٭ تونس «الشروق»: بات من شبه المستحيل في ظلّ الأجواء الحالية أن تدخل الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي إلى مُباشرة جدول أعمالها الموضوع منذ يوم 17 مارس الجاري والمتمثّل في تلخيص المرسوم عدد 6 المؤرّخ في 15 فيفري 2011 وتعيين نائب الرئيس والمقرّر العام والناطق باسم الهيئة وتقديم لجنة الخبراء ولجانها الفرعيّة وتقديم مشروع مرسوم يتعلّق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي. فإلى حد ساعة متأخرّة من مساء أول أمس لم يتوصّل «فرقاء» الهيئة إلى تحقيق وفاق يهمّ تركيبة اللجنة وسط تشبّث عدد هام من أعضائها بضرورة مراجعة التركيبة القائمة وحذف وجوه منها – قيل أنّها متواطئة مع النظام السابق ولا تمثّل وهج الثورة ولا صوتها - ، هذا مع تواصل التجاذب بخصوص حصّة الأحزاب والمستقلين داخل التركيبة والحرص على تحقيق تناسب بين الجهتين يضمن نجاح أعمالها المقرّرة حسبما قاله عدد من أعضاء الهيئة. الجلسة الثانية للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي جرت بصفة سريّة بعيدا عن أنظار وسائل الإعلام وفي ظلّ حراسة أمنيّة مشدّدة طلبها رئيس الهيئة بعد أن اجتاحت جماهير رافضة للهيئة بهو المجلس الاقتصادي والاجتماعي حيث تجري الأشغال هاتفة بعبارة الثورة المتميّزة «ديقاج dégage» ناعتة أعضاء الهيئة بنعوت الغدر والخيانة للثورة وشهدائها (تولّت فرقة من الأمن الوطني بالزي الرسمي سدّ المدرج المؤدي إلى قاعة الجلسات). وبحسب ما رشح من تدخلات نهار أمس فإنّ النقاش تواصل حول الطعن في التركيبة القائمة للهيئة وتقديم المقترحات بخصوص المراجعة الممكنة على قاعدة: تمثيل حقيقي للجهات تمثيل للشباب يتناسب مع دورهم في قيام الثورة. تمثيل متناسب بين ممثلي الأحزاب والشخصيات المستقلة. وذلك على خلفيّة ما اعتبره ممثلو الأحزاب الموجودة داخل الهيئة من وجود نيّة لإغراق الهيئة بشخصيات وطنيّة يُقال أنّها مُستقلة قد تلعب دورا مّا في مستقبل القانون الانتخابي للمجلس الوطني التأسيسي وسائر الأعمال المكلّفة اللجنة بصياغتها، في حين اتّهم أعضاء آخرون الأحزاب السياسيّة بتعكير أجواء الأشغال لغايات حزبيّة وسياسيّة وهي أساسا الدفع نحو إرجاء موعد 24 جويلية القادم. الاستغراب كان يُرافق جميع الحاضرين خارج قاعة الاجتماع وسط تمسّك رئيس الهيئة بسريّة الأعمال في ما يقول أنّه تنفيذ لأحد بنود المرسوم المؤسّس للهيئة والّذي ينصّ على تلك السريّة في الوقت الّذي يدعو فيه أعضاء من الهيئة بضرورة فتح أبواب القاعة للإعلاميين، وقد أفاد السيّد جلبار نقاش أنّه ليس هناك ما يجب أن يُخفى عن الصحافة والرأي العام ، هذا وقد غادر السيّد نقاش القاعة منذ بداية الجلسة رافضا صيغة السريّة والأبواب المغلقة ، في الوقت الّذي دعا فيه أحد أعضاء الهيئة وهو محمّد القوماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بأحقيّة الإعلام في متابعة الأشغال ونقلها للرأي العام وطالب المتحدّث بنقل الأشغال مباشرة للجمهور عبر الأنترنت أو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.