قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كمال مرجان ل «الشروق»: نعم، هناك رجال حموا تونس من سيناريو ليبيا أو سوريا أو اليمن
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2011

٭ تونس «الشروق»:
يستعد حزب المبادرة غدا الأحد لعقد اجتماع شعبي بقصر المؤتمرات بالعاصمة وهو الأوّل له على مستوى العاصمة،ممّا يجعلهُ اجتماعا لافتا سيُعطي صورة عن حضور هذا الحزب وحجم المناصرين له وطبيعتهم وسيُقدّم نماذج عن التصورات والمبادئ التي سيعملُ الحزب على تفعيلها خلال الفترة المقبلة.
«الشروق» تُحاور اليوم مؤسّس حزب المبادرة كمال مرجان الّذي قبل مشكورا إجابتنا عن العديد من الأسئلة التي يتمّ تداولها في الساحة السياسية ولدى الرأي العام حول شخصه وحول الحزب وحقيقة ما جرى يوم 14 جانفي وواقع الانتقال الديمقراطي التي تتطلّع إليه البلاد اليوم..في ما يلي نص الحديث..
٭ كيف تنظرون إلى الواقع السياسي الحالي خاصة بعد حسم مسار الانتقال الديمقراطي وتحديد موعد لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر القادم؟
اليوم مر على نجاح الثورة 5 أشهر وبطبيعة الحال بالنسبة للانتخابات كان من المهم الآن الوصول إلى هذا التوافق بين الحكومة المؤقتة ومختلف الفاعلين السياسيين ويمكن الانطلاق الآن في وضع خريطة طريق واضحة ، لكن أهم شيء تحقّق إلى حدّ اليوم منذ 14 جانفي الفارط ما تحقّق في مجال الحريات الأساسية التي في رأيي لم يعد بالإمكان التراجع عنها والعودة يوما ما نحو الوضع السابق، ولكن اليوم لا بد من النظر إلى نقطتين كتطلعات وأولويات لا بدّ من العمل على تجسيمها في أسرع وقت ممكن:
1 أن نبني مؤسسات الدولة، وخوفي من الفراغ المؤسساتي وبالتالي يجب أن يتحمّل الجميع وخاصة الأحزاب ومكوّنات المجتمع المدني دورهم كاملا في احترام المواعيد السياسية القادمة وبالنسبة لحزب المبادرة وان كنّا نُفضل خيار الاستفتاء على الدستور ولكنّنا ارتأينا الانضمام إلى الوفاق الوطني لأنه في الوقت الراهن يبقى الضامن الوحيد لبناء مؤسسات الدولة على قاعدة صحيحة وثابتة.
2 - في ما يخص الأهداف الأخرى التي قامت عليها الثورة وهي الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتي لن تتحقق إلاّ بعودة الحياة إلى وضعها الطبيعي لأنه لا يمكن أن تتحقق التنمية الجهوية أو التشغيل بدون أن تعود الحركة الاقتصادية إلى مستوى معيّن لضمان كل هذه التطلعات والمطالب بما فيها الإجتماعيّة والاقتصاديّة..هنا كذلك يجب أن يتحمل كل واحد منّا دوره ومسؤوليته حتى لا تكون خطاباتنا مجرّد خطابات سياسويّة بل تكون عملا جادا وواقعيا من اجل تونس وشعبها.
٭ البعض يقول إنّ المنتسبين للنظام السابق، وخاصة ومن يعتبرون أنفسهم من غير المذنبين أو المسيئين للشعب والوطن قد عاشوا حالة ارتباك مباشرة إثر 14 جانفي ولم يمتلكوا الجرأة الكافية لمواجهة التطورات ومجاراة الأحداث؟
لا أتصور ذلك أبدا، لم يكن أمرا يخيفني، وأنا شخصيا لمّا أقدمت على تكوين حزب المبادرة كان في علمي أن ذلك نوع من المجازفة وأنا واثق بما أفعل وباللحظة الّتي تحرّكت فيها ، السياسي عليه أن يتفهّم الظروف ، لكن بفعل الوقت كل شيء سينقضي وسيعود البعض إلى الساحة والمسألة –في اعتقادي- مسألة مسؤولية تجاه الوطن ، وأحب من أحب وكره من كره هناك كفاءات وخبرات الوطن في حاجة إليها خاصة وأنها لم تقم بأي ضرر تجاه الوطن ولا يمكن تهميش هؤلاء، من قبيل الكفاءات التي دخلت إلى الحكومة المؤقتة لخدمة الوطن.
