ماذا حدث في ملعب رادس أول أمس يبقى مرفوضا مهما كانت الأسباب والظروف لأن اقتحام الميدان والاعتداء على الحكام يسيء للافريقي والرياضة التونسية والبلاد التونسية الراغبة في رسم صورتها الجديدة المشرفة في أسرع وقت ممكن حتى تحقق النجاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ما حدث يؤكد أن هناك العديد من الأحياء التي هي في حاجة الى المراجعة وأن الضرورة تقتضي الآن إما اللعب بلا جمهور في كل المسابقات أو ايقاف بعض الأنشطة إن لزم الأمر. أمر منتظر الانفلات الذي عرفه ملعب رادس كان منتظرا إن لم نقل شبه مؤكد وكل من تحدثنا إليه قبل المقابلة وأثناءها كان يؤكد أن اقتحام الميدان أمر منتظر بل هناك من أشار أن بعض الجماهير ردّدت فيما بينها أن الاقتحام سيحصل بعد مضي 30 دقيقة من الشوط الثاني. من جهة أخرى كان من المنتظر أن تقرّر إدارة النادي أو وزارة الداخلية أن يدور اللقاء بلا جمهور وذلك بالنظر الى الأحداث التي عرفتها البلاد وخاصة العاصمة في الأيام القليلة الماضية، ولكن ذلك لم يحدث واكتفت كل الأطراف بالفرجة والتهرب من المسؤولية وكأن الأمر لا يعنيهم وإذا كان البعض فضل اللعب بالجمهور حتى يضمن الافريقي مداخيل الملعب فإنه خسر الآن كل شيء. خسر المال لأن التأهل الى دور المجموعات كان سيوفر عائدات هامة لفريق باب جديد وخسر التأهل في ذاته وخسر سمعته وأثر سلبا على صورة البلاد بصفة عامة. فمن يتحمل مسؤولية كل ما حصل؟ إشاعات المؤكد أن اقتحام الجمهور للملعب كان أمرا منتظرا والدليل أن هناك عديد الاشاعات تمّ ترويجها قبل المقابلة بأيام وكذلك بساعات وكانت هذه الاشاعات توحي أن أمرا ما سيحدث في اللقاء وكان من المفروض أن يكون هناك من يتلقي هذه الاشارات ويحسن تحليلها. جمهور فرق أخرى ما يمكن تأكيده أولا أن الجمهور الذي اقتحم الملعب هو جمهور الافريقي وأن احتمال «المندسين» يبقى مستبعدا، لكن ذلك لا يمنع من العودة أياما الى الخلف حيث تسربت بعض الاشاعات التي تؤكد أن جمهور الترجي والافريقي يتبادلان التهديد وذلك عبر الاندساس والنزول الى الملعب أي أن جمهور الترجي سيتابع لقاءات الافريقي ويحاول اقتحام الملعب حتى يكون الغريم التقليدي عرضة للعقوبات في حين يقوم جمهور الافريقي بنفس الدور عندما يكون الترجي طرفا في احدى المقابلات وتحديدا بعد أن ترفع العقوبة على جمهور فريق باب سويقة ورغم أن هذه الاشاعة تبقى صعبة التحقق، فإن ترديدها يثير الكثير من المخاوف وتسببت في نوع من الخوف والهلع. إشاعة حول غياب الأمن قبل انطلاق اللقاء بساعات قليلة سرب البعض أن الأمن قرّر مغادرة الملعب وبرّر مروجو هذه الاشاعة بأن أمن شوارع العاصمة أهم من أمن الملعب، والأكيد أن ذلك أثر سلبا على هدوء الحاضرين في الملعب وأكد لهم أن اجتياح الملعب قادم بكل تأكيد. شماريخ واحتجاج الشرارة الأولى للاحتجاجات انطلقت من مدارج الافريقي حيث بدأ البعض برمي الشماريخ ورغم أن كامل الحاضرين في الملعب رفضوا ذلك رفضا قطعيا، فإن رمي الشماريخ تواصل ولم يتوقف على امتداد اللقاء. نيران في الملعب بعد الشماريخ جاء دور النار التي اندلعت في مكان ما من الملعب والاشارة الهامة هنا هي أن نفس المكان الذي شهد رمي الشماريخ شهد أيضا اندلاع النيران واكتفى الجميع بالفرجة أيضا وعلى امتداد 10 دقائق تقريبا كان في كل مرة يحاول أحد المشاهدين النزول الى الملعب، ولكن يتم منعه الى أن جاءت اللحظة الحاسمة حيث اعتقد الجمهور أن الحكم رفض الاعلان عن ضربة جزاء (غير موجودة) فكان اقتحام الملعب والاعتداء على الحكم والمساعد. إلى أين؟ السؤال الذي لا بدّ من طرحه الآن هو: الى أين تسير كرة القدم التونسية لأننا نعرف أن الترجي يجري مقابلاته الافريقية أمام مدارج خالية بسبب عقوبة «الكاف» والنجم تم ابعاده والافريقي ينتظر عقوبة ربما أشد من هذه وتلك. في نفس السياق، لا بدّ أيضا من طرح السؤال التالي: إذا كانت البلاد أو على الأقل بعض المدن تعرف انفلاتا أمنيا فرض منع الجولان لماذا الاصرار على اجراء المقابلات بالجمهور بل لماذا يتواصل اجراء المقابلات أصلا؟