ثمانية اشهر مضت، أيامها ثقال ومتعبة لسكان منطقة طرزة الشمالية من معتمدية العلا (القيروان). كيف لا وسكان هذه المنطقة وغيرها يتجرعون مرارة العطش بعد توقف ضخ المياه عن منطقتهم وتوقف الجمعية المائية. وأكد عدد من المواطنين ان الماء انقطع عنهم منذ بداية الثورة بسبب قطع الكهرباء عن الجمعية. ولم يعد الماء يصل الى السكان وتاهت الحلوق تبحث عن قطرات الماء بين الآبار الشحيحة والحنفيات البعيدة. فيشربون من الابار البعيدة ويتسولون الماء من الجيران. بل ان المدارس بالمنطقة تفتقر الى ماء الشرب ولا يجد التلاميذ ما يغسلون به غبار الطريق. واكثر من ذلك فان الموتى يتم تغسيلهم بالمياه المعدنية. كل ذلك والجهات المعنية في غفلة عن امرهم ولم يعد السكان يصدقون الوعود المتراكمة التي تحولت الى هباء في الهواء. بل ان الصهاريج التي كلفت لتزويد بعض سكان المنطقة بالماء لم تعد كافية وهي تذهب ولا تعود وان عادت فلا توفر سوى جرعات لا تكفي أسبوعا واحدا الى حين عودتها. ورغم محاولات السكان لملء اوعيتهم من البلدية ومن مستودع الفلاحة الا انهم منعوا من دخولها ما يضطرهم الى السفر نحو 20 كلم من اجل جلب الماء كانهم في رحلة الشتاء والصيف. وهو ما سبب لهم متاعب لا يعرفها سوى من ذاق عذاب المشقة والعطش. ولان المدرسة عضو في جسم المنطقة العطشى فان الماء لا يصل مدرستي عريبة وطرزة. وقد ضاق المواطنون ذرعا بهذا العطش المؤلم الذي لم يجد المسؤولون له حلولا وأوهموا السكان بحفر الآبار وبإجراء الدراسات لكن ومنذ ثمانية اشهر فان شيئا لم ينجز ولم يعد الماء الى الحنفيات. الى متى التجاهل هناك في منطقتي طرزة الشمالية والعريبة يتحالف انقطاع ماء الشرب مع الفقر وغياب مختلف المرافق وسوء أحوال المسالك الفلاحية ليشكل لوحة قاتمة لمشهد تمنى السكان تحسنه وزوال مظاهر البؤس فيه. بل ان جميع هذه العوامل السيئة اضطرت عشرات السكان الى النزوح وطلب الحياة الكريمة بعيدا. وهذا الوضع تشكو منه عديد المناطق بمعتمدية العلا وبولاية القيروان. فأين تدخل السلط الجهوية لايجاد الحلول قبل ان تسوء الأمور. فهل يعقل ان يظل سكان الريف مواطنين من درجة ادنى يحصلون على الماء بشق الأنفس في حين يتمرغ غيرهم في المسابح ويشربون ويستحمون بالصبح والمساء!