ماتزال التطورات تتسارع داخل المشهد السياسي في علاقة بانشاء أحزاب جديدة والتجاذبات داخل ما يسمّى بالأحزاب القديمة أو التقليدية، وفي علاقة أيضا بأجندة الاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. «الشروق» التقت السيد حسين الهمامي منسق الهيئة الوقتية بحزب الوحدة الشعبية وبحثت معه الوضع داخل الحزب والموقف من بعض القضايا والملفات. شعارات الثورة صنّفت الأحزاب السياسية وأخذت موقفا واضحا من الأحزاب الموالية للنظام السابق.. كيف هو الحال داخل حزبكم في مواجهة هذا التحدّي خاصة أنّ حزب الوحدة الشعبية كان من أكبر المساندين للرئيس السابق؟ هذا التصنيف سياسي قامت به بعض الأحزاب السياسية والادعاء بالموالاة هو ادعاء خاطئ، فالموالاة كانت للوطن وللميثاق الوطني الذي أمضت عليه كل الأحزاب، هذا الميثاق الذي سرعان ما انقلب عليه الرئيس السابق وانطلقت الضغوطات على كل نفس ديمقراطي بما فيها الأحزاب والتي منها حزبنا. لكن عملنا بالرغم من ذلك كان عملا متواصلا في الجهات وككل الهياكل الحزبية عقدنا المواعيد في وقتها. كما لم نتخل عن مطالبنا في الاصلاح السياسي والديمقراطي من ذلك أن حزب الوحدة الشعبية كان من الداعين بالعفو التشريعي العام منذ جويلية 2000. كما دعونا الى نظام برلماني وتحرير الاعلام واستقلال القضاء، وبالرجوع الى برامجنا بما في ذلك برنامج 2009 سنجد هذه الرؤية وربما أخطأنا في المراهنة على الحوار مع النظام السابق علاوة على أن الأطراف الأخرى لم تكن متحمّسة للعمل معنا. كما يجب التأكيد على أن أغلب القوى السياسية كانت تفكر بأفق «الاصلاح السياسي» ولم يطرح منها أي أحد مهمة الثورة التي فاجأت أغلب الفاعلين السياسيين وستخلص الجميع بما فيها حزبنا من ضغوطات المرحلة السابقة واكراهاتها وستجعلنا من المساهمين بالبرامج والاقتراحات في عملية البناء الديمقراطي. إذن، ما الذي تغير في حزبكم بعد 14 جانفي؟ تماشيا مع المسار العام للثورة وبعد استقالة محمد بوشيحة الأمين العام السابق، شرعت الهيئة المؤقتة في عملية قراءة نقدية معمّقة لوضع الحزب لتجاوز كل أخطاء المرحلة السابقة والارتقاء الى مستوى ما تتطلبه المرحلة. وفي هذا السياق سيتم الاعداد إلى عقد المؤتمر الثامن للحزب والذي لن يتجاوز أفق شهر ماي القادم من أجل تصعيد قيادة جديدة تعيد ربط الحزب بجذوره التقدمية والاشتراكية وتتولى على هذا الأساس وضع الاستراتيجيات النضالية التي تنسجم مع الانحياز للطبقات الشعبية وتتمسك بالتوجه الديمقراطي. هل استقالة بوشيحة كافية للقطع مع الماضي؟ هذه الاستقالة تعتبر خطوة مهمة في اتجاه بداية القطع مع الماضي وعملية القطيعة النهائية لا تتم إلاّ عبر برامج سياسية واضحة وهياكل منتخبة ديمقراطيا. وقد كان لهذه الاستقالة انعكاسها الايجابي داخل الحزب وانطلقت عملية مصالحة واسعة مع عدّة رموز ومناضلين وقع تهميشهم وفرض عليهم الابتعاد عن الحياة الحزبية. لكن أمام حزبكم تحدّ آخر على غاية من الأهمية وهو المتمثل في عودة حركة الوحدة الشعبية وزعيمها أحمد بن صالح؟ هذا يؤكد تجذر تيار الوحدة الشعبية داخل المجتمع التونسي والتعدّد دليل صحة إذا تمكنا من التواصل والحوار ونحن لا يهمنا الحفاظ على المواقع بقدر ما يعنينا دور التيار ولهذا فنحن مستعدون لدراسة كل الامكانيات مع كل من يتبنى فكر الوحدة الشعبية. ولا ننكر في هذا الصدد أن رموزا وطنية صلب خط الوحدة الشعبية تمثل مرجعية نضالية صلب تيار الوحدة الشعبية كالسادة أحمد بن صالح ومحمد بلحاج عمر وجلول عزونة الذين نكن لهم كل الاحترام ونقدر دورهم النضالي التي مر بها التيار. كيف تنظرون الى طبيعة المشهد السياسي والحزبي الحالي في تونس؟ لقد خلقت الثورة وضعا جديدا ومهما لأن امكانية العمل العلني والحرّ، قد أصبحت متاحة أمام كل التونسيين وهذا انعكس ايجابيا على الحراك السياسي، وإن كل ما نخشاه وننبّه إليه في هذا الصدّد هو ضرورة التخلص من العقلية الاقصائية ولنعدّ معا المرحلة الانتقالية ونحتكم بشكل ديمقراطي وشفاف الى شعبنا من خلال الانتخابات وله أن يقرّر من سيتولى تصريف شؤونه في المرحلة القادمة. وإذا كنا نشعر أننا مستهدفين بالاقصاء من بعض الهيئات والمؤسسات فإن ذلك يمثل بالنسبة لنا حافزا اضافيا للعمل وللتمسك بهوية حزبنا التي تقوم أيضا على رفض كل أشكال الوصاية والتدخل الأجنبي والانتصار للقضايا العادلة في العالم.