عندما دعاني أصدقائي في أوائل شهر ديسمبر من العام الذي ودّعناه لمتابعة تمارين اعداد مسرحية جديدة للجمعية المسرحية بعقارب اقتبسها المبدع عادل الخياشي من الكتاب الشهير «كليلة ودمنة»، فوجئت برقي النص المقتبس والذي كانت فيه بوادر لثورة غير معلنة وخطاب مسرحي جديد يبشر بمشهد جديد. ولقد خفت وقتها على أصدقائي المبدعين في هذه الجمعيةمن سطوة النظام البائد وكنت متأكدا من أن لجنة التوجيه المسرحي سوف لن تغفر لهم هذا الايحاء الفاضح وهذا «الاستشراف» الواضح لثورة على الأبواب، إذ علىامتداد العمل ظلت مجموعةمن المهمّشين والمظلومين تنادي بصوت جماعي فيه ثورة على الظلم «ارحل عنّا يا ثعلوب»، نظرا لتواصل جبروت ثعلوب أحد الأبطال الطغاة في العمل الابداعي وفي الوقت الذي كانت فيه المسرحية تنتظر لجنة التوجيه لمحاولة أخذ تأشيرة جاءت التأشيرة الحقيقية لهذا العمل يوم 14 جانفي ليسجل التاريخ عملا انحاز للابداع كعديد الأعمال الأخرى المبشرة بالثورة والتي سنعود إليها حتما.