تباينت المواقف والآراء حول رفض الباجي قائد السبسي في خطابه الأخير للاعتصامات والاضرابات مراعاة منه للظروف التي تمر بها البلاد ووعده بتحسين ظروف الناس بعد الانتخابات وهو ما اعتبره البعض حدا لحرية التعبير فيما اعتبره البعض الآخر حرصا وسعيا منه الى انجاح الثورة. «الشروق» التقت بعض المواطنين حيث أكد السيد محمد ابراهمي منسق عام حركة الشعب أن الاعتصام يتنزل في اطار الحريات العامة والحريات السياسية وهو شكل من أشكال التعبير والاحتجاج بشكل مدني سلمي وكل تعرض الى اشكال التعبير السلمية بالعنف من طرف السلطة أو من طرف أي جهة كانت ولو تحت ادعاء المحافظة على الأمن العام هو انتهاك صريح لهذه الحريات وتهديد للمسار الديمقراطي كما يجعل الشعب يرتاب في النوايا الحقيقية لبعض الرموز والوجوه والقوى في تبنيها حقيقة لضرورة ارساء نظام ديمقراطي تتاح فيه الفرصة لجميع أبناء الشعب للتعبير عن مشاغلهم وآلامهم. أما في ما يتعلق بما سمي «قطع الطريق» أضاف السيد محمد أن قطع الطريق جريمة بينما تعطيل المرور لمجرد الاحتجاج لا يمكن تجريمه وان كنا لا ندعو الى تعطيل الطريق لأن في ذلك تعطيل لمصالح الناس فإن تجريم هذا السلوك لا يحل المشكلات اطلاقا وأشار أن البلاد اليوم تحتاج الى شرعية قانونية والى الاطمئنان على مستقبل الثورة وعمليات الاحتجاج التي نشهدها من حين الى آخر وبأشكال متعددة هي تعبير عن هذا القلق وهذه الريبة. فالاحتجاج والاعتصام هو منبه للاعبين الرئيسين اللذين بأيديهم القرار بضرورة الأخذ بعين الاعتبار بمشاغل هؤلاء وعدم اسقاطهم من المعادلة فحتى وان بدا للبعض مزعجا فإن المرحلة الانتقالية تبرر مثل هذا السلوك، «والخطر كل الخطر هو تجريم هذا السلوك لأنه بامكانه أن يعيدنا الى مربع العنف وهكذا يصبح كل شيء في خطر». كما أكد السيد البراهمي أن العنف من طرف السلطة أخطر من الاعتصامات والاحتجاجات السلمية حتى وان بدت مزعجة لدى البعض قائلا: «بقدر ما نتبنى الاعتصام كأسلوب تعبير سلمي مدني فإننا نحث على ضرورة احترام حق العدل وعدم تهديد أمن المواطنين في مقرات عملهم واثناء تنقلهم. مراعاة المصلحة العامة أما السيد جمال العرفاوي رئيس الغرفة الجهوية للتاكسي الجماعي فقد أكد أن الاعتصامات والاحتجاجات لابد أن تكون بطريقة سلمية وحضارية حتى ترتقي بمستوى المواطن المحتج وذلك عن طريق نقابيين يتولون تبليغ أصواتهم دون تعطيل المصالح العامة والخاصة للمواطنين بايقاف العمل بالادارات والمؤسسات العامة والخاصة والذي يضر بدرجة أولى المواطن. وأبدى السيد جمال استياء من بعض الممارسات مثل قطع الطريق ومنع الدخول الى مقرات العمل وخاصة كلمة «ديقاج» التي أصبحت تستغل أسوأ استغلال داعيا الى ضرورة مراعاة المصلحة العامة بدرجة أولى لحماية الاقتصاد وانتشال البلاد من الأزمة التي تعيشها في شتى الميادين مؤكدا أن دعوة الباجي قائد السبسي لفك الاعتصامات هدفه النهوض بالبلاد وإيجاد المناخ الملائم لاجراء الانتخابات وانجاحها. شارة للتعبير من جانبه أيد السيد عبد الله سالم الإمام رئيس الغرفة الوطنية للمواد الغذائية بالتفصيل وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي بتونس الباجي قائد السبسي في نبذه كل اشكال الاعتصامات موضحا أن الشعب التونسي عاش طيلة 23 سنة تحت الظلم والقهر والاستبداد ولم يحرك ساكنا ولذلك لابد له أن يتحلى اليوم بالصبر لبضعة أشهر فقط حتى تستطيع الحكومة تدارك الوضع خاصة وأن 270 مؤسسة تم حرقها الى جانب المراكز الأمنية والمصانع وغيرها، وأشار السيد عبد الله الى أن عمليات الحرق والتخريب وقطع الطرقات لا تزيد الأمر الا تعقيدا ولابد من التعبير عن مطالبنا بطرق حضارية مثل وضع شارة حمراء دون التوقف عن العمل خاصة وأن هناك أيادي خفية تعمل على اخفاق الثورة وتحرض على الفتنة «والفتنة أشد من القتل». وقد سانده الرأي السيد ابراهيم النفزاوي رئيس الغرفة الوطنية لباعة لحوم الدواجن وعضو المكتب التنفيذي موضحا أنه وبالرغم من أن الاعتصامات تحقق أحيانا بعض المطالب الا أن في تعددها اضرارا بالمصالح العامة وانتهاكا لحق المواطن في قضاء شؤونه مضيفا: «إن قرار السبسي في فك كل أشكال الاعتصامات ليس الا حرصا على انجاح الانتخابات» ودعى الى ضرورة تأجيل كل المطالب.