هذه الفترة ستمر وهذا أمر يجب أن نتفهمه والناس العقلاء يجب أن يفهموا أننا في حزب المبادرة منافسون في الحياة السياسة ولسنا أعداء ، وإذا أردنا بناء دولة جديدة ديمقراطية فلا يُمكن أن نبني على أحقاد الماضي، والشخصيات المهتمة بالعمل السياسي عليها أن تُحسن قراءة الواقع ومتطلباته ، والغياب ليس مسألة خوف ولكن الوضع لم يكن يسمح بذلك ، ومن صفات السياسي هو معرفة اختيار الوقت ، فمباشرة بعد 14 جانفي الأجواء كانت معقدة والإنسان في الحياة يخسر في بعض الجوانب ولكن المسؤولية تجعله يرفض الاستقالة أو الاستكانة والهروب، وقدري شخصيا أن أتحمّل مسؤوليتي تجاه وطني وشعبي.
٭ التهجمات والانتقادات الّتي وجّهت لكم بخصوص الارتباط بالنظام السابق وما سبقها من تهجمات كذلك منذ قدومكم إلى تونس سنة 2005 والمرتبطة أساسا بعلاقاتكم بأمريكا وتطلعكم للرئاسة وقرابتكم بالرئيس السابق...كيف تقرؤونها ومن يقف خلفها بحسب رأيكم؟
أنا أقول إنّ جهات في داخل السلطة ومن خارجها تحرّكت ضدّي منذ 2005 ولم تكن تحركاتها تلك عفوية وأرى أنّه كان هناك تخوف من أن ألعب دورا في الحياة السياسيّة برغم أنّ ذلك الأمر لم يكن كذلك لا في تفكيري ولا أتصوّر حتّى في تفكير الرئيس السابق نفسه ، وهناك أدلة على ذلك على تورّط عدّة أطراف في محاولة الإساءة إلى شخصي منذ سنة 2005 وليس الآن فقط.
لقد خرجت من تونس سنة 1972 وعدت لها سنة 2005 كوزير للدفاع وقد باشرت هناك عملا أحببتهُ كثيرا يتعلّق بإعادة الاعتبار للمؤسّسة العسكريّة والاهتمام بالوضعيات المهنية والاجتماعيّة مثل النظام الأساسي التي لم يقع المساس بها على مدى عقدين كاملين وقد غيّرت عدّة أمور في هذا المجال برغم الصعوبات والعراقيل التي لاقتني حينها ولم انضم إلى التجمّع إلاّ سنة 2008، والانتماء للتجمّع في اعتقادي ليس ذنبا أو جريمة وإلاّ اعتبرنا مئات الآلاف من التونسيين مذنبين ومجرمين، وأنا أتحمّل مسؤوليتي إذا كانت لي أيّة أخطاء.
وبعد 14 جانفي كانت أمامي عدّة خيارات لكن فضّلتُ البقاء في تونس والمساهمة بما لي من خبرة وتجربة في خدمة بلادي ولو فكّرت في نفسي لعدت من حيث أتيت ، وبخصوص علاقتي بأمريكا وقع تضخيمها لأسباب واضحة، لي علاقات خاصة وشخصية، لكن بحكم عملي في الأمم المتحدة تعاملت مع عديد الدول بما فيها أمريكا، ولم أقم طويلا في أمريكا بل قضيت بها فترة قصيرة في تربّص مهني جامعي وأكاديمي لا غير، ومن المؤكّد أنّ وفائي الوحيد يبقى لوطني والله على ما أقول شهيد.
لو كنت أخطأت في حق الشعب أو في حق وطني فإنّني أقدّم اعتذارا، وما أؤكّده أنّني لم أعتد على أي شخص كان ولا على أملاك الدولة، ربّما الصمت فقط هو الّذي حصل وأنا أعتذر عن ذلك الصمت ولكنّه كان صمتا مفروضا فالجميع يعلم ما كان يجري.
