بعد التحية والاحترام لشخصكم ونضالكم المتجدد في خدمة التراث والثقافة بوجه عام فإني أراسلكم بصفتي مواطنا أولا يهمه ما تعرّض له التراث التونسي من تشويه ونهب مسّ كل مكوناته والمتدخلين فيه طيلة سنين ولكني أكتب إليكم بصفتي باحثا وأكاديميا عمل طويلا في مجال التاريخ والآثار والتراث وتحمل كغيره بعض المسؤوليات الادارية في مجالي الأرشيف والتعليم العالي، وفي هذا الصدد وبعد الاطلاع على الإجراءات التي بادرتم باتخاذها في قطاع التراث تحديدا والمنسجمة مع مبادئ الحرية والكرامة والتشغيل التي جاءت بها الثورة المجيدة وقيمها أتوقف عند مشروع «الرائد» لرقمنة التراث الوطني وتوثيقه، وليس المجال هنا للحديث في هذا المشروع وفلسفته وطرق تنفيذه وإنما أريد أن أذكر سيادتكم بأن المعهد العالي لمهن التراث بتونس قد بادر منذ سنة 2006 بإرساء تكوين علمي وتطبيقي فريد من نوعه في الجامعة التونسية ويتمثل في الإجازة التطبيقية في توثيق التراث وتنميته، قد انبنى التكوين على تلقي الطلبة دروسا نظرية وتطبيقية في معرفة التراث بجميع مكوناته أولا الى جانب الدروس التطبيقية في رقمنة التراث وتوثيقه وتنميته بوجه عام، ونحن نعتقد أن الحاجيات أكيدة لهؤلاء الخرّيجين ليكونوا قاطرة لمشروع «الرائد» وأن يعملوا الى جانب بقية حاملي الشهائد العليا من بقية الاختصاصات، فتونس لكل التونسيين مع الأخذ بعين الاعتبار في المقاييس المعتمدة للانتداب مقياس التخصّص العلمي الدقيق لما له من تأثير على نوعية الانجاز وجودته وارتقائه الى المقاييس الدولية. أرجو، سيدي الوزير، أن تأخذوا بعين الاعتبار أهمية الموارد البشرية المتخصصة في الحفاظ على التراث وإعادة الاعتبار إليه ووضع خطة واضحة المعالم لتسديد حاجيات المواقع والمتاحف والمخازن وغيرها من الهياكل والمؤسسات من إطارات شابة ومتعلمة، فقد ظلّت أغلب الهياكل سنين طويلة خالية من بعض العملة غير المؤهلين أوحكرا على بعض المسؤولين المتعالين عن تشريك الكفاءات الشابة والأخذ بيدها والإيمان بقدراتها على خدمة التراث. في الختام، أرجو لكم سيدي الوزير النجاح والتوفيق في مهامكم التاريخية. الأستاذ جمال بن طاهر