التلاعب بمصير العامل التونسي وتجاهل حقه والتعامل معه باستعلاء وجفاء وتحقير في اغلب الأحيان ممارسات دأب عليها عدد لا يستهان به من رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الصناعية والتجارية والسياحية في العهد البائد عهد الظلم والاستبداد والسبب هو طغيان النفوذ والمحسوبية وتآكل العلاقة بين الأجير والمؤجر الذي يرى في نفسه ولي نعمة الأجير وصاحب فضل عليه وان له الحق في التحكم فيه وفي مصيره وكأننا مازلنا في عصر العبودية والظلم والظلمات. وهذه الممارسات تزداد حدة كلما كان أصحاب الأعمال والمال مقربين من الرئيس المخلوع وعائلته ويحظون بمكانة متميزة لدى الجهات الحكومية والحزب الحاكم . ولذلك كانت وضعيات المئات من العمال أو الآلاف منهم المهنية هشة وضعيفة ومعرضون في أي وقت للطرد التعسفي والعودة إلى البطالة. والآنسة إنصاف عمامو واحدة من ضحايا هذه الممارسات غير القانونية كما تقول وضحية من ضحايا الخوصصة التي طالت مئات المؤسسات الحكومية والتي أسندها الرئيس المخلوع لأقاربه ومعارفه والمقربين منه لنهب ثروات البلاد وإلقاء الآلاف من العمال التونسيين في أتون البطالة المقيتة والضياع الاجتماعي . الآنسة إنصاف اتصلت بالشروق وأرادت إبلاغ صوتها للسلط المعنية قصد استرجاع حقها الضائع والمطالبة بحل مشكلتها ومشكلة أكثر من 160 عاملا تعرضوا للمأساة نفسها. خوصصة تقول الآنسة : وقع انتدابي للعمل كسكرتيرة سنة 2004 من طرف شركة استثمارية تملك مركبا تجاريا ونزلا بسوسة. عملت أربع سنوات بهذه الشركة الهامة التي كانت تحظى بمكانة كبرى في المجال السياحي والاقتصادي باعتبارها من انجح المؤسسات التجارية في الساحل التونسي. وطيلة هذه المدة تمتعت مع بقية العملة والإطارات العاملين بهذه الشركة بكافة حقوقنا المهنية وكنا خاضعين للقانون الأساسي للنزل والاتفاقية المشتركة للنزل والسياحة. لكن وبداية من شهر جويلية 2008 وقع التفويت في هذه الشركة وخصخصتها. ومع استلام المالك الجديد إدارة الشركة بدأت أوضاعنا المهنية تنذر بالخطر خاصة مع لغة التهديد والوعيد التي خاطبنا بها هذا المالك الجديد . المهم بقيت أتمتع بحقوقي وامتيازاتي التي وقع التنصيص عليها بكراس الشروط وعقد البيع والتي تعهد المالك الجديد للشركة بالالتزام بها إلى غاية 31 ديسمبر 2008 . حرمان من الامتيازات والحقوق ومع بداية غرة جانفي 2009 انقلب وضعي المهني رأس على عقب بعد أن قام مؤجري الجديد بتهديدي بالطرد إذا لم أتنازل عن جميع الامتيازات والحقوق التي كنت أتمتع بها كالأكل و التأمين على المرض ولباس الشغل وأيام الراحة وغيرها من الحقوق والامتيازات وبالإضافة إلى ذلك أجبرني على العمل يوم السبت الذي هو يوم راحتي لأني كنت اعمل 40 ساعة في الأسبوع . ولما تغيبت عن العمل أيام السبت وقع طرح هذه الأيام من إجازتي السنوية دون موجب حق وبعد أن قدمت شكاية إلى تفقدية الشغل وبعد العديد من المحاولات ارجع لي حقي المتخلد بالذمة لكنه ارجع لي ما يقابل ستة أيام من جملة 12 يوما وهو قمة الظلم والاستبداد. طرد هذه الإجراءات التعسفية والظالمة طالت بقية الزملاء من العملة والإطارات وخلال شهر جويلية 2009 اطرد مؤجري 50 عاملا لأسباب اقتصادية واطرد البقية خلال شهر ديسمبر 2010 للسبب نفسه وكنت من بين بقية المطرودين رغم الوثائق التي تثبت أن هذه المؤسسة حققت أرباحا طائلة خلال هذه الفترة بالذات. وتضيف الآنسة إنصاف عمامو والحسرة تملأ قلبها: فقدت عملي بسبب تعسف مالك هذه المؤسسة والتي اشتراها من الدولة في إطار نظام الخوصصة قصد النهوض بالمؤسسات الاقتصادية والتجارية