٭ قيل كلام كثير عن آخر أيام بن علي وعن أدوار لعبتها بعض الأسماء ولكن ما يزال الغموض سيّد الموقف ، بخصوصكم نُسبت لكم أدوار عديدة..ماذا تقولون في هذا الباب؟
بالنسبة لدوري، لست من الذين سيكذبون ليكبّرُوا أنفسهم ودورهم سواء في ذلك اليوم أو في أي يوم آخر ، أنا قلت وصرحت بما كان لازما وما كان بإمكاني ان أقوله ولكن من المؤكد «تونس وقفولها رجالها»، ولو لم يكن ذلك الشيء ربما كنّا نكون في وضع مشابه اليوم لما هو في ليبيا أو اليمن أو سوريا، ومهما كانوا الأشخاص الذين كانوا خلف ذلك فإنّنا نشكر الله على ذلك.
الشعب التونسي من حقّه أن يعرف ما حدث وهذا لن يتم ألا بالتقاء كل الأطراف التي لعبت دورا، وإلى حدّ الآن لم يتم ربط الأحداث والأدوار التي تمت بالشكل المطلوب لفهم حقيقة ما حدث فعلا.
٭ هناك أحاديث عن أنّ المنتسبين للنظام السابق وللتجمّع المنحل قد اختاروا تكتيكا يقوم على بعث عدّة أحزاب، يقول البعض إنّ عددها اليوم بلغ 34 حزبا وذلك في انتظار مرحلة للتنسيق وربّما الاندماج وضمان العودة القويّة للساحة السياسية والهيمنة عليها من جديد وهذا ما يُوجد نوع من التخوّف على مسار الإصلاح السياسي في البلاد ..ما تعليقكم؟
الحديث حول الأحزاب والسياسة مهمّ جدّا وفيه الكثير من التشعبات ولا بدّ في رأيي أن تملك الأحزاب، وهذا أمر طبيعي، تصورات وبدائل ومرجعيات، والشيء الذي أؤكده هنا أنّه لا يوجد أي تنسيق بين هذه الأحزاب الجديدة التي يُقال إنّها من صلب الحزب الحاكم السابق أي من الدستوريين والتجمعيين، بل في تقديري وبالعكس ممّا يتصوّرهُ البعض فلو كانت لهذه الأحزاب الدستورية حسابات لما توزعوا على هذا العدد الّذي ذكرتهُ.
وما أؤكده أنه لا يوجد أي مخطط لتحالفات أو ائتلافات ولكن بفعل الوقت وفي السياسة من البديهي قبل الانتخابات على وجه الخصوص أن تحصل نوع من الائتلافات بين الأحزاب لأنني لا اعتقد أن مثلا أنّه في يوم 23 أكتوبر سنرى في مكاتب الاقتراع 90 قائمة انتخابيّة ، لا الأحزاب ولا المواطنون أنفسهم يرغبون ويتطلعون إلى مثل تلك الصورة التي فيها الكثير من التشتّت.
التحالف شيء طبيعي وستقيم هذه التحالفات أحزاب وتيارات لها نفس المرجعيات الدستورية أو القومية أو الإسلامية أو اليسارية ، ولا أحد يمكن أن يجزم اليوم بمآل أي نتيجة لأنّ هذا سيتحدد عبر التطورات وتحوّلات المشهد السياسي.
وهذا ما حدث في كل الثورات في العديد من البلدان في أوروبا الشرقية او البرتغال أو اسبانيا أو أمريكا الجنوبية وتونس في اعتقادي لن تكون مختلفة عن بقية التجارب الأخرى ولكن ما يدّعيه البعض من تكتيك للأحزاب الدستورية أو الإصلاحية هو تخويف وفيه هدف سياسي مكشوف وكأنّ الدستوريين يشكلون خطرا، وهذا غير صحيح بالمرّة، وعلى كل الأطراف الأخرى أن تعي أنّه لم يعد اليوم بالإمكان العودة للهيمنة الحزبية ، والكثير من التونسيين من كان في السلطة ومن كان في المعارضة عليهم أن يعرفوا أن الوضع اليوم لا يمكن أن يعود إلى ما كان في السابق وعلى الجميع تعديل أمورهم ونظرتهم إلى مختلف المسائل بعيدا عن التخويف والدسائس السياسية التي لا يُمكنها أن تتقدّم بالإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في البلاد.
