة لا تتجاوز في الواقع حجم أمجاد وإنجازات أشقائها المنحرفين غير القابلين للحصر سواء كانوا أشقاء من الأب أو الأم أو أبناء الأخوة والأخوات أو من أي شيء آخر.
«السيد القواد»
من باب الحذر اللغوي لا غير، إذا اتفق أن أحد أشقائنا في المشرق قرأ هذا المقال، فيجب أن نوضح له أننا نحن في تونس، لأسباب تاريخية معقدة نخلط صفة الواشي، متملق السلطان الذي تحول في المؤسسة الأمنية الحديثة إلى ما يسمى «المخبر»، نحن نسميه في تونس «القواد»، وهو لغة، ذلك الذي يقود الرجال إلى النساء في الحرام، ربما ذلك عائد إلى الخزي الذي يربط بين الشخصيتين أو إلى الكره التونسي العميق لشخصية الواشي. أما أنا فلا أجد مشقة في الجمع بينهما مثل أي تونسي عندما يشتم عدوا فيقول له: «يا قواد».
على مدى عقود لم تفعل الدولة شيئا غير تعزيز دور القواد بكل صيغه، وتعزيز العلاقة العمودية وغير الشرعية بين الحاكم والمحكوم. تطورت مواهب القواد إلى حد اختلاق تهمة الخيانة الوطنية حين لا تكون موجودة وحتى حين لا يفعل الناس شيئا ويفقدون قدرتهم على الاحتجاج على الحاكم. وهكذا كان يبدو لنا أن أي شكل من أشكال النجاح والتقدم الاجتماعي كان يرتبط وجوبا بالمرور بمباركة السيد القواد والحصول على رضاه. هذا الرضاء الذي يجب أن نعترف أنه كان يعني أساسا: «المساهمة في القوادة بكتابة التقارير عن الزملاء وممارسة كل أشكال القوادة الأخلاقية والأمنية ومدح سيدي الجنرال وشتم أعدائه». في وقت ما من القمع الأسطوري الذي عاشه الإعلام في تونس، كان السيد القواد يقول لنا مازحا: «أنا مع بن علي ضد الحكومة والشعب». وحين تشتد الاحتجاجات ضد حكم قضائي يصدره «سيدي الجنرال» ضد أحد أبطال المعارضة أو الاحتجاج، كان يقول لنا: «نحن لسنا ضد القانون، بل مع حسن تطبيقه» الذي يعني العبث به وفقا لأهواء وعداءات سيدي الجنرال في البداية، ثم سيدته وعشيقته الشرعية الوحيدة.
تأريخ للحظة
اليوم، تسمح لي دماء الشهداء بالقول إن ما أكتبه الآن ليس وشاية أو قوادة، بل شهادة للتاريخ، للتنديد بكل أشكال الوشاية للنظام ولمن في الحكم، أكتب هذا بصفته مقالا عاما عموميا موجها إلى الشعب التونسي لفضح القوادة التي جعلت الكثير من قطاع الطرق والذين لم يفلحوا في دراستهم يصبحون شخصيات وطنية. نكتب عن السيد القواد لفضحه لدى الشعب التونسي، مفتخرين بأننا لم نساهم بأي شكل من الأشكال في مدح سيده الجنرال، أو في شتم أعدائه ولم نحصل بالتالي على أي شكل من أشكال المنافع من «دولة القوادين»، سواء في شكل أوسمة السابع من نوفمبر أو الثقافة أو جوائز الهادي العبيدي للصحافة الوطنية، الذي لا شك أنه يتقلب في قبره ألما وهو يرى لصوص الآفاق يصبحون أبطال صحافة باسمه. لذلك، يحق لي أن أقول مثل أي شخص في سيدي بوزيد، إن الصمت على «السيد القواد» وأمثاله من قطاع الطرق واللصوص هي جريمة أيضا في حق شهداء الوطن، وفي حق التاريخ بالنظر إلى مقولة ألبير كامي: «الصحفي هو مؤرخ اللحظة».
نكتب عن القوادة في تونس، خوفا منهم بالنظر إلى مواهبهم التاريخية في الانقلاب على القيم، ولأننا تعلمنا بعد أن تعذبنا بتحول أحلامنا في الحرية إلى حلم مزعج عندما سرق القوادون والمتملقون نشيد الثورة وحولوه إلى نشيد حكومي ينشده اللصوص والقوادون، سرقوا أيضا تاريخ الوطن ليحولوه إلى فقرة في البرنامج الانتخابي الأزلي للسيد الأوحد، كما سرقوا تاريخ أبطال الوطن ومواسم المطر والخير وسهول الشمال الغربي، وما تحت الأرض من الآثار وها هم اليوم يظهرون دون أي خجل في صفحات صحفنا وقنوات التلفزة ليقدموا لنا دروسا في الثورة. لذلك من حقنا أن نكتب لهم، إلى زعيمهم الرمزي «السيد القواد»، مستندين إلى الدماء الطاهرة للشهداء، معولين على ذكاء الشباب التونسي حتى لا يعيد علينا القوادون واللصوص وقطاع الطرق مسرحيتهم التاريخية وحتى لا يتجاوز العمر الافتراضي للقواد حقيقة عمر نظام سيدهم الجنرال الهارب.
٭ القاوقجية: كلمة تركية في صيغة الجمع، مفردها قاوقجي، وتعني في اللغة التركية ذلك الذي يحدث ضجيجا للإعلان عن حضور الحاكم أو السيد الحاكم.
٭ الفرامانات: جمع فرمان، كلمة تركية تعني القرارات التي كانت تصدر عن الخليفة العثماني في تعيين البايات وتسيير شؤون الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.