بين العقيد معمر القذافي والاستاذ عبد الرحمان شلقم، المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة قصة علاقة طويلة عمرها عقود من الزمن... من الطفولة... الى الاعلام فالسياسة... ولكن الحرب التي يتعرض لها الشعب الليبي على يد معمر... لم تسمح لهذه العلاقة بأن تعمر أكثر، كما يقول شلقم... علاقة انتهت بدموع غزيرة ذرفها هذا الأخير يوم 25 فيفري الماضي أمام مجلس الأمن... ليس حزنا على نهاية هذه العلاقة والصداقة... بل حزنا على ليبيا الثورة... وليبيا الشعب... في هذا اللقاء الخاص يفتح قلبه الأستاذ عبد الرحمان شلقم صدره ل«الشروق» ويتحدث عن موقفه مما يجري... وعن رؤيته للمرحلة القادمة... وتصوره للمخارج الممكنة لانقاذ ليبيا من الكارثة التي تتهددها اليوم... وفي ما يلي هذا الحوار: انقضت أسابيع عديدة على انفجار الثورة الليبية ولا يزال الوضع متسما بالضبابية والغموض، على المستويين الميداني والسياسي... فإلى أين تتجه الأمور... وما هي المخارج المتاحة لهذه الأزمة برأيك؟ الآن معمر يقاتل بالمرتزقة العسكريين والسياسيين... هو رشح شخصا مرتزقا من نيكاراغوا ليكون مندوب ليبيا في الأممالمتحدة... وهو يجند مرتزقة عسكريين لضرب شعبه وقتله... وبالتالي فإن معمر هو المشكلة الآن... هو وأولاده... والمخرج يتوقف على خروجهم من الحكم ومغادرة البلاد... وأعتقد أن المخرج بات اليوم قريبا جدا... خاصة بعد أن تخلى عنه وزير الخارجية موسى كوسى وبعده عبد السلام التريكي وآخرون... وهو ما جعل هذا النظام يتساقط ويتآكل وينهار من الداخل وهو اليوم على وشك السقوط النهائي والحتمي... وبالتالي أنا أرى اليوم في نهاية النفق أضواء وليس ضوءا واحدا... لكن على عكس ما تذهب اليه أستاذ عبد الرحمان، هناك أوساط ديبلوماسية وعسكرية غربية لا تستبعد اليوم احتمال استمرار الأزمة الليبية ربما لأشهر أخرى اضافية... فكيف ترى الموقف؟... هذا غير صحيح... بل هي تقديرات خاطئة في رأيي... لأنه وببساطة نحن كنا في قطيعة مع الأمريكان لمدة 35 سنة وهم نسوا تركيبة الشعب الليبي أصلا... ولا يعرفون طبيعة الأوضاع الحاصلة أكثر منا ومن الشعب الليبي... فالواقع يقول بأن نظام معمر وأولاده اليوم في حالة ضعف وانهيار كبيرين وهذا النظام فقد المبادرة... وأموالهم مجمدة ومحظور عليهم السلاح... ومصافي النفط معطلة... وهو يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية ومخازن الذخيرة دمرت بالكامل خلال المواجهات الدائرة منذ أسابيع... وفي الأيام القليلة القادمة سيكون دون ذخيرة... وفي المقابل أعضاء المجلس الوطني يتزايد الاعتراف بهم من يوم الى آخر... بالأمس اعترفت بهم ايطاليا وستقدم لهم مساعدات غير محدودة... اذن قوة معمر تتناقص يوميا... وقوتنا تتزايد عسكريا... وما يقوله الأمريكان هو غير دقيق بالمرة... لكن هذا التآكل والانهيار الذي تتحدث عنه لا يجد صدى له على الميدان حيث لا تزال قوات القذافي تسيطر على مدن ومناطق واسعة... فكيف نفهم الأمر اذن؟ هم الآن في معركة... ونحن لا نهتم كثيرا بالناحية العسكرية وما يهمنا بالأساس هو المسار السياسي... وهذه نسميها «رقصة المذبوح»... وهي المعركة الأخيرة مثل معركة النازيين في برلين... هي معركة يائسة ستنتهي قريبا بالسقوط المدوي والحتمي لنظام معمر وأولاده. هناك حراك سياسي جار الآن في العواصمالغربية يهدف الى تسوية تقضي بتنحي العقيد لحساب نجله سيف الاسلام... كيف تنظرون الى مثل هذا الطرح؟ أي إنسان يقول مثل هذا الكلام يسيئ إلينا ويدوس على جثث شهدائنا... ولا نقبل أي كلام من هذا القبيل... واضح أنه الآن يناور... وكل ما يقوم به هو مناورة... وهو غير صادق في ما يفعل... لأنه لا يتصور نفسه دون ليبيا... ولا يتصور ليبيا دونه... وهو ينظر الى ليبيا على أنها ضيعة... معمر كان يقول من أنتم... أنتم جرذان وتتناولون حبوب الهلوسة... وسوف لن أحاوركم وسأدمركم زنقة زنقة... من كان يتصور أن يتنازل الآن ويقبل باجراء مفاوضات مع الثوار... هذا دليل على أنه انتهى... ولدي معلومات تفيد بأنه الآن عزل من طرف أولاده... هل معنى ذلك أنك تؤكد ما ذهبت اليه بعض التقارير الغربية عن وجود «انقلاب عائلي» على القذافي؟ أنا لا أؤكد ذلك ولكنني أراه مرجحا جدا... فالمعلومات التي بحوزتي تفيد بأن سيف الاسلام ومعتصم هما الآن من يديران الحكومة الليبية وليس معمر. تحدثت أوساط غربية عن ادارتكم لمفاوضات سرية بين القذافي وواشنطن وباريس وبرلين لنفي العقيد... فهل تضعونا في صورة هذه المبادرة... وفي صورة ما تتضمنه من ضمانات؟ أنا كل ما قلته انه اذا أراد معمر أن نخدمه فإننا جاهزون للقيام بذلك من خلال تسهيل عملية خروجه من الحكم لأن أي ثانية أخرى يقضيها في السلطة تعني مزيدا من القتل والابادة. كيف؟ أنا مستعد أن أؤمن له الخروج الى النيجر أو نيجيريا ولكن المهم هو أن يغادر الحكم... ولن نقبل بعد اليوم بأن يستمر معمر وأولاده في السلطة... الشعب الليبي قال كلمته ولن يتراجع عنها مهما كلفه ذلك... الأمر العاجل اليوم هو وقف المذبحة الجارية هذا أمر عاجل وضروري لأنه يعني انقاذ ليبيا من كارثة أكبر. وصفت نفسك ذات يوم بأنك صديق العمر ورفيق الدرب لمعمر القذافي... فما هي دوافع تخليك عنه في هذه المعركة؟ لا أنكر أنني كنت واحدا ممن تولوا مناصب مهمة في حكم العقيد... لكنني أيضا وضعت في الاقامة الجبرية حيث بقيت هناك لأكثر من خمس سنوات لكن حين دخل معمر في معركة ابادة اخترت أن أقف مع شعبي... لأنني وجدت نفسي أمام قضية حق وعدالة لا أستطيع أن أقف ضدها... أي مع الظلم والاستبداد... وهي قضية أتمنى بالمناسبة أن تقف فيها معنا تونس وتقدم المساعدات للثوار وتعترف بالمجلس الوطني وأن تقطع علاقاتها مع نظام القذافي... ولا يجب أن ننسى أن الثورة الليبية هي توأم الثورة التونسية. طالبت مؤخرا بارسال قوة عربية الى ليبيا فكيف يمكن لمثل هذه القوة أن تحل المشكل اذ كانت قوات الحلف الأطلسي قد عجزت عن ذلك رغم مرور أكثر من أسبوعين عن توليها المهمة؟ ما قصدته هو أننا قد نطلب «كومندوس عربي» في أماكن معينة لتنفيذ عمليات جراحية في مدن مثل مصراتة والزاوية... لأن هذه المدن أبيدت بالكامل وأنا توجهت بهذه الدعوة فعلا الى المجلس العسكري الانتقالي لكن ليس معنى ذلك أنهم سيوافقون على هذا الاقتراح حتما...