كنا ذكرنا في أحد أعدادنا السابقة أن ادارة التحكيم مرت من التطوع للاحتراف فجأة وأمام دهشة الجميع وأن السيد يونس السلمي مثلا يتحصل في نهاية كل شهر على راتب مرتفع جدا يساوي أجور ثلاثة اساتذة جامعيين وأن العاملين في هذه الادارة عليهم مراجعة انفسهم خاصة بعد الثورة وعندما تمت استضافة رئيس لجنة التحكيم في احدى البرامج التلفزية «بقناة 21» تعرض الى المقال الصادر بجريدة «الشروق» بشيء من التهكم وألمح الى أن صاحب المقال غير مواكب وكان عليه أن يعود الى العلامة يونس السلمي قبل أن يمسك القلم. في هذه الأسطر سنكون أكثر جرأة من السيد «تهكم» وسنختار التصريح لا التلميح. ما لا يعلمه السلمي أننا لسنا ممن يستقي الاخبار من المقاهي وأن كل ما في الأمر أني كنت تحولت الى منطقة «مونبليزير» ذات يوم لاجراء حوار مع السيد يونس السلمي عندما كان رئيسا للجنة التحكيم في فترته الفارطة وليست الحالية (والحوار مازال شاهدا على ذلك) أصبت بنوع من خيبة الأمل لأن الرجل كشف عن تعصب أعمى وولاء لشخصية رياضية غادرت البلاد خفية وكان طوال الحوار يردد « المسمى عثمان جنيح» ولذلك قررت الا التقيه أبدا لأن الغضب الذي لاحظته لديه لا يسمح له حتى بدخول الملاعب كمحب عادي (مثلما يفعلون في انقلترا) وليس كرئيس للجنة التحكيم وقد انتهت تلك الفترة بسرعة وتأكد الجميع أن السيد عثمان جنيح هو الذي أزاحه من ذلك المنصب. عودة موفقة لا ننكر أن عودة السيد يونس السلمي الى رئاسة لجنة التحكيم هذه المرة كانت موفقة اذ بدا واضحا أنه استفاد من«الفترة الأولى السوداء جدا» واستفاد أيضا من تراجع نفوذ الرئيس الاسبق سليم شيبوب ومن خبرته كمحلل وأصبح أكثر نزاهة وعدلا بين الاندية وقام بعديد الخطوات الجريئة ولسنا جاحدين لننكر ذلك لكن... وبما أنه لا توجد تجارب كاملة بلا نقائص فإننا اشرنا الى ضرورة مراجعة الأجور التي يتحصل عليها أعضاء إدارة التحكيم وهنا ثارت ثائرة السيد المذكور. سوء فهم 1 الملاحظة الأولى هي أن السيد يونس السلمي لم يفهم ما كتب اذ كنا نقصد بالبدعة أن احتراف ادارة التحكيم بدعة بالمقارنة مع كان موجودا في تونس ليس مع الوجود في فرنسا أو غيرها وحتى لو أخذنا هذا المنحى فان المقارنة لا تجوز لأن التحكيم الفرنسي محترف وله مداخيل طائلة جدا ولذلك لا غرابة أن يتحول رئيس اللجنة الفرنسية للتحكيم الى مليونير في ظرف 4 أشهر أما تحكمينا فيعيش مرحلة ما تحت الفقر والدليل أن الحكام الشبان الذين اجتمع بهم السلمي الجمعة الماضي مازالوا لم يتحصلوا على منحهم منذ بداية الموسم وهناك من اعتزل التحكيم قبل أن يبدأ التجربة ولسنا ندري لماذا تتوفر الأموال للسلمي فقط ويعلم الشبان أنه لا يمكن أن يطالبوا الآن بمنحهم لأن الظرف لا يسمح. سوء فهم (2) سوء الفهم الآخر الذي وقع فيه رئيس لجنة التحكيم هو أن الثورة التونسية قامت أساسا ضد الذين «تكرشوا حتى صاروا بلا رقبة» على حد عبارة مظفر النواب أي الذين يشغلون 5 أو 6 مناصب في نفس الوقت في حين