قرية بولعابة التي لا تبتعد سوى عشر كيلومترات على مدينة القصرين وتضمّ أكثر من 300 عائلة ومثلها منازل، ثلث هذه المنازل يتمتع بخدمات الماء والتنوير العمومي، والباقون ما كان عليهم إلا الاستعانة بالجيران لملء سطل من الماء أو لتمرير سلك كهربائي لإضاءة فانوس واحد داخل منازلهم، وإن أبى الجار فما عليهم إلا التنقل الى مسافات بعيدة على ظهور الأحمرة لجلب صفائح من مياه عيون الجبال. في سنوات حكم الدكتاتور، اجتهد أهالي المنطقة في حدود المتاح في المطالبة بتمكينهم من ضروريات الحياة الكريمة، فصدّ كل المسؤولين آذانهم، من عمدة ومعتمد ووالي وحتى مسؤولي شركة توزيع الماء وشركة الكهرباء، وبقيت أحلامهم معلقة الى أجل غير معلوم. وبعد ان جاءت الثورة ورحل من كان يقف حجر عثرة أمام تحقيق الأحلام عاود أهالي بولعابة الاتصال من جديد بمعتمد القصرين الشمالية الجديد، الذي أبدى تعاطفا كبيرا مع الأهالي، وطلب على الفور من عمدة المنطقة اتخاذ الاجراءات اللازمة لحل مشكل المواطنين. وما كان من العمدة إلا أن أعلم والي الجهة بأن البناءات بمنطقة بولعابة فوضوية ولا يمكن تمكين هؤلاء المواطنين من الماء الصالح للشراب والكهرباء، وعلى إثر ذلك أمر الوالي معتمد المنطقة بالتدخل والوقوف على حقيقة ما يجري. ومساء يوم الجمعة الماضي وببادرة شخصية انتقل المعتمد على عين المكان لملاحظة البناءات وقام بالاتصال بالعديد من المواطنين الذين عبّروا له عن حاجتهم الأكيدة للماء والكهرباء، وقد تحدث معهم في تفاصيل ما حدث في شأن مطالبهم، ثم أعلمهم بأنه سيكلف لجنة من إدارة التجهيز للنظر في فوضوية البناء من عدمها، وعلى إثر ذلك يقع النظر في إمكانية حصولهم على مطالبهم. وبرغم ان أهالي المنطقة قد عبروا لنا عن أن الأوضاع قد تغيّرت فعلا في إشارة الى أن مسؤولا زار منطقتهم وهو ما لم يحدث في السابق إلا أنهم أبدوا استغرابهم من ان التمتع بالماء والكهرباء كشروط للعيش لا تزال تخضع الى وجهات نظر مع انها من أهم حقوق الانسان.