بقلم: عادل الجريدي (عضو اتحاد الكتاب التونسيين) كنا نعتقد دائما أن إذاعة تونس الثقافية مرفق عمومي مختص في الشأن الثقافي ومنبر لعموم المبدعين في تونس وصوتهم الذي يقرّبهم من السادة المستمعين حيث ما كانوا على امتداد خارطة القلب خارطة الوطن، ولبنة مهمة تؤازر الابداع وتنتصر للمبدع ومرتع للأنفاس الثقافية الحرة على اختلاف تعبيراتها الابداعية ومشاربها الفكرية وإرهاصاتها الجمالية ولكن ما يحصل داخل أطوارها يدفعنا الى دقّ نواقيس الخطر والتنبيه بتفشي ممارسات مريضة اعتقدنا أن الثورة قضت عليها ولكننا تتسلّل اليوم تحت جناح الصمت متنكرة في زي (النضالية والتقدمية) (وهما طبعا براء) لتمارس الاستغلال المفرط على قارعة النهار ضاربة بكل أخلاقيات المسؤولية عرض الحائط. لقد تحولت هذه المؤسسة في بضعة أشهر من مؤسسة عمومية تعيش من المال العام للشعب التونسي الى مؤسسة خاصة تسخّر كل امكانياتها وطاقاتها المادية والمعنوية في خدمة مديرها السيد خالد الوغلاني الذي حوّلها من إذاعة تونس الثقافية الى إذاعة خالد الشخصية، حيث عمد منذ توليه إدارة الاذاعة وهذا أمر دبّر بليل ورغم طرده في الفترة الأولى من الثورة ورفضه من طرف أبناء المؤسسة أعيد تعيينه بكل إصرار من طرف، نخاف أن يكون الوجه الآخر للامبراطور السابق، وبدأت آلة الاستغلال الشخصي في العمل حيث بانت مكارمه وأمر ب: بث مقاطع من قصائده الشخصية لا غير بين فواصل البرامج. استغلال استوديو التسجيل ليسجّل كامل أعماله الشعرية على قرص مضغوط وهذا أمر حسب علمي ممنوع ويتعارض مع قوانين وتراتيب المؤسسة. انتصب قاضيا على الابداع في تونسنا ووصيا عليه وسلطة عظيمة في النقد والتصنيف لا يشقّ له غبار عاملا بشعار لن يمروا إن لم يتشيّعوا لي. عمل على فرض ذائقته الشخصية في البث وتصفية من لا يتجاوبون معه ومن لا يبرمجه في المهرجانات والتظاهرات الثقافية بمنطق المعاملة بالمثل. اجتهد في فرض أفكاره على بعض المنتجين معتبرا نفسه بحر المعارف وسرّة الكون والحال أننا نعلم بأنه ليس له أي خلافة بالاعلام ومعهد الصحافة وعلوم الإخبار. قام بتعيين منتجين غير مختصين في برامج ذات اختصاص وباركهم طبعا بما يستجيب للحسية الشخصية. الذكرى الخامسة للاذاعة منذ أيام أقيمت احتفالية بالذكرى الخامسة لبعث اذاعة تونس الثقافية بالمسرح البلدي وذلك باستضافة شاعرين من البرنامج النفطي عفوا الخليجي أمير الشعراء وهما مهدي منصور وشهاب الدين والاعلامي زاهي وهبي بوصفه شاعرا رغم اجماع المختصين على محدودية كتاباته واستضافة مديري المهرجانات الأخرى الذين سبق لهم استضافته في مهرجاناتهم في اطار تبادل الود وتقاسم كعكة الحلوى رغم بساطة أحدهم وسوف لن أذكر الاسم على مستوى الكتابة الشعرية وارتكاب هنات عروضية واضحة في القصائد التي قرأتها وفي بحور غير مركبة مثل المتقارب، اذن المشاركة في احتفالات اذاعة تونس الثقافية تمر عبر تمتين علاقات مدير الاذاعة خالد الوغلاني على المستوى العربي والوطني واستغلال المرفق العام كبوق للدعاية وتسويق اسمه وهذا يندرج تحت اسم استغلال نفوذه أما على مستوى اختياراته الشعرية فإننا نعلم أن خالد الوغلاني لم يتخطّ في شعريته على أقصى تقدير التجربة الرومنطيقية وبقي في مستوى المعجم خارج السيرورة التاريخية بقي صدى لأصوات أخرى تجعل الكتابة ضربا من التذكر وترديد ما فات من بوح السابقين. ولا ينبغي أن تحجب عنا مشاركته في برنامج أمير الشعراء وترديده لهذه المشاركة على مسامع مخاطبيه أن هذا البرنامج هو الذي أفرز هشام الجخ الشاعر المصري الذي مازال يلتغ ويفتقر الى الشروط الدنيا للكتابة الشعرية ففاز بالجائزة الأولى رغم جفاف قصيدته وتجردها من كل مقومات الشعر من تخييل وصورة وشاعرية بغض النظر عن الكوارث العروضية ونحن هنا لا نريد القدح في الأشخاص بقدر ما نود الاشارة الى أن برنامج أمير الشعراء لم يكن مطلقا معيارا للشعرية حتى يشنف خالد الوغلاني أسماعنا في كل مرة بمناسبة أو بغير مناسبة بمشاركته في هذا البرنامج وكأنه هو الذي يجيز الشعراء واذا كانت اجازته من هذا البرنامج معياره الوحيد فهي اجازة مزورة وفاقدة للأهلية لا تصلح سوى للتمعش والاسترزاق والمديح للأهل في الخليج ولنفط الخليج. وفي الختام أوصيك خيرا يا خالد الوغلاني بنفسك وبالمؤسسة العمومية التي عينت لادارتها للصالح العام لا غير.