إنّ الردّ الذي توجّه به السيد خالد الوغلاني المدير المؤقت لإذاعة تونس الثقافية على ما كتبه الشاعر عادل الجريدي حول جملة من التجاوزات الصادرة عن إدارة هذه الاذاعة وهو رأي يعكس موقف عدد كبير من المثقفين الغيورين على هذا المكسب الاعلامي الثقافي، هذا الرد الذي نسبه السيد الوغلاني من باب المناورة لأسرة إذاعتنا الثقافية جعلنا كمتابعين للمشهد الثقافي نشعر بأسف كبير على المسار الذي ذهبت فيه إدارة هذه الاذاعة وهو مسار ملتبس بثقافة المبايعات والنميمة الرخيصة والمراوغة والشتيمة وغيرها من الأساليب التي تعكس نهم هذا المدير على كرسي الادارة ورغبته المريضة في إقصاء الرأي المخالف لحماية ما تبقّى من مصالحه الضيقة التي تجلّت من خلال استغلاله البيّن لهذا الفضاء الاعلامي العمومي خدمة لعلاقاته الشخصية ومصالحه الابداعية المفترضة، ولعلّ هذا الرد السخيف من مدير الاذاعة يؤكد موقفنا من أن هذا الرجل لم يرتق بعد الى درجة المسؤولية والوعي بالدور الحقيقي لهذه الاذاعة، ثم ان عملية الزجّ بصحفيي ومنتجي الاذاعة الذين أحترمهم جميعا وقد واكبت على امتداد سنوات جديتهم ومثابرتهم وغيرتهم على سمعة هذا المنبر الاعلامي وحرصهم على أن تظلّ إذاعة تونس الثقافية عاكسا لواقع الثقافة التونسية الأصيلة وخادما لها دون وصاية من أطراف خارجية وبعيدا عن العنتريات الخائبة قبل أن ينتأ السيد خالد الوغلاني ثائرا عرضيا وانقلابيا جديدا هطلت به آخر الغيمات مشكّكا في كل من حوله والحال أنه شاعر أعراس تشبّع بالثقافة النوفمبرية حتى رشحت أعراضها عالية في نظمه الرديء وفي أساليب تعاطيه مع العمل الاداري وتعامله مع المبدعين التونسيين. إن محاولة الزجّ بأسرة الاذاعة في هذه المناظرة يعكس فشل الرجل وارتباكه وانعدام ثقته بنفسه معتقدا أنه سيجعل من أسرة الاذاعة المتشكّلة من خيرة الصحفيين والمبدعين التونسيين درعا لمحاربة من خالفه الرأي وهذه مناورة مبتذلة وأسلوب متخلف من أساليب الدكتاتوريات الساقطة. فلقد تابعنا في أول أيام تعيينه بعض بياناته على موقع ال«فايس بوك» التي حاول من خلالها تجميل صورته مستعرضا سيرته الثورية الكاذبة حتى يستجدي عطف الرأي العام الثقافي وحتى يهلّل الجميع بمقدمه منقذا للاعلام الثقافي من حالة البؤس والهوان مقدما نفسه شاعرا جديدا جادت به فضائيات النفط العربي، لذلك أباح لنفسه في أول لقاء له بمنتجي إذاعة تونس الثقافية أن يشنّف آذاننا بقراءات مطولة لقصائده الشعبية البائسة مستعرضا مجده الشعري الذي صنعه في غفلة من الجميع ببعض النزل الخليجية.. هذا الشاعر الافتراضي الذي جاءت به الثورة على رأس إذاعة تعنى بشؤون المثقفين هو واحد من المتمعشين بامتياز من وزارات الثقافة في العهد البائد من خلال عروضه الفرجوية التي قدمت في أكثر من مناسبة بمهرجان قرطاج آخرها عرض «غموق الورد» الذي أشرفت على افتتاحه ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع هذا التمعش انعكس أيضا في دعم متواصل من وزارة الثقافة السابقة لمجموعة من الأقراص الممغنطة لهذا الشاعر دون غيره وذلك سنتي 2007 و2008 مستغلا علاقاته بوزارات الثقافة المتلاحقة كي يتمعش من المال العمومي في وقت همّشت فيه أعمال نخبة من أهمّ الشعراء التونسيين. وكان السيد الوغلاني من أكثر الشعراء تمثيلا للثقافة التونسية في عديد التظاهرات الثقافية العربية عاكسا ولاءه المطلق لسياسة النظام السابق.. كان على السيد خالد الوغلاني أن لا يتورّط في تخوين المثقفين التونسيين وتصنيفهم وأن لا ينتصب شتاما وقذّافا للآخرين والحال أن بيته من سقط الزجاج، من العيب أن يتباهى بعذريته وأن يتشدّق برصيد وهميّ من النضالات والحال أنه غارق في وحل الولاء والمبايعة لسياسات النظام البائد... من المفترض ان تكون لمدير الاذاعة الثقافية علاقات جيدة بكل المثقفين من مختلف أطيافهم ومشاربهم الابداعية، وأن يكون متزنا رصينا له قدرات على التواصل مع الآخرين وعلى التحليل الموضوعي لكل نقد موجه لأداء هذه الإذاعة وقدرتها على الإمساك بتمفصلات المشهد الثقافي. لكنه ابتدع أساليب كشفت قصوره ورغبته المتسرعة في اعتلاء المناصب... ويبدو ان كذبة أمير الشعراء قد انطلت على السيد خالد الوغلاني لذلك راقت له الإمارة وأمر ببث نظمه الشعري في أوقات مختلفة من ساعات البث وهذا لعمري اجراء يثير العطف على السيد المدير الذي عجز عن الترفع بآداء هذه الإذاعة عن أهوائه الشخصية ونرجسيته الابداعية المفترضة التي دفعته الى استغلال استوديوهات الاذاعة بتجهيزاتها وبإطارها البشري من تقنيين وغيرهم لتسجيل نظمه العشري، كما أمر باستضافة نجوم من برنامج أمير الشعراء في برنامج «لقاء مع مبدع» والتواصل مع حلقات هذا البرنامج لنقلها للجمهور مباشرة وفاء منه لحميمياته الخليجية وسعيا لتوطيد علاقاته ببعض شعراء الخلية وتأمين مشاركات جديدة لشخصه في تظاهرات شعرية خليجية. إن انفتاح الاذاعة الثقافية على تجارب ابداعية عربية هو أمر محمود أما ان يوجه هذا الاهتمام لنجوم برنامج ثقافي تجاري يتنزل ضمن منظومة ثقافية مريبة تعتمد على صناعة النجوم وتسويق الرداءة واستجداء الرسائل الهاتفية وغيرها من المستحدثات المعيبة للفعل الابداعي فإن الأمر لا يشرّف اذاعتنا الثقافية. إن قراءة سريعة لشبكة البرامج بإذاعة تونس الثقافية تكشف امتيازات مفضوحة وفرها السيد الوغلاني لقلة قليلة من أصدقائه ومريديه على حساب كفاءات حقيقية تعج بها الاذاعة الثقافية وسنعود لاحقا بقراءة مفصّلة لهذه الشبكة نكشف فيها آثار الاخوانيات في تعاطي السيد المدير مع مهمته الادارية في انتظار ذلك ندعو السيد خالد الوغلاني بكل جدية أن ينأى بإذاعة تونس الثقافية عن علاقاته ببعض الفضائيات العربية النفطية لأن الاذاعة الثقافية غير ملزمة بالأجندات الثقافية والسياسية لهذه الفضائيات.