«الزفيتي» هو زخم من الحشرات الضارة إذا نزل على أي مزروع إلاّ وامتصّ منه ماء الحياة وعلّ ثمرته وأفسدها. وأحاله على الانكماش والذبول إلى حدّ الاحتراق فالتفحّم تماما. و«الزفيتي» هو نعت مأخوذ من كلمة «زفت» لأن هذا النوع من الحشرات إذا تجمع حول الأغصان تبدو وكأن الأغصان مطلية بالزفت فهو شبيه بالزفت تماما لونا وشكلا وصورة وانحلالا. و«الزفيتي» عند المزارعين في الريف هو بيض حشرة «الكوكسينال» حسب اعتقادهم ويسمون هذه الحشرة ب«عمّار» وهم يخيرون النار على عمار «الزفيتي» وليس 404 طبعا ويخيرون عمّار على أولاده حتى وإن كانوا زفتا سريع الالتهاب فادح المضرّة. و«الزفيتي» لا يحلو له موطن للفساد إلا في الأغصان الطرية اليانعة فهو يأكل الغصن ويتغطى بأوراقه فترى الغصن يرتدي جبّة سوداء وما في الجبة إلا الموت والفناء. و«الزفيتي» هذا يا سيدي لا يقصد أية نبتة إلاّ متى تفتحت أكمام زهرها وأينعت وأزهرت فباض فيها وفرّخ وكان الغصن معدوما والثمرة أعدم. خذوني على بداهة الفلاحين الريفيين الصغار ولا تمنحوني قرضا موسميا لمقاومة «الزفيتي» وإنما امنحوني جوابا «دفترا أبيض» للعلاج المجاني يشفي الغليل عن هذا السؤال الانشطاري أو لم نجمع من أجدادنا إلى أحفادنا على أن تونس خضراء؟ أو لم تزدها ثورة شعبها يناعة واخضرارا؟ أو لم تصبح كلها شجرة ثابتة في الأرض شامخة في السماء؟ أليست هي اليوم في موسم تفتح أكمام زهرها وانتشار أريجه في كافة أصقاع الدنيا؟ ألا تسيل كل هذه الصفات لعاب «الزفيتي». معذرة فمن شيم أهل الريف خوفهم على كل مزروع أو مغروس من المهد الى أن يثمر وتدرّ نعمته على الناس أجمعين. شخصيا أخشى على خضرائنا من «الزفيتي» وحتى وإن لم نسجل له حضورا فاعلا إلى حدّ الآن، فهذا لا يمنع من أن فينا من بدأ يشتمّ رائحة الزفت في أكثر من مكان «شم وقل لي»!!!