أبدت عواصم غربيّة ردود فعل على الأحداث الجارية في ليبيا تراوحت بين التهديد بعقوبات الى التعبير عن القلق من تصاعد العنف الدامي ضدّ المحتجين على نظام العقيد معمّر القذافي، فيما تستعد شركات نفط أجنبية لاجلاء موظفيها بعد أن أصبح الوضع مقلقا و«خطيرا جدا» حسب مراقبين. وأدانت الولاياتالمتحدة بشدة الحملة العنيفة التي تشنها ليبيا على المحتجّين مستشهدة بتقارير وصفتها بأنها ذات مصداقية عن سقوط مئات القتلى والجرحى وهدّدت باتخاذ كل الاجراءات الملائمة ردّا على ذلك. قلق أمريكي وأبدت الولاياتالمتحدة قلقها العميق ممّا يحدث في ليبيا. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي «أبدينا لعدد من المسؤولين الليبيين اعتراضنا القوي على استخدام القوة المميتة ضدّ متظاهرين سلميين». وأشارت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا الى أن الحكومة الليبية قد تواجه عواقب إذا لم تلتفت الى التحذيرات لكبح جماح قواتها الأمنية واحترام حق المواطنين في الاحتجاج. وقال مسؤول أمريكي «نبحث كل الاجراءات الملائمة» دون أن يحدّد نوعية الاجراءات التي قد تلجأ إليها واشنطن. ورغم هذا التنديد والتهديد فقد أحجم المسؤولون الأمريكيون عن الدعوة الى تغيير الحكومة في طرابلس بعد أكثر من أربعة عقود أمضاها القذافي في السلطة. وفي لندن دعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الدول الغربية الى التنديد بالقمع الجاري في ليبيا للمظاهرات المعارضة للنظام. وقال هيغ «أعتقد أن علينا زيادة الضغوط الدولية على ليبيا»، مضيفا أن «بريطانيا تدين ما تقوم به الحكومة الليبية وطريقة تعاطيها مع هذه المظاهرات وتعول على دول أخرى للقيام بالمثل». واستدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير الليبي في لندن للاحتجاج على ما يجري في ليبيا. وكانت مدن بريطانية شهدت أمس الأول مظاهرات منددة بالقمع في ليبيا. من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا باروان أمس إن على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه حتى لا تنزلق ليبيا الى حرب أهلية. وأضاف باروان في مقابلة مع إذاعة «أوروبا1» يساورنا قلق بالغ ونشعر بصدمة شديدة وندين ما يحدث بقوة، هذا العنف الذي لم يسبق له مثيل الذي قد يتحول الى حرب أهلية طويلة شديدة العنف». وقال: «بدأ القمع ويجب بذل كل الجهود على المستوى الديبلوماسي لتنسيق المواقف الأمريكية والأوروبية لمنع حدوث شيء عنيف». اجراءات أوروبية ويعتزم الاتحاد الأوروبي إجلاء رعاياه من ليبيا وخصوصا من مدينة بنغازي معقل المعارضين على بعد ألف كلم شرقي طرابلس. كما أعلنت وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خيمينث أمس. وقالت الوزيرة الاسبانية على هامش اجتماع مع نظرائها الأوروبيين في بروكسل «إننا قلقون للغاية، وننسق عملية إجلاء محتملة لمواطني الاتحاد الأوروبي من ليبيا وخصوصا من بنغازي». وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إن الاتحاد «يحث السلطات على ممارسة ضبط النفس والهدوء والامتناع فورا عن استخدام آخر للعنف ضد المتظاهرين السلميين». وأكدت أشتون أنه «لا بدّ من معالجة الطموحات والمطالب المشروعة للشعب من أجل الاصلاح من خلال حوار مفتوح وجاد تقوده ليبيا»، لكنها لم تتحدث عن مساندتها لمطلب تغيير النظام. وفي هذا الاطار ذكرت المجر التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي أنّ ليبيا هدّدت بوقف التعاون مع الاتحاد في قضية الهجرة إذا استمرّ في «الادلاء بتصريحات تأييد للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في ليبيا». من جهة أخرى أعلن متحدث باسم شركة «بريتش بتروليوم» (بي بي) أمس أن الشركة النفطية العملاقة ستجلي من ليبيا قسما من موظفيها البالغ عددهم الاجمالي 140 موظفا، وذلك بسبب أعمال العنف هناك. وأعلنت المجموعة النفطية النرويجية «ستيت أويل» من جانبها أمس أنها بدأت بإجلاء مجموعة من موظفيها الأجانب العاملين لحسابها في ليبيا بسبب تدهور الوضع الأمني.