كم هائل من الملفات التي تحتوي على مئات الوثائق والمراسلات والتحاليل الطبية تراكمت لدى السيد أحمد مؤمن (أصيل قفصة اطار عامل بالسعودية منذ 1983) على مدى سنوات من المعاناة وهو يتابع «قضية» ابنه المعوق أحمد (تلميذ من مواليد 1992) وكله أمل في ان تبلغ هذه القضية نهايتها بتحقيق أمنيته وأمنية ابنه في اجراء عمليته الجراحية المحكوم عليها الى الآن بتأجيل التنفيذ. بداية الحكاية يقول محدثنا محمد مؤمن تعود الى سنة 2000 عندما ظهرت على ابنه أحمد في سن الثامنة (2 ابتدائي) أعراض مرض نادر يتمثل في «اعتلال سريع ومتطور في المخ» ومرض نزع النخاعين» وبدت آثاره في فقدان التوازن والسقوط أحيانا عند المشي ويضيف محدثنا ان حالة ابنه تعكرت بسرعة بعد ان أصيب على رأسه اثر سقوطه في الحمام وكانت أولى رحلات العلاج بمستشفى الرابطة بالعاصمة حيث يؤكد السيد أحمد مؤمن ان أياما معدودات من العلاج والأدوية والتخدير أنهت وضعية ابنه الى الاعاقة التامة وانطلاقا من هذا المستجد فكر الوالد في معالجة ابنه بالخارج وكانت امكانات تحويله الى ألمانيا أو فرنسا أو استراليا واردة وانطلق البحث عن الطبيب المختص بالخارج. وفي الأثناء حصل على الموافقة على العلاج على نفقة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالسعودية فتم نقل أحمد الى المملكة حيث اجريت له فحوصات وقدمت له أدوية ساهمت الى حد ما في تحسن وضعيته ومن السعودية تم التواصل مع طبيب مختص في ألمانيا أكد على اجراء عملية لأحمد خلال سنة 2004 لكن المفاجأة ان وزارة الصحة في السعودية رفضت تحمل مصاريف العملية (في حدود 100 أ.د) رغم اقرار المساعدة من قبل الملك والسبب أن والد أحمد أجنبي! بعد هذه المحطة الفاشلة عاد الأب الى تونس ليوفر الكرسي الكهربائي المتحرك لابنه كي يواصل دراسته فتمت الاشارة اليه كي يتوجه الى مستشفى مختص بمونبيليه بفرنسا. وهو ما تم فعلا اذ توجه السيد أحمد مؤمن الى مونبيليه بعد ان بعث بملف ابنه الصحي الى المستشفى وتمكن من تسريع الاذن بالفحوصات والتحاليل وعاد الى تونس ليصطحب ابنه الى فرنسا لاجراء تحاليل في مونبيليه وليون وباريس ودامت هذه المرحلة أكثر من ثلاث سنوات في انتظار الموافقة على العملية وتحديد موعد لها. وفي الأثناء تبين السيد أحمد مؤمن أن عدم خلاص المصاريف الخاصة بالفحوصات (15 أ.د) كان وراء عدم تحديد موعد للعملية وهي مسؤولية الاطراف الادارية بتونس (الكنام) حسب محدثنا الذي يضيف ان انهاء عملية الخلاص في ماي 2008 أعقبه اعلامه من الجهات الفرنسية برفض اجراء العملية!! وتبقى الأسباب غامضة. ومن جديد يعاود والد أحمد طرق أبواب ألمانيا وأعد ملفا جديدا حدد على اثره موعدا جديدا لعمليةابنه بتاريخ 18 نوفمبر 2009. ورغم التطمينات بالموافقة على العلاج بالخارج فإن اللجنة المختصة وعلى اثر اختبارها الطبي بمستشفى الرابطة رفضت مطلب العلاج بألمانيا. يقول السيد أحمد ان الرفض لم يكن مبررا مضيفا أن عديد العمليات تتواصل الموافقة عليها في عديد البلدان الأجنبية وتصل كلفة بعضها الى 500 أ.د! ودخل الولي المصدوم في صراع ملفات مع اللجنة الوطنية الفنية للعلاج بالخارج التي اعترض على رفضها فأجابته برفض جديد قبل اسبوعين من موعد العملية! السيد أحمد مؤمن واصل سعيه الى الحصول على الموافقة فقابل وزير الصحة سنة 2010 وقبله كاتبة الدولة وكانت النتيجة احالات عبثية على المسؤولين والمديرين في الوزارة انتهت أيضا برفض جديد لمطلب العلاج بألمانيا في جانفي 2010. ومع تمسك الاب بخيوط أمل واصل «ازعاج» مسؤولي ال«كنام» ووزارة الصحة الذين وعدوه مجددا بحل وانتهت سنة 2010 باختبار جديد ورفض متجدد. أمام هذه الوضعية أشار البعض على الولي الملتاع باعداد ملف جديد وفحوصات جديدة بألمانيا وايداع مطلب جديد فحمل معه ابنه الى ألمانيا في أفريل 2011 وعاد بتقرير يؤكد ضرورة القيام بالعملية الجراحية في بداية شهر سبتمبر القادم 2011 وكالعادة أعاد السيد أحمد طلبه الموجه الى في ال«كنام» لكنه لم يخف استعداده لتلقي صدمة جديدة بالرفض! وهنا تساءل في نبرة غاضبة هل أنا مطالب برفع الأمر الى الأممالمتحدة لأضمن حق ابني في العلاج بالخارج؟». وفي ذلك تعبير عن حالة الألم واليأس التي بدت عليه بعد سنوات طويلة من المعاناة والانتظار اثرت سلبا على الحالة الصحية لابنه الذي ارتقى الى مستوى الباكالوريا رياضيات وهو يحلم بأن يسافر للعلاج بألمانيا من مرض رافقه منذ السنة الثانية ابتدائي!؟ السيد أحمد مؤمن ختم حديثه الينا بنداء حار وعاجل الى السيدة وزيرة الصحة وادارة ال«كنام» كي يتم رفع الحظر على ابنه المعوق كي يتمتع بحقه في العلاج والعملية الجراحية بألمانيا حتى لا يفوته الموعد الجديد متسائلا عن سر الرفض المتواصل لقبول طلبه في الوقت الذي يوجه فيه عديد المرضى الى مختلف البلدان الأجنبية لاجراء عمليات جراحية بتكاليف خيالية أحيانا!!