«كاف غراب» حمادة بمنطقة أكودة،سميت كذلك لأنها كانت ملجأ للغربان زرعها أصحابها زياتين وكروما وغراسات أخرى، أرض مرتفعة مجانبة للمنطقة السياحية«القنطاوي» مطلة على البحر مثلما تشكل في جزء منها محطة تطل على المنستير والحمامات، ومن ملجإ للغربان المسالمين أصبحت منذ بداية سنة ألفين مطمعا ل«غربان الإنس» وما إن علموا «آل الطرابلسي» بإمكانية استثمار موقعها من طرف احدى العائلات المالكة لمساحة كبيرة من هذه الأرض حتى حاولوا بكل الطرق الاستحواذ عليها فتحول اسمها الى «خليج الملائكة» ولا ندري أي نوع من «الملائكة»! السيدة هويدة بن عثمان متحصلة على الأستاذية في الإنقليزية والأستاذية في تاريخ الفنون بإيطاليا هي صاحبة فكرة الاستثمار السياحي في هذه الأرض التي تملك عائلتها فيها مساحة تفوق الهكتارين،ورغم أن هذه السيدة كانت محظوظة من حيث موقع هذه الأرض المتميز والمطل على كل منطقة القنطاوي وهي مركز مطل أيضا على المنستير والحمامات مما جعلها تفكر صحبة عائلتها في استثمار هذه الأرض في مشروع سياحي وثقافي وبالفعل أنجزت دراسة لهذا المشروع الضخم وبحكم تدريس هذه السيدة بإيطاليا ربطت الصلة بعدة مستثمرين من هناك ومن دول أخرى تحصلت على موافقتهم في المساهمة في هذا المشروع الذي حددت ميزانيته بخمس ملايين دينار. وبعد جهد جهيد تحصلت هذه السيدة على موافقة من ولاية سوسة بعد أن أقرت وزارة البيئة والتهيئة الترابية إنجاز فضاء المنتزه الحضري «الحمادة» وكانت الموافقة ممضية من طرف والي الجهة في تلك الفترة عبد الرحمان الإمام بتاريخ 15 سبتمبر 2000، ولكن لم يكن النصيب من الحظ بالكافي لمواجهة الأطماع التي أرادت أن تستولي على حلم هذه السيدة وتشكلت هذه الأطماع في البداية في إطار ما يسمى «الصالح العام» ومنها كانت بداية الاقتراح بالبيع تصل الى أب السيدة هويدة نور الدين صاحب جزء كبير من هذه الأرض الذي كان رافضا شكلا ومضمونا بيع أرضه التي يعتبرها «حلم أولاده وأحفاده» على حد تعبيره. من خلال لقاء جمعه ب«الشروق» صرح أن «التضييقات حاصرته منذ تعبيره عن رفضه بيع الأرض وتحولت الى تهديدات بافتكاك الأرض وجعلها مفترق طرقات وغيرها من الضغوطات والتي طالت حتى زوجته من حيث بث الرعب في نفسها بمكالمات هاتفية وبعض التصرفات اللا أخلاقية، ويضيف السيد نور الدين «لقد ساءت حالتي الصحية وتحولت حياتي وحياة عائلتي الى جحيم ورغم أن اخوتي باعوا مناباتهم لكني صمدت الى حد الانهيار عندما تأكدت أن أرضي سيقع انتزاعها بالقوة يوم جاء الرئيس المخلوع وزوجته للتعرف على هذه الأرض وتم نقل ماقاله للحاضرين هناك اليّ حيث قال بن علي لهم« مانحبش المشاكل ما تاخذوش الأرض بلاش اعطيوهم فلوسهم» وتوصل الطرابلسية الى معرفة محامي العائلة وكلفوه بالتفاوض دون علمنا وضغط عليّ حتى أبيع وإلا سأخسر كل شيء حينها انهرت ووافقت على البيع باعتماد خدعة الثمن حيث رفعت في المبلغ ولكن رفضوا مقترحين مبلغا جمليا قدره 500 ألف دينار وعند إمضاء العقد لم أنل إلا 475 ألف دينار وكان الطرف الذي بعت له شركة تدعى «الشركة التونسية لإصلاح المواد الدارجة» مقرها مقرين ممثلة في شخص وكيلها السيد منصور بن الحطاب بن محمد الصمعي. من «كاف غراب» الى «خليج الملائكة» تضيف السيدة هويدة «ما راعنا بعد مدة تحول منطقة «كاف غراب» الى تقسيمات سكنية بعد أن وقع إهداء قطعة كبيرة للرئيس المخلوع حتى يخفوا تجاوزاتهم وراءها وكانت«الشروق» قد كشفت في عدد يوم 26 جانفي الأرض التي سجلها بن علي باسم ابنه أياما قبل الثورة قدمت له هدية وهي بنفس عدد التسجيل الموجود في شهادة ملكية عائلتي لهذه الأرض وأمامكم الوثائق الدالة ، وفرط الطرابلسية في المساحات المتبقية للمقاول الذي تلقى من هؤلاء مساعدات لتسهيل حصوله على قروض وعندما وجد هذا المقاول صعوبات في التسديد التجأ الى بيعها الى العموم بأسعار خيالية بدأت بألف وخمسمائة دينار المتر المربع الواحد في تلك الفترة والآن فاقت بكثير ذلك السعر وما آلمني في المسألة أن تتحول أرضنا الى قصر لبن علي وتهدى له الأرض حتى يختفي من وراءها أصحاب هذه الصفقات والنوايا الابتزازية الذين حطموا آمالنا وذهبت مصاريف مشروعي أدراج الرياح وخاصة حجم الجهد والأتعاب التي أخذت مني أحلى سنوات عمري». وتوضحت لي المكائد الى حدّ التعجيز خاصة من خلال مشروع مصحة خاصة الذي تقدم به زوجي والذي قوبل بالرفض في العديد من المرات رغم أن كل مصاريفه من تمويلنا الخاص، علاوة على التضييقات التي تعرضت اليها من طرف مسؤولين جهويين، حيث كانوا يشوهون في سمعة مدرستي الخاصة للتعليم الابتدائي وهي حلمي الصغير الذي التجأت اليه لا للربح المال بقدر ماهو متنفس بالنسبة لي لعله ينسيني المكائد التي تعرضت اليها، وتواصلت المكائد من طرف مركب خاص للتعليم الابتدائي وهو من أكبر المدارس بسوسة والذي يجمع العديد أنه من تمويل أخت الرئيس المخلوع حياة بن علي مثلما طالت مكائد القائمين على هذا المركب العديد من المؤسسات التربوية الخاصة بسوسة قصد تجنب منافستهم». «إيلان» والسر الغريب! السيدة هويدة وقعت في مطب آخر في خضم حكاية لم تعلم أسرارها إلا لاحقا من هذه المطبات شخصية أخرى ظهرت على السطح تدعى «إيلان» التي جلبت ابنها للدراسة في مدرسة السيدة هويدة وبعد فترة تعارف اقترحت«ايلان» على السيدة هويدة فتح مدرسة تكوين سياحي أوروبية تقوم ايلان بجلب طلبة أجانب للتكوين تحت إطار صوري وهو الاتحاد الأروبي وتمكنت السيدة هويدة من الحصول على ترخيص في هذا الشأن وبعد مدة فراغ توافد على مدينة حمام سوسة مكان المدرسة طلبة من عدة دول من العالم تسلمت منهم«ايلان» الأموال وهربت تاركة إياهم في خصاصة حتى تورطت السيدة هويدة التي لما ذهبت لتقديم شكوى في ذلك وقع مماطلتها وتم إخفاء ملفها على حد تأكيدها وتم ترحيل هؤلاء الطلبة بعد تشردهم في تونس وحسب تأكيد السيدة هويدة أن وراء «إيلان» يقف أحد الطرابلسية إضافة الى محاولتهما القضاء عليها فإنهما يتقاسمان العملة التي يتحصلان عليها من طرف الطلبة اضافة الى تجاوزات أخرى استهدفت هذه السيدة التي كادت أن تسجن بعد أن اتهمتها «ايلان» بالسرقة. الأمل لا يعترف بالمستحيل قضت «الشروق» أياما في استجماع مختلف هذه المعلومات وأصعب اللحظات كانت يوم اصطحبتنا السيدة هويدة ووالدايها الى هذه الأرض وكانت المفاجأة حيث كانت الزيارة الأولى للأم وللسيدة هويدة لهذه الأرض منذ التفريط فيها فكانت بمثابة الصدمة حينما وقفوا أمام القصر الرئاسي ودخلوا ساحته وبدأ الأب والإبنة في استحضار ذكريات السنين من خلال بعض الآثار المتبقية في ما كانت الأم طوال الرحلة تبكي في حرقة وتشير الى البئر الموجود والبيت الذي كانت تحتضن فيه أطفالها واحتوى أحلى ذكريات العائلة ومما زاد في حرقتها أن المكانين لايزالان موجودين فكانت مفاجآت بالجملة أحلاها كان مرا. وأكدت السيدة هويدة ل«الشروق» أنها مازالت تعيش حالة نفسية سيئة ولا تشعر بالأمان وكل ما تطلبه هي وعائلتها الموسعة استرجاع أرضهم التي فرطوا فيها تحت الضغط وبأبخس الأثمان وتضيف في حماس«لا يعنيني القصر فيمكن لهم أن يهدموه أو يلغوه من الأرض إن أرادوا، فحلمي الحقيقي يكمن في الأرض ، هدفي ليس ماليا هو أبعد من ذلك لازلت مصرة على تحقيق مشروعي لأني دفعت مقابله أحلى أيام عمري والأهم من ذلك دفعت صحتي وراحة بالي».