تونس «الشروق»: قال السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة ان رئيس الدولة أخذ بعين الاعتبار تطلع ورغبة الأغلبية الساحقة من التونسيين في القطع مع الماضي وانتخاب مجلس تأسيسي يعد دستورا جديدا ويفتح الباب للبلاد للدخول في عهد «الجمهورية الثانية». وكان قائد السبسي قد افتتح تصريحه الصحفي أمس بقصر قرطاج بتلاوة عدد من الآيات القرآنية أشار الى أنها تتضمن معان سامية من أبرزها الصدق في القول والاخلاص في العمل ونظافة اليد والشفافية وقال في هذا الصدد أعدكم بأن تكون هذه القيم هي شعاري وشعار الحكومة المؤقتة التي ستعمل معي». قبول بعد تردد ولاحظ المتحدث أنه قبل تولي مهمته الجديدة بعد تردد وذلك لايمانه بجدية ودقة اللحظة التاريخية التي تعرفها البلاد، وأكد أن المهمة لن تكون سهلة وهينة بالنظر الى الصعوبات الموجودة اليوم: «نحن اليوم أمام ثورة أصيلة غير مؤطرة ولا زعامة لها، ونحن نطمح الى المحافظة على هذه الثورة وبناء دولة جديدة تكون وفية لمن ضحى من الشهداء، وهذه مسؤولية وأمانة كبرى حملتها عن طيب خاطر» وواصل: «واعتقد أن الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في اليومين القادمين سيكون كذلك دورها تحمل هذه الأمانة لكن عن طيب خاطر أيضا». وفي حديثه عن التركيبة الحكومية الجديدة لاحظ قائد السبسي أنه لم يتم اقصاء أحد ولكن تم وضع اتفاق شرف بين الراغبين في الانضمام الى الحكومة مفاده عدم الترشح للانتخابات القادمة وحتى يتم التفرغ بالجدية المطلوبة لانقاذ الدولة وخدمة مسار انجاح الثورة وتطلعات الشعب في دولة جديدة. مكاسب وعقدان من الظلام وفي معرض حديثه أبرز قائد السبسي أن الاسلاف خلفوا دولة تونسية صرفة خالية من كل وجود أجنبي، دولة حررت المرأة وعممت التعليم على أبنائها، ولكن وبالرغم من كل تلك المكاسب ومن صيت تونس في العالم فقد عاشت البلاد عقدين من الظلام: «عصابة مفسدين، أكلوا من لحم الشعب ومن دمه ومن ماله ومن مكاسبه، ولا أجد الا مقولة ابن أبي الضياف معبرة عن الحال التي كانت عليه البلاد: «أوتيت حكما فترعانا... لتأكلنا: أذئب انت أم راع». وأشار المتحدث الى ان البلاد حاليا بصدد الخروج من ذلك الظلام وبالتفاف الشعب حول دولته سيتغير الكثير وستنجح الخطة التي أعلن عنها رئيس الدولة في خطابه الأخير». استعادة الأمن وأضاف الباجي: «نحن الآن أمام مسؤوليات تاريخية على رأسها تحقيق تطلعات الشعب في مجلس تأسيسي واستعادة الأمن والاستقرار وعودة العمل... وفي هذه الحكومة الباب مفتوح لمن أراد أن يبقى أو أن يغادر وهناك من عبر عن رأي مخالف ونحن لا نرى مانعا في وجود رأي مخالف ونأمل من الشعب أن يدعمنا دون أحكام مسبقة». ولاحظ المتحدث ان كلام رئيس الدولة كان واضحا ودقيقا وموثقا ورسم خريطة طريق حولها اجماع وطني واسع وقال سنعمل على ارجاع الهيبة للدولة بالأساس وهذه الهيبة لا تكون الا باستتباب الامن في كل الجهات ولدى كل الفئات وفي كل المؤسسات. واعتبر أن قضية استيتاب الأمن ليست مسألة هينة... لقد كانت هناك حالة تعفن وتفكك ولا يمكن الاصلاح والتدارك في أجال قصيرة لتحقيق النقلة المنشودة. الحرير والأشواك وشبه قائد السبسي القطع مع الماضي بسلبياته وتجاوزاته ك«تخليص الحرير من الأشواك»، وقال: أنا ليس لي أي التزام لا مع شخص ولا مع حزب ولا مع أي جهة أخرى... ولابد من الجدية وأخذ القرار بصفة جدية ودقيقة وسنعقد جلسات للنظر بدقة في كل الملفات المطروحة... وسنبدأ حالا بالعمل على استرجاع الأمن بكل جدية ونحن نعلم ان الزمر لن يكون هينا فالقضية تتطلب وقتا... كما أن المسائل معقدة وشائكة ونحن لا نريد ان نظلم أحدا «لابد من فرز الغث من السمين». وأكد على أنه سيتم اتخاذ الاجراءات والقيام بالتتبعات ولكن دون تجن. خيانة عظمى وتفاؤل واعتبر المتحدث الرئيس المخلوع قد ارتكب الخيانة العظمى حينما تخلى عن مسؤولياته كرجل دولة في ضمان الأمن والاستقرار كما أنه لا يعقل ان يغادر مكانه وهو القائد الأعلى للجيوش. وعبر الوزير الأول المؤقت عن تفاؤله بالمستقبل وقال: سننجح في خطتنا لانقاذ الدولة... مؤكدا على أهمية ودقة الظرف الاقتصادي اذ كل المؤشرات تدفع الى ضرورة السرعة والتحرك لتفادي الوقوع في كارثة اقتصادية لا قدر الله وشدّد الوزير الاول على أنه لا يكسب من مال الدنيا شيئا الا سيارة وحتى المنزل الذي كسبه أضاعه خلال خلافه مع بورقيبة وختم بمطالبة الشعب بأن يحكم عليه «حسب قياسو» اي وفق طاقته.