يعاني حاملي الشهائد من «غصة في القلب» عندما يقطعهم 40 ألف خنجر وهم يطلبون امهاتهم كل صباح ثمن السيجارة ولم يفهم السيد المذكور أن بطالة هؤلاء ليست بسبب بلدنا الفقير بل بسبب من يجمع بين أكثر من منصب من الوظيفة العمومية الى المناصب الشرفيه المدفوعة الأجر مثل رئيس المجلس الجهوي ومدير المهرجان ومدير كل المنظمات الخيرية وغير الخريق. والادهى والأمر أن هذا الجامع بين عديد الوظائف هو في الأصل من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع. لماذا السلمي? بقطع النظر عن فهم السيد يونس السلمي الذي قد يأتي متأخرا فان هناك سؤالا حان وقت طرحه لماذا السلمي على رأس لجنة التحكيم? وهل هو أفضل من كل الحكام السابقين أو حتى من العاملين معه في إدارة التحكيم الا يعلم يونس السلمي أن تونس كانت حاضرة تحيكميا في 11 كأسا افريقية و 4 كؤوس عالمية ولم يكن هو من بين الحاضرين وأنه لم يرتق الى مستوى الهادي السعودي وعلى بالناصر وناجي الجويني ومراد الدعمي الذين مثلوا التحكيم التونسي في المونديال? ألم يعلم أن اقامته في القائمة الدولية للتحكيم لم تتجاوز السنتين في حين قضى علي بالناصر مثلا 15 سنة ألم يعلم أنه كان معاصرا لناجي الجويني الذي شارك في كأسين عالميتين ومثلهما افريقيا في حين لم يتجاوز هو المطار? ألم يعلم أن وجوده على رأس اللجنة أصبح يطرح أكثر من سؤال ألم يعلم أن العاملين معه الان أكثر كفاءة ( والارقام تؤكد ذلك) وإذا قضى هو في القائمة الدولية سنتين فقط فان تجربة الدعمي امتدت من 95 الى 2007 وقيراط من 97 الى 2005 ونويرة من 94 الى 2003 وبن خديجة من 83 الى 95 وهذا يعني أن طريقك الى رئاسة اللجنة كان بفضل الدعم الخارجي وليس بفضل السيرة الذاتية. شيبوب رئيس لجنة التحكيم!! إذا كان السيد يونس السلمي لا يعلم العديد من الأشياء فلا أعتقد أنه لا يعلم أن كل التونسيين كانوا يعرفون أن رئيس لجنة التحكيم الحقيقي في فترة السلمي الأولى على رأس هذا الهيكل هو سليم شيبوب وهذه حقيقة تعلمها حتى «خالتك الصالحة» جارتنا اذ كان رئيس الترجي الاسبق يتولى تعيين حكام كل المقابلات وليس مقابلة الترجي فقط وكان المنافس الأول للترجي النجم الساحلي في عهد السيد عثمان جنيح ولذلك كانت هناك حرب معلنة على هذا الفريق وعلى رئيسه ويتذكر الجميع حادثة محسن بلعيد الذي عينه السلمي لادارة «الكلاسيكو» رغم أننا تعودنا الا يدير مثل تلك المقابلات في تلك الفترة الا الاجانب أو الدوليون وحدث ما حدث ولا فائدة في التذكير بما حصل لعبد القادر كايتا وكذلك لطارق التايب وبنزا وغيرهم كثير. المقارنة لا تجوز أراد السيد يونس السلمي أن يضع نفسه في مقارنة لا تجوز أصلا ووضع نفسه في كفة ومارك باطا في كفة أخرى والحقيقة أن الفرنسي أدار 130 مباراة دولية ولا تتجاوز مقابلات السلمي عدد أصابع اليد ويسير الفرنسي هيكلا محترفا يتكون من حوالي مليوني حكم في حين يسير التونسي هيكلا يتكون من المتطوعين الذي يعملون مقابل الوعود فقط.