جلال التريكي من وجوه الحركة الطلاّبية والنقابية عاش تجربة طويلة في النضال الطلاّبي والسياسي والنقابي بفرنسا وترأس اتحاد طلبة تونسبفرنسا وساهم في عدد كبير من الجمعيات خاصة جمعية فلسطينبفرنسا قبل أن يؤسس مع مجموعة من الناشطين جمعية العمّال التونسيينبفرنسا. «الشروق» التقته في هذا الحوار حول الهجرة ومشاكل المهاجرين وآفاق الحياة السياسية في تونس . ٭ متى تأسّست الجمعية العامّة للعمّال التونسيينبفرنسا وماهي أهدافها ؟ بعد مسيرة طويلة في الاتحاد العام لطلبة تونسبفرنسا مع مجموعة من الأصدقاء من بينهم نوفل الزيادي أسّسنا هذه الجمعية سنة 2003 بمعية الصديق النقابي الكبير بلقاسم الطبربي ومجموعة من النقابيين بالتنسيق خاصة مع الكنفيدرالية العامة للشغل والحزب الشيوعي الفرنسي وقد كنّا حاضرين في كل المناسبات الكبيرة وخاصة حفل الانسانية الذي يقام كل سنة في شهر سبتمبر وإنّي أحيي خاصة صديقي Marc everbecq رئيس بلدية فنيولى حاليا والسكرتير الخاص السّابق للأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي السيد Robert Hue وكذلك الرفيقة Yasmine Boujnah البرلمانية الأوروبية السابقة للحزب الشيوعي الفرنسي والذين قدّموا إعانات كبيرة للجمعية . ٭ ما هو عدد الجمعيات التي تعنى بالمهاجرين وظروف عملها ؟ عدد الجمعيات التي تعنى بالمهاجرين خمسة جمعيات وهي التونسيينبفرنسا يرأسها الأخضر اللالة وجامعة التونسيين للضفتين يرأسها كمال الجندوبي والعمّال التونسيون المهاجرون بفرنسا يرأسها فتحي التليلي والعامة للعمّال التونسيينبفرنسا التي أتولّى رئاستها و المغاربية للمهاجرين برئاسة نور الدين السنوسي لكن أداء هذه الجمعيات ضعيف بسبب صعوبة الاتّصال وتعقيدات الواقع المعاش كما أن عددا كبيرا من المهاجرين كانوا في جمعيات قريبة من الحزب الحاكم سابقا لقضاء شؤونهم الى جانب ما يوفّره لهم النظام السابق من خدمات ولا ننكر أن طريقة تسيير الجمعيات تفتقر في أحيان كثيرة الى الديمقراطية لذلك فإنّ رؤساء الجمعيات هم في الحقيقة رؤساء مدى الحياة ورغم أنّ بعض الجمعيات تحصل على الكثير من المال فإنّ عملها لا يكاد يذكر. ٭ الآن تغيّر الوضع السياسي في تونس ماهو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الجمعيات خاصة في أزمة المهاجرين في فرنسا وإيطاليا الآن؟ إنّ دور هذه الجمعيات يقتصر على الإعانات المادية البسيطة التي نقدّمها للمهاجرين حاليا لتخفيف المعاناة وتقديم مساعدات قانونية بالتنسيق مع المنظمات والأحزاب والنقابات والجمعيات التقدمية من أجل حلحلة الوضع القانوني والتدخّل لدى السّلط والضغط عليها ليحصل المهاجرون القادمون من تونس على أوراق الأقامة . وبالنسبة إلى الوضع الحالي والمؤقت في تونس فدور الجمعيات يتمثّل في تجربتها الطويلة في بلدان الهجرة من أجل إعطاء النصائح البنّاءة حتى نصل الى بناء الديمقراطية على قواعد سليمة تقطع مع منظومة الاستبداد والقمع وإنّ وجود بعض العناصر الممثلة للمهاجرين في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وهي هيئة مؤقتّة أيضا هو شيء ايجابي رغم أن البعض نصّب نفسه ناطقا رسميا باسم الهجرة والمهاجرين وأنا أحيي صديقي كمال الجندوبي وصديقي الأخضر اللالة ولي ثقة كبيرة فيهما . ٭ كيف ترى حلّ أزمة المهاجرين غير الشرعيين الآن في فرنسا وما حقيقة ما يتعرّضون إليه من قمع وإهانات من الأمن الفرنسي؟ إنّ الصعوبات الجمّة التي تمرّ بها البلدان الأوروبية وتخبّطها في مشاكل البطالة التي تفوق 20 بالمائة وإفلاس بعض الدول مثل البرتغال واليونان تجعل هذه البلدان تغلق أبوابها وتمرر قوانين جزرية ضدّ المهاجرين وخاصة القادمين في الخمس سنوات الأخيرة وهذا يجعل عمل الجمعيات المدافعة عن الهجرة والنقابات والاحزاب اليسارية أمام صعوبات جمّة من أجل الضغط وتحسيس الرأي العام لتحقيق مطالب المهاجرين خاصة أن الرأي العام أصبح يتوجّس خيفة من الهجرة أمام الصعوبات الأقتصادية والبطالة المتزايدة . إذ صارت مسألة الهجرة والاسلام ورقة تثار كلّما اقتربت الأنتخابات البرلمانية أو الرئاسية من أجل التودّد للناخبين للحصول على أصواتهم وفي هذا الإطار يزداد عمل التقدميين صعوبة ويبقى العديد من المهاجرين الجدد في أوضاع أكثر من صعبة وتحت تهديد الترحيل . ورغم كل هذه الأوضاع فإنّ الأحزاب اليسارية والجمعيات والنقابات و نجوم الفن مازالوا يواصلون النضال من أجل تسوية وضعية المهاجرين. ٭ عشت تجربة كبيرة مع الأحزاب اليسارية في فرنسا وفي تونس، كيف ترى تقدّم العملية السياسية في تونس وهل هناك مخاطر على التجربة الديمقراطية؟ قد أكون متفائلا أكثر من اللاّزم بالتجربة التونسية نتيجة قراءتي للتجارب الثورية في العالم والتي كانت دموية في أغلبها، وإنني مقتنع أن الديمقراطية غاية وليست وسيلة بعد تجربتي في الأحزاب اليسارية الفرنسية والقراءات المتجدّدة للنظريات التي يعتمدها اليسار وإنّي أدعو مدّعي اليسار بتونس لدراسة أكبر فيلسوف اليوم وهو جلقن هفرماس المجدّد للنظرية اليسارية والتي ترى أن الديمقراطية هي غاية وليست وسيلة لأنّ الطبقات الشعبية هي بطبعها أغلبية . وأني أدعو كافة المتبنين للديمقراطية من أحزاب ومواطنين وجمعيات الى ترسيخ فكرة الجبهة العريضة وبنائها على القواعد الدنيا من أجل تحقيق الديمقراطية حتّى تترسّخ العقلية الديمقراطية لدى الشعب والمؤسسات وهذا يتطلّب خمس أو عشر سنوات .والابتعاد عن المزايدة والنقاشات البيزنطية والتركيز على ما ينفع النّاس والتنمية والمجتمع وهنا أتساءل عن دور الاعلام ومدى جدّيته في خدمة تجربة الانتقال الديمقراطي التي تحتاج الى ترسيخ الثقة بين الفاعلين السياسيين والعمل المشترك من أجل تأمين الانتقال الديمقراطي وليس العمل على تهييج الشارع والتلاعب بعواطفه وهنا أفتح قوسا لأطالب كل القوى الديمقراطية بأن تلتزم بتوقيت المسيرات ومسارها كما هو معمول به في كل دول العالم الديمقراطي حتّى لا يندّس المخربون في المسيرات وحتى تكون وفيّة لأهدافها في الاحتجاج السلمي الذي يجب أن يكون مكفولا بالقانون كشرط من شروط الحياة الديمقراطية..