٭ يعني أنّكم مستعدون في حزب المبادرة للتحالفات السياسية والانتخابيّة..مع من ستتحالفون؟
بطبيعة الحال وستفرزُها الأوضاع، رؤيتنا لهذه المسألة أنّها يُمكن أن تقوم على حلقتين، الأولى تهمّ التحالف مع الأحزاب التي لنا معها نفس المرجعية الدستورية البورقيبة الإصلاحية، هذه الأحزاب يُمكن أن نرتبط معها في حلقة أولى.أمّا الحلقة الثانية للتحالف بالنسبة لحزبنا فهي تتجاوز هذه العائلة إلى ما يُمكن أن نسمّيه في حلف جمهوري يجمع أحزابا وسطية تجمعها قيم الجمهورية بما فيها من عدالة وحرية وثوابت ديمقراطية وإيمان بالتداول السلمي على السلطة، وهي في اعتقادي ممكنة بقطع النظر عن المرجعية الأخرى.
٭ وما علاقتكم مثلا بحزب «الوطن»؟
ليس هناك أي علاقة بهذا الحزب والعلاقة الموجودة هي تلك الّتي تجمعني شخصيا مع السيّد محمّد جغام وهي علاقة قديمة وسيتم العمل مع الوطن كما نتعامل مع بقية الأطراف وسنُعامل الجميع مثلما يعاملوننا.
٭ هناك حديث متواتر عن القوة المالية التي يُحظى بها حزب المبادرة والدعم الّذي يلقاه من عدّة دوائر منها رجال الأعمال المتنفذين وحتّى دوائر خارجية؟
يا ليته كان كذلك، هذا غير صحيح وحزب المبادرة سيناضل لكي تكون له إمكانيات مالية ككل الأحزاب وسنجاهد حتى يكون لنا إمكانيات مادية وبشرية ولنا الثقة أنّه بما لنا من توجهات ومبادئ سننجح في تحقيق ما نصبو إليه من مساهمة في الشأن السياسي الوطني وخدمة بلادنا في مرحلتها الجديدة، حزب المبادرة هو حزب ككل الأحزاب الأخرى لا يتلقى ولا ينتظر أي دعم من أي جهة خارجية وسنعمل وفق قوانين البلاد بجهدنا ومصداقيتنا ، وشخصيّا كمؤسّس للحزب ليست لي أية تطمينات من أي جهة كانت تمويل الأحزاب سيكون أمرا مهما ومن الهام أن تكون حماية الأمور المالية مسألة دقيقة جدّا لا يجب التلاعب بها من أيّ كان احتراما لأرواح الشهداء ولطبيعة الوضع الجديد في البلاد.
٭ ما هي باختصار أهم توجهات ومبادئ حزب المبادرة؟
المرجعية تقوم على مبادئ المدرسة الإصلاحيّة وخاصة الحركة الوطنية الّتي حقّقت الاستقلال وبناء الدولة التونسية الحديثة، والمبادرة هو حزب وسطي يؤمن باقتصاد حر مع دور استراتيجي للدولة، ولنا بعض الأفكار خاصة في ميدان التنمية الجهوية التي سنطرحها على الشعب التونسي، كما لنا نظرتنا إلى إصلاح الدولة ومؤسساتها ربما تختلف عن عديد الأحزاب بما فيها إعادة النظر إلى التقسيم الإداري والتأكيد على بعث خمسة أقاليم اقتصادية تتمتّع بشخصيتها القانونية والمالية والمرونة في التصرّف تكون منطقة مفتوحة وهذا تصور جديد ، لأننا نعتقد أنه لا يمكن الحديث عن أي تنمية في أي ولاية في ظل التمشي الإداري البيروقراطي الحالي، لا بدّ من تحميل المسؤوليات الإقليمية وتدعيم اللامركزية وأن يكون مسؤولوه منتخبين مع إعطائهم إمكانية إمضاء اتفاقيات مع الدولة وحتى مع مؤسسات أجنبية تحت إشراف الدولة ، ومن بين أفكارنا كذلك لهذا التقسيم الإداري الجديد هو إعطاء الولاة مكانة خاصة وتغيير سلطة الإشراف لهم- مع بقاء وزارة الداخلية سلطة للأمن - وتحويلهم تحت سلطة أخرى كالوزارة الأولى مثلا لإعطائهم مكانة خاصة وتتعدى ما كانوا يقومون به من نشاط سياسي والاهتمام خاصة بالتنمية الجهوية.
٭ مباشرة إثر الثورة حدث جدل واسع حول الهوية بين تيارات إيديولوجية وسياسية عديدة...أيّ موقف يتبنّاه حزب المبادرة حيال الهوية؟
هذا ليس بمشكلة في اعتقادي ، بالنسبة لحزبنا يشير نظامه الأساسي إلى الهوية العربية الإسلامية لتونس مع التأكيد على الحداثة والتفتّح على الحضارات الأخرى وفي هذا الصدد يهمنا أن يبقى الفصل الأوّل من الدستور هي الصياغة الأمثل، وحتى في السياسة الخارجية لا بدّ من احترام التزامات تونس الدولية والإقليميّة وإلى تحقيق وحدة المغرب العربي والدفاع عن القضية الفلسطينية.
