إنه لمن نافلة القول أن نؤكد على وظيفة الثقافة كعامل تنمية للفرد والمجتمع وكرافعة للثورة ونتائجها المرجوة آنيا وآجلا. كما أنه من البديهي أن يكون ممثلو وزارتكم الموقرة بالجهات أناسا مثقفين، لهم علاوة على الخصائص و الشروط المستوجبة في الحالة الراهنة القناعات و المواقف المبدئية التي تعاضد الثورة التونسية الأنموذج حتى تكون الثقافة كما أسلفنا عامل بناء و تأسيس ودفع مع قطع كلي مع ما قبل 14 جانفي. إلا أنه سيدي الوزير و أنتم أعلم ، وأنا أتحدث عن جهة قابس حصرا ، أن السيد المندوب الحالي ليس أهلا لأن يتحمل هذه المسؤولية نظرا لما اتبعه من مواقف وسياسات تهميشية للثقافة و المثقفين بالجهة. لقد كانت مدينة قابس عاصمة للثقافة العربية بامتياز بشهادة جهابذة الفكر في الوطن العربي لكن تراجع وانحسار دورها ما انفك يتصاعد عاما بعد عام منذ تولي السيد المندوب الحالي لوظائفه. لقد انحصر دوره في طباعة برامج مستنسخة من سنة للأخرى خاوية من كل مضمون جدي. وكفاكم الرجوع إلى وثائق أنشطة المندوبية لتتبينوا حقيقة ذلك. سيدي الوزير تعد مدينة قابس قطبا جامعيا به ما يناهز 30000 طالبا، إلا أن غياب الفكر والعلوم الإنسانية عن المشهد الثقافي بالجهة حقيقة ولدت إقصاء الباحثين والجامعيين وعمقت الهوة بين المندوبية الثقافية والجامعة. ولم يسع المندوب فحسب إلى تهميش المثقفين بالجهة على مختلف اختصاصاتهم بل حرص على التصادم وخلق القطيعة معهم، وليس هذا مستغربا منه كسلوك عدائي إزاء كل مثقف حتى من خارج الجهة. يعلم الجميع سلوكه اللامتحضر مع وجوه ثقافية وطنية حلت بالجهة ك«فتحي الهداوي» و«فاضل الجعايبي» و«محمد الزرن». وما يعزز موقفه الخاص من أهل المسرح والسينما عرقلته لنشاط نادي السينما « الطيب الوحيشي» وبعض الفرق الجهوية للمسرح. كما أنه قد دأب طوال فترة توليه هذه الخطة على تهميش وإقصاء أهل الفكر الحر، فكان لذلك انعكاسات سلبية عديدة منها عزوف المثقفين الأحرار عن حضور الندوات المنظمة بالجهة وانحطاط مريع لمستوى مهرجان قابس الدولي المتميز أساسا بالنشاط الفكري، إلى جانب أنشطته الأخرى، والأمر نفسه لمهرجان «أبو لبابة الأنصاري». لم يتميز السيد المندوب إلا في مجال الدعاية السياسية للتجمع قبل 14 جانفي وقد ذهب به هوس الدعاية إلى حد عرض أفلام قصيرة تمجد الكتاب الأخضر خلال شهر مارس 2010. سيادة الوزير، لقد استبشر المثقفون بما صرحتم به في أحد اللقاءات التلفزية إلا أن نتائج الحركة الأخيرة كانت صدمة للغيورين على الثقافة بجهة قابس لذا نرجو منكم انطلاقا من الحرص على المسار الثقافي بجهتنا ومن التطلع إلى ثقافة وطنية صرفة تتماهى والثورة أن ترحلوا السيد المندوب الحالي عن خطة الإشراف على المندوبية الجهوية للثقافة بقابس بالشكل الذي ترونه مناسبا حتى يعود لقابس إشعاعها الثقافي الوطني والدولي.