تداول المئات من التونسيين يوم أمس الحكم الذي صدر عن محكمة تونس الابتدائية والقاضي بتكليف الوكالة التونسية للانترنيت بحجب المواقع الإباحية في تونس، وحظي الخبر بنقاش كبير إنما كان أغلبه في اتجاه واحد. ومن المعروف أن الانترنيت في تونس شهدت بعد فرار بن علي وانهيار النظام القمعي والمنعي الذي أقامه، حالة حرية مطلقة وأصبح بالإمكان الإبحار في أي موقع، ومن ضمنها المواقع الإباحية، حتى أن أحد مزودي الانترنيت في تونس اقترح برنامجا لحماية الصغار عند الإبحار ومنع تحميل هذه المواقع الإباحية. وفي الأثناء، ظهرت مجموعة تطالب بقرار سياسي أو حكومي يجبر الوكالة التونسية للانترنيت على حجب هذه المواقع، لكن بدا أن الحكومة مشغولة بمسائل أكثر استعجالا. ثم تم تقديم قضية عدلية إلى محكمة تونس الابتدائية في إصدار حكم قضائي في هذا الاتجاه حماية لأخلاق البلاد وخصوصا الشباب والأطفال وهو ما حدث أول أمس. وبرزت العديد من التعاليق التي يقف وراءها أشخاص معروفون بانتمائهم الديني، ويعبرون فيها عن سرورهم بهذا الحكم الذي يعدونه انتصارا لهوية تونس المسلمة ومرحلة أخرى على طريق تطهير البلاد من الفساد وحماية الناشئة من الفساد والتفسخ الأخلاقي. وفي بداية نشر الخبر على الموقع، لم نعثر سوى على هذه التعاليق، غير أن الأمر تغير فيما بعد بظهور مواقف ساخرة تذكر بأن الشباب التونسي قد قطع أشواطا طويلة في تجاوز الحجب في ظل نظام بن علي، وأن الراغبين في الإبحار في المواقع الإباحية سوف يعودون إلى أسلوب «البروكسي» لتحميل مثل تلك المواقع. كثير من شباب ال«فايس بوك» يأخذون مسألة حجب المواقع الإباحية في تونس من باب التحدي، أي تحدي أي شكل من أشكال المنع والحرمان حتى وإن كان ثمرة قناعة وطنية وقضائية. أحدهم كتب أنه لم يكن يهتم بهذه المواقع من قبل، لكنه الآن سوف يجرب أن يراها من باب تحدي المنع. كما كتب شباب آخرون أن المجتمع التونسي يشهد انتشار الإباحية دون حاجة إلى الأنترنيت، وأحدهم كشف كيف أن بعض الأشخاص يصورون عمليات جنسية في تونس ويبيعونها إلى مواقع إباحية تجارية معروفة عالمية. وفي المقابل، ظهرت تعاليق ناضجة، تتحدث عن وجوب فتح باب الحوار لدى مؤسسات المجتمع المدني وخصوصا الجمعيات للحديث مع الشباب عن مخاطر المواقع الإباحية واستدعاء الخبراء النفسيين لإعطاء آرائهم حول هذه المسألة. ويقول أحد هؤلاء وهو أستاذ علوم: «رغم كل الوسائل التي استعملها نظام بن علي للمنع والحجب، فقد نجح الشباب التونسي في تجاوزها وساهمت شبكة الانترنيت بقدر كبير في توفير المعلومة وتحريض الناس»، مستنتجا أن الشباب الذين يدرسهم يملكون وسائل مذهلة لتفادي الحجب وأن الحل ليس في حكم قضائي بالمنع بل في التوعية.