لا يختلف اثنان اليوم في أن أقوى وسيلة تواصل في تونس وفي العالم هو الموقع الاجتماعي «الفايس بوك» ومن ورائه وسائل الاعلام التقليدية الأخرى هذا الموقع الذي انطلق في تونس سنة 2008 وصل اليوم مستعملوه الى ما يقارب المليوني شخص، وقد تزايد عددهم ما بعد ثورة 14 جانفي بعد أن أصبح «الفايس بوك» مصدرهم للحصول على المعلومات. لكن يبدو أن هذا الموقع بدأ يفقد مصداقيته في الأيام الاخيرة خاصة من خلال ترويج بعض الأخبار الزائفة حيث أنه تحول الى وسيلة هتك أعراض وتصفية حسابات واستعماله كوسيلة لتعبئة الناس ودفعهم للعصيان المدني حتى أن بعض مستعمليه اتجهوا الى إغلاق مواقعهم. وحول مصداقية هذا الموقع الاجتماعي ال «فايس بوك» والمستفيدين منه وضحاياه وموقف القانون من ذلك «الشروق» تتطرّق للموضوع في أكثر من جانب. وسيلة إعلامية منذ أن أقدم البوعزيزي على حرق نفسه في سيدي بوزيد تحوّل ال «فايس بوك» الى وسيلة الاعلام الوحيدة للراغبين في مشاهدة ومعرفة أخبار الثورة بكامل الجمهورية حتى أن هناك من أرجع فضل اندلاع الثورة الى ال «فايس بوك» هذا الموقع الذي انطلق في بادئ الأمر كوسيلة للدردشة والتعارف لاغير تحوّل اليوم الى وسيلة اعلامية وقد أحدث مؤخرا ضجّة كبيرة في ما يتعلّق بالمحتوى الذي يتم تداوله عبر هذا الموقع وأثره على المستخدم وخياراته الاجتماعية والثقافية والسياسية وهو ما يعيشه التونسي اليوم ينام على موقف سياسي ليستفيق على موقف آخر حيث أن ال «فايس بوك» هو المتحكم في توجهاته وخياراته خاصة أن هذا الموقع مثّل لفترة ما إعلاما بديلا للاعلام الوطني حتى أن بعض وسائل الاعلام أصبحت تستخدمه كمصدر للأخبار لكن بالرغم من ذلك لم يكن يحتوي على مقوّمات الاعلام الحقيقي وكان وسيلة مضادّة للاعلام الرسمي. آلية لتسريب الأخبار وفي هذا الصدد يقول الصحفي ياسين إن ال «فايس بوك» هو آلية لتسريب الأخبار سواء كانت وهمية أو حقيقية وهذا من شأنه أن يبث البلبلة في البلاد خاصة أننا نعيش في فترة انتقالية وحسّاسة مضيفا أن ال «فايس بوك» ليس مصدرا رسميا وانما هو شبكة جعلت للتعارف فحسب «وأنا شخصيا» يضيف هذا الصحفي «أعيب على أي صحفي يستخدم ال «فايس بوك» كوسيلة لمعرفة الأخبار الرسمية وقد يؤدي ذلك الى فقدان مصداقيته» وعن تعامله مع هذا الموقع يقول «أكتفي بالمشاهدة فقط لا للتعليق ولا لتقاسم المعلومات». ونفس الشيء أكّدته الطالبة سلوى حيث أكّدت أن ال «فايس بوك» تحوّل الى وسيلة لبث الفوضى في البلاد وتبادل الشتائم وتصفية الحسابات والانتقام من الآخرين... «للأسف» تقول سلوى «شخصية التونسي هشّة يصدّق كل شيء ويتأثّر بكل معلومة تصله مهما كان مصدرها وال «فايس بوك» اليوم أصبح يقوم بلعبة خطيرة تهدّد استقرار البلاد وتمس من أعراض الناس وتبعث على الفتنة والبلبلة والخوف فمثلا كان لل «فايس بوك» دور في اشاعة خبر اختطاف الأطفال. كذلك تحوّلت صفحاته اليوم الى ساحة معركة بين الأحزاب وتشويه صورة البعض...». هل هو وسيلة إعلامية؟ لقد تحوّل ال «فايس بوك» شبه أسطورة في تونس الكلّ يتهافت على هذا الموقع. والأسباب كثيرة فهناك من يستعمله كمصدر للأخبار وهناك من جعله وسيلة تخريب وتشويه وترويج أخبار زائفة هذه الاستعمالات أضرّت بمصداقية هذا الموقع الذي ولد بطبعه بنسبة ضعيفة من المصداقية لأنه عندما نقول ال «فايس بوك» وسيلة اعلامية فلماذا إذن لا يجيب عن الاسئلة الكبرى؟ ولماذا لا يضبطه قانون؟ وبالتالي فنحن أمام وسيلة اعلامية ليست جدية ولا تتمتّع بالمصداقية، خاصة وأن استعماله في تونس استعمال بدائي وعشوائي وغير مسؤول مقارنة بالولايات المتحدةالامريكية والصين وأوروبا حيث أن استخدامه لا يكون الا لمعنى. فمثلا تم استخدامه في الانتخابات الأمريكية الاخيرة والبعض يعتقد أنه من العوامل المساعدة على نجاح أوباما في هذه الانتخابات ونفس الشيء بالنسبة للثورة التونسية حيث يرى البعض أن ال «فايس بوك» هو الذي أطاح بنظام بن علي ويقول البعض إنه كان مجال التنفّس والصاروخ العابر الى الحدود التونسية والعربية والعالمية ولعب دور الحمام الزاجل في نقل الأخبار والآراء والمواقف في صورة تبدو شبيهة بالدور الذي لعبته اذاعة صوت العرب خلال حقبة الخمسينات والستينات وفي تلك الفترة كانت الاذاعة هي الوسيلة الاعلامية التي زاحمت الصحف باعتبارها الأسرع في نقل الأحداث، لكن هذا الرأي لا يستقيم إذا ما وقفنا عند الاستعمالات اليومية لل «فايس بوك» من طرف التونسيين الذين وقعوا في الفخ يتعاملون مع هذا الموقع وكأنه الأصدق في هذا الكون في حين أن ضحاياه بالجملة من سياسيين وفنانين وأشخاص عاديين وعلى سبيل المثال الكل يتذكر ما تعرّضت له الفنانة لطيفة العرفاوي من تهجّم وفبركة لصورها على ال «فايس بوك» من طرف فتاة معجبة والقضية مازالت جارية في المحكمة.نفس الشيء تعرّضت له أستاذة جامعية والأمثلة كثيرة. وللقانون رأي وعلى اعتبار أن هذه الوسيلة ال «فايس بوك» تضرّ ولا تساءل، السؤال الجوهري هنا متى سيتم تنظيم وتقنين هذه الوسيلة؟ السؤال يجيب عنه المحامي شاكر علوان الذي أكّد ان القانون جار بخصوص تقنين ال «فايس بوك» لكن اليوم مازالت الأمور على حالها في غياب البرلمان والوضع الذي تعيشه البلاد وبخصوص موقف القانون من الجرائم الحاصلة عبر ال «فايس بوك» يقول الاستاذ شاكر علوان إنه ليس هناك قانون خاص بجرائم هذا الموقع الاجتماعي لكن عند اثبات الجريمة تتم ملاحقتها بصفة عادية أي حسب الفصل الجزائي. ضحايا بالجملة هذا الموقع الاجتماعي لم يسلم منه أحد خاصة خلال هذه الفترة التي تعيشها البلاد حيث عمد بعض الأشخاص المستفيدين من تشويه أسماء معيّنة فكان من السهل عليهم ترويج أخبار زائفة فمثلا أن يروّج أحد معلومات عن شخص ما يعلن فيها أن هذا ذهب الى اسرائيل وذاك يتبضّع في احدى الدول الأوروبية في حين أنه لم يبارح أرض الوطن والأمثلة كثيرة لذا وجب التثبت من هذه المعلومات وعدم الوقوع في فخّ المغالطة والكذب وتشويه أعراض الناس.