في خطوة يمكن اعتبارها ب «التاريخية» أصبح القانون التونسي يضمن الحق في النفاذ الى الوثائق الإدارية التابعة للهياكل العمومية بصفة واضحة وصريحة، وذلك اثر صدور مرسوم مؤخرا عن رئيس الجمهورية المؤقت في الغرض. ومثل الحق في النفاذ للوثائق الإدارية والمعلومات الخاصة بالإدارات وبالمؤسسات العمومية مطلبا ملحّا للمواطنين وخاصة للصحفيين وغيرهم من المهتمين بالشأن العام (المجتمع المدني مثلا)، وذلك على امتداد السنوات الماضية. ويعتبر كثيرون ان حرية النفاذ الى الوثائق الادارية والى المعلومات «العمومية» يعتبر بمثابة الحصانة التي تمنع من حصول تجاوزات وانزلاقات إدارية لا تخدم الصالح العام... وما حصل من فساد إداري ومالي على امتداد سنوات حكم النظام السابق ما كان له ان يحصل لو كانت هناك حرية في الوصول الى الوثائق والمعطيات الإدارية العمومية حتى يقدر المواطن والإعلام ورجال القانون وناشطو المجتمع المدني على كشف كل تجاوز قد يحصل صلب إدارة او مؤسسة عمومية او جماعة محلية. وثائق نص المرسوم الجديد على أنه «لكل شخص طبيعي او معنوي الحق في النفاذ الى الوثائق الإدارية... سواء كان ذلك بإفشائها بمبادرة من الهيكل العمومي أو عند الطلب من الشخص المعني مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها...». والمقصود بالوثائق الإدارية هي تلك التي تنشئها الهياكل العمومية او تتحصل عليها في إطار مباشرتها للمرفق العام وذلك مهما كان تاريخ هذه الوثائق وشكلها.. واشترط المرسوم ان تكون هذه الوثائق متوفّرة في شكل يسهّل النفاذ اليها من قبل العموم وأن يقع تحيينها مرة في السنة على الاقل. نشر منتظم فرض المرسوم الجديد على الهياكل العمومية المعنية نشر عدة معطيات ومعلومات بصفة منتظمة وتتمثل هذه المعطيات في التنظيم الهيكلي والوظائف والسياسات والقرارات التي تهم العموم والاجراءات المتبعة في مرحلة اتخاذ القرار ومرحلة المراقبة وقائمة اسمية في الأعوان مع ضبط المهام الموكولة اليهم وقائمة في الأعوان المكلفين بالاعلام والمعلومات المتعلقة بهم واللوائح وأدلة الاجراءات الموضوعة تحت تصرّف الهيكل العمومي والخدمات والبرامج المعروضة للعموم ونتائجها... كما يشترط نشر معطيات حول برامج الحكومة بما في ذلك مؤشرات الأداء ونتائج طلبات العروض العمومية الهامة وقائمة الوثائق المتوفرة لديه الكترونيا ودليل لمساعدة المتعاملين مع الادارة بخصوص اجراءات طلب الحصول على الوثائق الإدارية. وإضافة الى ذلك اشترط المرسوم على الهياكل العمومية المختصة ان تنشر بصفة منتظمة المعطيات الاحصائية الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك الحسابات الوطنية والمسوحات الاحصائية التفصيلية وكل معلومة تتعلق بالمالية العمومية والمديونية وديون الدولة والمعطيات التفصيلية عن الميزانية على المستوى المركزي والجهوي والمحلي، فضلا عن المعطيات المتوفّرة حول الخدمات والبرامج الاجتماعية. مطلب يشترط للحصول على المعطيات المذكورة التقدم بمطلب كتابي للهيكل المعني مباشرة او بالبريد او عن طريق الأنترنات... وعلى الهيكل العمومي الردّ في أجل اقصاه 15 يوما قابل للتمديد... وعدم الردّ في الأجل المحدد هو رفض ضمني يمنح حق الطالب رفع دعوى قضائية وإدارية... وكل عون عمومي لا يحترم ما جاء بالمرسوم يعرض نفسه للتتبع التأديبي. وفرض المرسوم على الهياكل العمومية ضرورة التلاؤم مع مقتضياته خلال العامين القادمين... وإلى حين حصول هذا «التلاؤم» نص المرسوم على أن التشريعات المعمول بها سابقا تبقى سارية المفعول.