لا ينفكّ المسرحي المتميّز عبد القادر مقداد يعمل جاهدا من أجل تقديم الجديد في كل مرة، فالفعل الابداعي عنده سعي متواصل من أجل انارة الطريق للأجيال القادمة التي يعتبرها مقداد «أمل الأمة الوحيد للخلاص. فبعد صيف حافل بالعروض المسرحية وتقديم مسرحية «أحبّك يا شعب» ها هو ينشغل الآن بتصوير فيلم «التلفزة جات» كما يستعد لتقديم دورهام في فيلم ايطالي عن العراق بالتوازي مع فيلم المنصف ذويب. وللاطلاع على هذه الأعمال الجديدة «الشروق» «استقطعت وقتا» لاجراء اللقاء التالي: *كيف يقدّم عبد القادر مقداد فيلم «التلفزة جات»؟ هو فيلم من تأليف واخراج المنصف ذويب ذو منحى اجتماعي مرح يتم تصوير أغلب مشاهده في منطقة جبلية بمعتمدية السند بقفصة. وأقوم بتقمّص الدور الرئيسي في هذا الفيلم ويشاركني التمثيل كل من فاطمة بن سعيدان وعيسى حراث وعمار بوثلجة وحمزة بن داود ولطيفة القفصي ومحمد مالك والقائمة تطول. وأعتقد شخصيا ان هذا الفيلم سيعيد الجماهير الغفيرة إلى قاعات العروض السينمائية. وبخصوص الدور الذي أقدّمه فإنني أعتقد ان المنصف ذويب قد كتبه حسب مقاسي فالمنصف ذويب يتمتع بقدرات مسرحية فائقة إلى جانب قدراته السينمائية المعروفة. *وما هي ملامح هذا الدور الذي ستقدمه؟ الحقيقة أنني لا أحب كشف كل أسرار هذا الدور مبكرا ولكن لا بأس في أن أطلعكم على بعض تفاصيل هذا الدور حيث أقدم دور شخص ريفي مسؤول، حالم بحياة أفضل ويريد أن يكون مؤثرا في محيطه وفاعلا في أحداثه وقد أصر المنصف ذويب على أن أتولى تقديم هذه الشخصية ويبدو ان اصراره راجع إلى قناعته بالجدوى المتبادلة والجدلية بيننا وأرجو أن أكون عند حسن ظنه. *علمنا انك ستقدّم دورا هاما في فيلم أجنبي بالتوزاي مع فيلم «التلفزة جات» فما مدى صحة هذه الأخبار؟ الخبر صحيح فقد طلب منّي المساهمة في فيلم ايطالي وأسند لي دور هام وأملي أن أتمكّن من المشاركة في الفيلمين معا. *برأيك لماذ تمّ اختيارك من بين عديد الممثلين التونسيين؟ لقد أخبروني ان في هذا الفيلم توجد شخصيات فاعلة عراقية وقد لاحظوا أدائي وأعجبوا به خاصة وان ملامحي وبنيتي الجسدية «تبدو عراقية» على حدّ تعبيرهم. *على ذكر العراق كيف يحدّد مقداد دور المثقف العربي في ظل واقع عبثي، لا يخضع للمنطق ولا يعترف بالقيم؟ الحقيقة انني أبقى عاجزا عن الاجابة على هذا السؤال. فكل يوم أشاهد شعبا يشرّد وحضارة تدك ومنطق لم أقرأه في الكتب... قرارات مجنونة على بلد لم يرتكب اثما ولا جرما، تهم ملفّقة وجوفاء... وقد جعلني كل ذلك في حيرة حقيقة من موقف الغرب والولايات المتحدةالأمريكية التي تدّعي ضرب الارهاب من خلال ضرب العراق وكل ما أفهمه ان القوى العظمى يقودها مجانين. *هل يعني كل هذا التشاؤم أنك تقرّ باستقالة المثقف؟ أبدا، فدور المثقف يكمن في استغلال هذا الخطأ الفادح لاصلاح الأجيال القادمة حتى يتوجهوا إلى العلم والمعرفة والمسك بدفاتر التكنولوجيا المتقدمة ليكونوا محلّ احترام فالأقوياء لا يفهمون سوى لغة القوة والعلماء لا يقيمون وزنا إلا لأهل العلم فلا أمل إلا في الأجيال القادمة الصالحة والأمل في فناء الأجيال الفاسدة. *لكننا لاحظنا ان عبد القادر مقداد تخلى عن النقد رغم سوء الأوضاع العربية في الفترة الأخيرة؟ لقد مثّلت مسرحية «أحبك يا شعب» العودة الحقيقة فهذه المسرحية نقابية ووطنية نافذة وكانت نقابيتها صادقة ووطنيتها مخلصة ونقدها بنّاء... وكذلك فإن الجو العام لفيلم «التلفزة جات» ذو منزع نقدي حيث سيكون الفكر حاضرا والابتسامة طاغية فهو النقد المضمّن إذن. *في السنوات الأخيرة نلاحظ أفول اشعاع مسرح قفصة فما هي الأسباب؟ هذا غير صحيح بالمرة فمسرحنا بألف خير فأزمة المسرح مفتعلة (انتاجا وترويجا ودعما من لدن وزارة الثقافة). فمركز الفنون المسرحية والدرامية بقفصة مثلا أنتج أخيرا مسرحية «أحبك يا شعب» وقبلها (البشير بن زديرة وعرس هارون وكلاب فوق السطوح...) ويكفي الاشارة إلى ان عروضنا تجاوزت العشرين وقد غصّت جميع المسارح التي شاركنا فيها بالجماهير فالمسرح التونسي إذن بألف خير وكل ما في الأمر ان مسألة البرمجة لدى خلايا المهرجانات والتظاهرات الثقافية في حاجة إلى مراجعة شأنها شأن التلفزة التي قصّرت في حق المسرح التونسي: فأين نحن من لهفة ادارة التلفزة على الانتاجات المسرحية؟ وأين نحن من حرصها على البث المسرحي؟ وقد ساهم كل ذلك في شلل الاشعاع المسرحي عموما. *خلال مسيرتك الفنية هل توجد أعمال ندمت على تقديمها؟ أبدا فكل الأعمال التي قدمتها مقتنع بها حتى الآن بل انها مصدر فخري وكل ثورتي!