واستيعاب اليد العاملة لكن الواقع كان عكس ذلك وأصبح مئات الأشخاص عاطلين عن العمل بسبب إجحاف هؤلاء وعدم تفكيرهم إلا في مصلحتهم الضيقة والفردية . هكذا إذا وقع طردي بعد أن أجبرني مؤجري على إمضاء براءة حتى لا يمكنني تتبعه قانونيا وحتى أحصل على مستحقاتي المالية التي كنت في حاجة ماسة إليها أمضيت على شهادة البراءة وبالتالي فقدت كل حق لي في المطالبة بحقوقي. نداء وتقول الآنسة إنصاف أتمنى أن ينصفني القضاء واسترجع حقي المادي والمعنوي بعد ثورة الكرامة والحرية التي قامت من اجل تطهير تونس من مثل هذه التصرفات ألاّ إنسانية والتي جعلت من العامل عبدا لأصحاب المال والأعمال وأتمنى أن تتخلص الطبقة الشغّيلة من الظلم والاستبداد وهشاشة الأوضاع المادية والمهنية والقانونية والقطع إلى الأبد مع سياسة الخوصصة التي أرساها النظام البائد الذي كان ينتزع أملاك الدولة لإسنادها إلى حاشيته والمقربين منه مما أدى بتونس إلى هذا الشلل الاقتصادي الرهيب وتفاقم البطالة بهذا الشكل المخيف. وتختم بسؤال : هل تعيد لي الحكومة المؤقتة الأمل في العمل من جديد؟ رد صاحب المؤسسة اتصلت «الشروق» بالسيد المدير العام للشركة التي كانت تعمل بها إنصاف عمامو ليبين وجهة نظره ويرد على الاتهامات التي وجهت إليه من قبل هذه العاملة فكان رده كالآتي : يؤسفني أن اتهم بالظلم والاستبداد وبأنني ساهمت في تفشي البطالة في تونس . وبأنني رميت ب160 عاملا في براثن البطالة لان ذلك مخالف للحقيقة . فأنا أغلقت النزل لأنه كان يعاني من ديون كبيرة بلغت 20 مليارا أضف إلى ذلك أن النزل أصبح متهالكا ويحتاج إلى إعادة التهيئة من جديد. وقبل أن اسرح العمال وعددهم 104 وليس كما ذُكر 160 عاملا منهم 70 عاملا بلغوا سن التقاعد طلبت من عمال النزل مواصلة العمل بنزل آخر تابع للشركة نفسها مع ضمان التنقل بواسطة حافلات خاصة تابعة للنزل وتقاضي الأجر نفسه لكنهم رفضوا وطلبوا مني تمكينهم من تقاضي 80 % من الراتب الشهري دون عمل . فرفضت هذا الاقتراح لأنه ليس عمليا وغير معقول وخيرت تمكينهم من جميع حقوقهم المادية والتي بلغت 2مليار من المليمات مقابل إمضاء شهادة براءة من قبل كل واحد منهم ومحاضر الجلسات تثبت ذلك وهو إجراء قانوني لا لبس فيه. وهذا المبلغ لم احدده أنا بل جاء نتيجة التفاوض بين جميع الأطراف المعنية (النقابة وتفقدية الشغل ووزارة التشغيل ووزارة الشؤون الاجتماعية). من جهة أخرى بين المدير العام لهذه الشركة أن عملية التهيئة تحتاج إلى مبلغ قدر ب14 مليار وان النزل حاليا وقع هدمه كليا لإعادة بنائه من جديد وان إتمام عملية التهيئة لن يكون قبل سنتين من الآن . وأضاف أن النزل يحتاج إلى مبلغ 50 مليارا ليعود إلى العمل من جديد وهو مبلغ كبير ومن الصعب الحصول عليه في هذه الفترة بالذات ناهيك وان النزل الذي أديره بالحمامات يشهد نقصا في الإقبال عليه قدر بنسبة 70% بسبب الأوضاع الأمنية الهشة وان السياح غيروا وجهتهم إلى اسبانيا والمغرب وتركيا بسبب ما تمر به تونس. وعن نيته في إعادة فريق العمل نفسه إلى العمل بالنزل المغلق حاليا بعد إعادة تهيئته ذكر انه لا يمكنه فعل ذلك لان جميع العمال تحصلوا على حقوقهم المادية كاملة ومن المفروض أن يكونوا قد تحصلوا على عمل آخر خلال هذه الفترة أو سيتحصلون على عمل في الفترة القادمة. وختم السيد المدير العام للنزل أن السياحة في تونس تواجه مرحلة صعبة جدا وان التخوفات جلها تتعلق بالموسم السياحي القادم 2012 ولذلك فانه من المهم جدا إعادة الأمن والاستقرار للبلاد لننقذ السياحة التي تعتبر الشريان الأهم في الاقتصاد التونسي.