يبدو أن الثورة الوحيدة التي وجدت طريقها للانتشار بسرعة كبيرة جدا وزرعت بذورها في كل مكان هي ثورة الاشاعة التي أصبحت فعلا تحرّك الشارع التونسي عبر الشبكة العنكبوتية «الفايس بوك» هذا الموقع الاجتماعي الذي تحوّل الى مصدر للمعلومة بغثها وسمينها... وبالبريئة منها والمدسوسة... ثورة الاشاعة على الفايس بوك طالت الجميع... من عون الأمن الى أكبر الساسة ومن المسؤول الصغير الى الذي يحرّك خيوط اللعبة خلف الستار... ثورة الاشاعة على الفايس بوك أصبحت احدى وسائل تحريك الشارع التونسي لكشف ملفات مستورة أو أخرى كاذبة... لكن الى أين؟ وأين تكمن مسؤولية الصحفي في كل هذا حين يتحوّل قلمه الى أحرف ترقن على حائط الفايس أخبارا ليست كاذبة فحسب بل ووهمية القصد منها اثارة الرأي العام وبث البلبلة؟ ما القصد من تعريض البعض الى الخطر أو قتل البعض بكلمات قليلة في الحساب الفايسبوكي... أمس ومنذ الساعات الاولى سرت احدى الاشاعات كسريان النار في الهشيم اشاعة لم تكن صادرة عن مصدر مجهول بقدر ما كانت صادرة عن اسم اعلامي كتبها على حائطه فتبناها الكثيرون وكيف لا يقع تبنيها وهي صادرة عن السلطة الرابعة. الخبر في مجمله العثور صباحا على جثة رئيس منطقة باب البحر مذبوحا في مكتبه!! ... لم يكن الخبر صحيحا بقدر ما أحدث بلبلة لدى عامة الناس وأفزعهم وأدخلهم في لحظات في دوامة الشك حول تصفيات جسدية. بالتأكيد كنت احدى من تلقت هذا الخبر... لم أعلّق! لم أنف! بل توجّهت سريعا الى منطقة باب بحر لكشف سر الاشاعة وهناك التقيت رئيس المنطقة الذي كنت أعرفه بحكم عملي في قسم القضايا والأحداث، منذ سنوات طويلة... كان حيّا يرزق وكان يجيب على الهاتف الذي يرن باستمرار ليقول للجميع أنا حيّ؟ ماذا أفعل؟ هل أقاضي الصحافي؟ هل أعود الى بنتي لطمأنة أسرتي...؟ كان الخبر مجرد اشاعة... لكنها اشاعة تحمل الكثير من الخلفيات... اشاعة ثانية بعد أولى سربتها اعلامية تتحدث عن تعرض الوزير الاول لمحاولة اغتيال؟ ليس المعنى في الاشاعة كيف ولماذا؟ بل المعنى الأهم هل هي خطوة جريئة لضرب الاعلام وضرب المصداقية التي تمتلكها بعض الأقلام...؟ هل سيجعلون من الصحافة... مسربة للاشاعات حتى إذا ما تكلمنا يوما ما أو قريبا اتهمونا بالزور فتاريخنا أظلم. أقولها فقط من أجرّ اسمه للاشاعة فهي لا تعنيه الا هو، أما البقية فنحن لهم بالمرصاد... صرنا نعرف من يحرّك خيوط اللعبة. وندعو اليوم فعلا لتطبيق القانون حتى لو كان هذا المسرّب اعلاميا أو منتحلا لصفة اعلامي، لأن السلطة الرابعة في تونس ليست عجلة خامسة... السلطة الرابعة كمن كان يشاهد الكواليس والتمارين لذلك حين تعرض المسرحية يكون ملمّا بتفاصيل الختام وحتى حين يسدل الستار لن نكون وقتها تحت طائلة «انتهى الدرس أيها الغبيّ».