كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف من مساء السبت الفارط لما انزلقت سيارة وحادت عن طريقها لتتجه صوب قنال مجردة بضاحية منوبة، وكانت النتيجة ان توفي شابان غرقا في حين تمكن ثلاثة آخرون من النجاة.. «الشروق» نشرت الخبر إبان وقوعه، وللوقوف على الحقيقة التقينا البعض من أقارب الشابين المتوفين وأحد الناجين من هذا الحادث المروّع.. تفاصيل الحادث وجزئياته جاءت على لسان الشاب حسام الغانمي الذي لاح عليه الاضطراب الممزوج بلوعة فراق أقرب أصدقائه وبين لحظات الصمت والتيه يعود محدثنا بالذكرة حين ركب صحبة أبناء حيّه الاربعة بجهة الدندان وهم محمد الرياحي ووجدي برهومي والراحل محمد رامي التبيني والراحل زياد اللواتي وكانوا قد عزموا على القيام برحلة ترفيهية بعد ان أحسوا بالهدوء والأمان الذي عاد ليستتبّ من جديد في ربوع بلادنا العزيزة... وأثناء مرور السيارة بجهة منوبة وبحكم الظلام الدامس مرّ السائق من فوق ربوة صغيرة على الطريق حيث لم ينتبه اليها مما جعل السيارة تحيد عن طريقها لتتجه نحو قنال وادي مجردة. ويواصل حسام حديثه بالقول إنه اثناء سقوطها فتحت الأبواب ليخرج هو والشبان الاربعة من السيارة قبل ان تستقر العربة في قعر الوادي... وشرعوا في السباحة وطلب النجدة.. وصادف مرور سائق سيارة أجرة ومرافق له بالمكان حيث انتبها لما يحصل فخلعا ملابسهما الخارجية وربطاها في شكل حبل ليلقيا بها الى الشاب وجدي الذي تمكن من النجاة شأنه شأن محمد الرياحي ومحدثنا حسام. وبين لحظات التيه وعدم تصديق ما جرى عادت حالة الحزن لترتسم على محياه من جديد. حسن التبيني شقيق الضحية محمد رامي لم تكن حالته النفسية أفضل من حسام وكلام ممزوج بالألم والحزن تحدّث عن طبيعة شقيقه الراحل فقد كان رابط الصداقة والأخوة يجمعهما... لكنه رحل عن الحياة الدنيا ليظل طيفه في مخيلته... المرحوم كان مقبلا على الحياة وينشط في مولدية منوبة اختصاص كرة القدم... يحب الرياضة ومحبوب من الجميع فالابتسامة لا تفارق محياه لكن يد المنيّة اختطفته في ريعان الشباب وتلك مشيئة الله فإلى جنة الخلود يختم حسن التبيني حديثه عن أقرب الناس إليه.. ونفس الشأن للحالة النفسية التي كان عليها الشاب ياسين شقيق الراحل زياد اللواتي الذي رحل عن سن تناهز الثامنة والعشرين... ياسين تحدث بمرارة عن فراق شقيقه الأكبر لكن تلك مسألة قضاء وقدر فقد أراد ربّه ذلك ليرحل عن الحياة الدنيا لكن ما عرف عن المرحوم من طيبة أخلاق وحسن المعاشرة وتحمله للمسؤوليات كل هذه العوامل تترك اللوعة والأسى في نفوس كل من عرف المرحوم زياد اللواتي سواء من قريب او من بعيد... أثناء حديثنا مع حسن شقيق المرحوم محمد وياسين شقيق المرحوم زياد كان الناجي حسام الغانمي والذي واكب لحظات الرعب ورحيل الضحيتين في حالة من نفسية حرجة جدّا كيف لا وقد فارقه أعزّ الأصدقاء بالاضافة الى هول الواقعة التي ظلت كامنة في مخيلته وارتسمت على محياه لنختم اللقاء بالدعوة بالرحمة والغفران للضحيتين.