٭ وما تصوّركم بخصوص النظام السياسي؟
تصوري في هذا الباب واضح جدا وأعتقد أنّ ما يجب العمل عليه هو تفادي الأخطاء التي حصلنا فيها في السابق ، واعني بذلك مواصلة الاعتماد على النظام الرئاسي ولكن لتفادي ما حدث في الماضي لا بدّ من تحديد صلاحيات رئيس الدولة ، نعم يجب أن يكون منتخبا من الشعب ولكن تكون له سلطة محدّدة :اختياره للوزير الّذي يجب أن يكون من بين الحزب الذي له الأغلبية في البرلمان ويبقى الاختيار على الحكومة من الوزير الأول والموافقة على الحكومة من قبل البرلمان وهذا يضمن الاستقرار وهو في رأينا الملائم لتونس اليوم ، فأنا ضد نظام رئاسي كامل وضد نظام برلماني ، نظام فيه توازن بين الاثنين ، أي بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذية ، نظام شبيه بالنظام الفرنسي.
٭ دخل الإسلاميّون وأساسا منهم حركة النهضة كلاعب مركزي في الحياة السياسية بعد 14 جانفي .كيف تنظرون لهذا التواجد اللافت لهذه الحركة وهل من الممكن أن يتلقى معها حزبكم؟
أوّلا، كل الأحزاب لا يجب أن يكون فيها أي خلط بين السياسة والدين مثلما ينصّ على ذلك القانون ، وكلّ حزب تقع معاملته على هذا الأساس وبالتالي تفادي كل ما يمكن أن يكون فيه خلط، ووجب أن تلتزم بذلك كل الأحزاب مثلا المساجد لا يجب أن تكون فيها أي أنشطة سياسية أو حزبية والدولة يجب عليها أن تسهر على ذلك.
وبخصوص العلاقات أو التلاقي ، فنحن لا نُعارض ذلك لمجرّد المعارضة بل لاعتقادنا أنّ حماية المعتقد مكفولة بالدستور ، لما تكون هناك حساسيات مهما كانت مرجعياتها ، بما فيها الإسلاميّة ، عليها أن تلتزم بالضوابط القانونيّة، ونحن نتعامل معهم إذا احترموا المبادئ الدستورية وقيم الجمهورية والدولة لها واجب المتابعة والمراقبة والتزام الأحزاب بالقوانين.
٭ أخيرا تستعدون لعقد أول تجمع عام شعبي غدا الأحد ..ماذا فعلتم في ملف الهيكلة؟
نحن متواجدون في العديد من المدن ، لقد بدأنا بالقواعد ، ولنا مجموعة تعمل فيها الهيئة المؤسسة وبعض الإطارات الأخرى إذ لا بدّ من بناء الهياكل الجهوية ، والإنسان لا يجب أن يسبق الأحداث حتى لا توصد الأبواب أمام المناضلين والكفاءات التي لازالت تلتحق بنا كلّ يوم، اليوم هناك هيئة تأسيسية بها 7 أفراد وسنواصل هذا العمل بتدرج، وقد أمكن لنا بعد التواجد بالعديد من الجهات ولنا العشرات من المكاتب الجهوية والمحلية وهناك ولايات بها أكثر من 20 مكتبا، والمؤتمر الّذي من المنتظر أن يكون بعد انتخابات الوطني التأسيسي هو الذي سيقرر قيادة الحركة وتشكيل المكتب السياسي.
٭ أنتم إذن متفائلون بسلامة المسار؟
نعم إنّي متفائل بالنسبة للمستقبل لأنّني على يقين من أنّ الشعب التونسي وخاصة شبابه سيبني تونس كما يريدها وليس بالكلام والخطب ولكن بالعمل الجاد، وأملي أن نكون كلّنا استوعبنا الدرس من الماضي وسيُساهم حزب المبادرة في هذا المسار بكلّ إرادة وفي تعاون كامل مع أصحاب النوايا الصادقة ، والمهم ليس فقط أن نعلم إلى أين نسير لكن أن نسير فعلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.