وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على تأمين الشريطين الحدوديين البري والبحري    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    تقديم المباراتين الوديتين للمنتخب التونسي امام موريتانيا والاردن    الدكتور ذاكر لهيذب: '' كتبت التدوينة على البلايلي وساس وقلت يلزم يرتاحوا ما كنتش نستنقص من الفريق المنافس''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    بقرار أمريكي.. سوريا تستعيد حضورها في قلب واشنطن    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    وزير الداخلية: برمجة انتداب 2900 خطة جديدة لفائدة الأسلاك الثلاثة    عاجل-فرنانة: تفاصيل حادثة سقوط السقف وسط قاعة التدريس!    مشروع قانون المالية: الزيادة في الأجور... بين 50 و100 دينار.. التفاصيل!    وزير السياحة يبحث مع نظيرته الإيطالية سبل تطوير التعاون الثنائي في المجال السياحي    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    نائب محلي بعد سقوط سقف قاعة تدريس في فرنانة: "نبهنا مسبقًا إلى وضعية البنية التحتية للمؤسسات التربوية"    مجدي الكرباعي يكشف عن "مافيا بيئية" تنشط بين تونس وايطاليا من خلال تجارة الملابس المستعملة    رئيسة الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين: الأسعار الحالية لا تغطي كلفة الإنتاج والفلاحون في انتظار تنفيذ القرارات الرئاسية    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    المحامية دليلة مصدّق تؤكّد أن صحة شقيقها جوهر بن مبارك في خطر رغم زيارة الطبيب له    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    نواب مجلس الجهات والأقاليم يثيرون استقلالية المجالس المنتخبة وعلاقتها بالسلط الجهوية والمحلية    تونس/الصين: بحث سبل تعزيز التعاون السياحي    افتتاح الوحدة الثالثة في تونس للشركة العالمية في صناعة الأدوية " حكمة" بقيمة استثمارية تقدر ب 50 مليون دينار    هذا النجم المصري يعلن انفصاله رسمياً عن زوجته... التفاصيل    ظاهرة طبية مقلقة: عندما تسبّب الأدوية الألم بدلاً من تخفيفه... كيف ذلك؟    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    مونديال تحت 17 عاما: المنتخب التونسي يترشح إلى الدور السادس عشر    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    ميناء رادس: 20 سنة سجنا لمهرب المخدرات وشريكه    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    المتلوي: وفاة ستيني بعد إصابته بطلق ناري من سلاحه    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    الرابطة الثانية: التعادل السلبي يحسم لقاء سبورتينغ بن عروس وسكك الحديد الصفاقسي    يوسف بلايلي يُعلن إصابته ويودّع الجماهير برسالة مؤثرة    بعد 20 يوما من سجنه: هذا ما تقرّر في حق ساركوزي..#خبر_عاجل    عاجل/ وزير التجارة: صابة قياسيّة في زيت الزيتون والتمور والقوارص    تقلبات جديدة ..كيف سيكون الطقس طيلة هذا الأسبوع؟..    تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30    الترجي الرياضي: نهاية موسم "يوسف بلايلي"    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 30 بالمائة في ما يتعلق بالحبوب و79 بالمائة في الأعلاف    عاجل: الزّبدة مفقودة في تونس...الأسباب    الأهلي بطل للسوبر المصري للمرة ال16 في تاريخه    عاجل: هذه الدول العربية تحت تأثير الكتلة الحارة    علاش فضل شاكر غايب في مهرجانات تونس الصيفية؟    عاجل: غلق 3 مطاعم بالقيروان...والسبب صادم    دواء كثيرون يستخدمونه لتحسين النوم.. فهل يرتبط تناوله لفترات طويلة بزيادة خطر فشل القلب؟    أفضل 10 طرق طبيعية لتجاوز خمول فصل الخريف    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل دعوة لإنتخاب مجلس تأسيسي
نشر في الشروق يوم 02 - 03 - 2011

أجبر رئيس الجمهورية التونسية السابق على الفرار الى خارج البلاد مساء يوم 14 جانفي 2011 اثر الثورة الشعبية العارمة التي عمت جميع ربوع البلاد بعد أن تولى حل الحكومة التي كانت قائمة آنذاك وبقي الشعب يعاني تلك التركة القانونية والسياسية التي خلفها له ذلك الرئيس المخلوع ،وقد كانت طريقة خروجه من السلطة آخر خرق من طرفه لدستور البلاد تلك الطريقة التي تخلى بمقتضاها عن رئاسة البلاد الا وهي الهروب دون ان يكلف نفسه حتى تقديم كتب استقالة أو الاعلان عن تنحيه للشعب التونسي، فالهروب الذي اعتبره المجلس الدستوري من قبيل الاستقالة لإسناد رئاسة الدولة لرئيس مجلس النواب بصفة وقتية لا يمكن مطلقا أن يكون كذلك مهما كانت طريقة الشرح والتفسير المعتمدة لأحكام الدستور باعتبار أن تلك العملية لم تكن مطلقا بصفة ارادية بل انها بمثابة الخلع الشعبي أو الاقالة الشعبية لرئيس لجمهورية وهي مسألة لم تنظمها أحكام الدستور بل أنها جاءت كنتيجة طبيعية لثورة الشعب التونسي.
فالثورة في مفهوم القانون الدستوري هي حركة شعبية جماهيرية، عنيفة أو سلمية غير قابلة للمقاومة تهدف الى احداث تغيير جذري في النظام القائم وجميع القوانين التي كانت تنظمه وفي مقدمتها الدستور واستبداله بدستور جديد يؤسس للنظام الذي تهدف الثورة الى ارسائه، فهل يمكن القول اليوم إن الثورة التونسية أسقطت الدستور وأنها تتجه نحو دستور جديد.
لا جدال في أن الشعب التونسي ثار ضد النظام القائم والمقصود بالنظام هنا هو أولا وقبل كل شيء النظام السياسي والخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كان ينتهجها.
وإذا ما كان الأمر كذلك فإن هروب رئيس الجمهورية وتولي رئيس مجلس النواب مهامه بصفة وقتية لا يعني مطلقا ان الثورة أطاحت بالنظام الذي كان الرئيس الهارب يحكم بمقتضاه البلاد والعباد بل بالعكس ان تلك العملية يمكن أن تكون استمرارا له ويمكن أن تؤدي ولو على سبيل الافتراض، الى إعادة انتاج نفس النظام السابق والاكتفاء بمجرد إصلاحات لغاية ربح الوقت والإلتفاف على الثورة ومن ثمة العودة الى الوراء بطريقة أو بأخرى لاسيما إذا ما تم الاكتفاء بالدعوة لإنتخاب رئيس للجمهورية وفق أحكام دستور النظام السابق.
إن جملة تلك الملاحظات تطرح نفسها بناء على ما نعيشه اليوم من غموض لدى السلطة القائمة من خلال إصرارها على التشبث بتلابيب دستور الرئيس المخلوع والتباطؤ في الاعلان عن نتائج أعمال تلك اللجنة لإقتراح اصلاحات سياسية بالبلاد والحال أن أعمال تلك اللجنة يفترض أن تكون أسرع من عمل أي لجنة أخرى لحاجة البلاد الأكيدة والعاجلة لمشروع النظام السياسي المرتقب ولمعرفة أعضائها وجميع المختصين في القانون الدستوري والمهتمين بالشأن السياسي بالحالة التي كان عليها دستور البلاد منذ إقراره سنة 1959 والذي كان بمثابة الألعوبة بين أيدي رئيسي الجمهورية السابقين يقومان بتعديله حسب الطلب طبقا لأهوائهما ومشيئتهما ويكفي الاشارة في هذا الصدد الى تلك التعديلات المتلاحقة والمتعددة والمتسارعة لأحكامه لغاية إستنباط الأحكام دستورية والقانونية التي لا تتوفر إلا في الرئيس القائم كلما دعته الحاجة اليها... الخ.
وقد كانت تلك الأوضاع الدستورية من الأسباب الحقيقية والدفينة التي بقيت تتراكم في صدور التونسيين حتى جاءت اللحظة المناسبة التي هبوا فيها جميعا مطالبين بإسقاط النظام وقد تمكنوا من الاطاحة برأس ذلك النظام خلال 27 يوما ثم تواصلت الثورة بأشكال مختلفة للمطالبة بالشروع في تركيز الآليات اللازمة والضرورية لتجسيم النظام السياسي البديل عن النظام المطاح به، غير أنه الى حد هذه اللحظة يبدو أن السلطة الوقتية القائمة غير متفاعلة بالشكل الكافي مع المطالب الشعبية، فهي الى الآن لم تفصح عن نيتها الحقيقية وعن موقفها النهائي من الوضع الدستوري القائم الذي يتجه يوما بعد آخر الى التأزم.
ان كل يوم يمر يؤكد عدم صحة الحلول والخيارات التي تحاول السلطة القائمة تمريرها ضرورة ان ما تبقى من تلابيب دستور العهد البائد سينتهي بالضرورة بموفى المهلة القصوى للرئاسة الوقتية والمقدرة بستين يوما والتي لم يبق منها سوى بعض الايام المعدودة لنجد انفسنا يوم17 مارس 2011 خارج نطاق القانون ولن تنفذ حتى نظرية القوة القاهرة المشار اليها بالفصل 39 من الدستور التي يحاول البعض تسويقها لإنتفاء أركان وشروط انطباقها واقعا وقانونا.
ولذا فإنه لا مناص للسيد رئيس الجمهورية المؤقت من التحلي بالوطنية في هاته اللحظات التاريخية والمبادرة بإصدار مرسوم يدعو فيه الناخبين الى انتخاب مجلس تأسيسي تكون له المشروعية الشعبية بواسطة الاقتراع على الأفراد الحر والسري والمباشر حتى تتوفر فرصة حقيقية لكافة أفراد الشعب التونسي وخصوصا تلك القاعدة العريضة من شبابه ومثقفيه وفئاته الاجتماعية التي شاركت في الثورة وحافظت على استمراريتها دون أن تكون تابعة لأي طرف سياسي من ممارسة حقها في الانتخاب والترشح بعيدا عن أي شكل من أشكال الهيمنة وتسمح بإفراز العناصر النوعية القادرة على صياغة دستور جديد للبلاد يكون قادرا على ضمان التأسيس لنظام سياسي ديمقراطي حقيقي يقطع تماما مع النظام السابق ويحول دون توظيف أحكام القانون للإنفراد بالسلطة وفي ذلك استجابة للإرادة السياسية للجماهير الشعبية ولآراء ومواقف فقهاء القانون الدستوري واستئناسا بتجربة آبائنا وأجدادنا إبان الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي حيث تمكنوا رغم قلة تجربتهم بالمقارنة مع عصرنا الحاضر من انتخاب مجلس قومي تأسيسي كان له الفضل آنذاك في الانتقال بالبلاد من النظام الملكي الى النظام الجمهوري.
بقلم : الأستاذ عبد الستار البرهومي (المحامي لدى التعقيب بسيدي بوزيد)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.