ثمّة عبارات كثيرة صادرة عن أقطار عربيّة مختلفة باتت متداولة على الألسن بعد الثورات العربيّة: بعضها عاميّ، دارج، وبعضها عربيّ فصيح ...بعضها يشير إلى مفاهيم سياسيّة،وبعضها يشير إلى ظواهر اجتماعيّة... لكنهاّ تؤكّد، مجتمعة، أنّ الثورات العربيّة قد خلقت فعلا مصطلحاتها، ونحتت معجمها، وفرضت لغتها على الخطاب اليوميّ. وقد اخترنا، في هذه الورقة، أن نقدّم تعريفا لبعض هذه المصطلحات، محاولين الإحاطة ببعض دلالاتها الحافة: البلطجيّة: هم، في الأصل ،حاملو البلطة. والبلطة هي سلاح الحرس التركيّ في العهد العثمانيّ، وقد عدّت، كما يقول الروائي السّوري نبيل سليمان، علامة السلطة والقوّة والرعب. ويضيف :قد يكون البلطجيّ مرتزقا من مرتزقي النّظام كما قد يكون متطوّعا لوجه العائلة أو الحارة أو القرابة أو الجاه...وهم، في كلّ الأحوال، كما يقول سليمان، أدوات السلطة الجارحة..فالبلطجيّ ينسى أنّه إنسان ويحسب نفسه سوطا أو بندقيّة أو خنجرا أو لسانا بذيئا أو قبضة حديديّة أو قدما رافسة. البلاطجة: تشير في اليمن ،كما يقول الروائيّ نبيل سليمان، إلى فتوّات الحارات والقبائل الذين يتحرّكون في مجموعات صغيرة ( بين ثلاثة وأربعة أشخاص) متدرّعين بالكلاشنكوف أو بسلاح أبيض. التكنوقراطيّة: تقول المعاجم إنّه اتّجاه اجتماعيّ ظهر في الولايات المتّحدة على أساس أفكار الاقتصادي تورشتاين فيلين. ويزعم أنصار التكنوقراطية أنّ الفوضى وعدم الاستقرار في النّظام الرأسمالي إنّما يعودان لإدارة السياسيّين لأجهزة الدّولة وهم يعتقدون أنّه بإمكان علاج المجتمعات من أزماتها الاقتصاديّة والسياسيّة في حال سيطرة التقنيّين على الحياة الاقتصادية وإدارة الدولة. حادثة الجمل: وقعت هذه الحادثة يوم 2 فيفري2011 حين اقتحمت مجموعة من البلطجيّة يركبون ظهور الجمال والخيول ميدان التحرير بالقاهرة لتفريق المعتصمين.وقد أسفرت هذه الحادثة عن سقوط 11 شهيدا وإصابة 1300 جريحا. وتفيد التقارير أنّ أعضاء بارزين في الحزب الوطنيّ الحاكم اتّفقوا مع أعضاء الأمانة العامّة مساء الثلاثاء أوّل فيفري على تكليف أمناء الحزب في المحافظات وأعضاء مجلس الشعب والشّورى باستقدام بلطجية لإخراج المتظاهرين عنوة من ميدان التحرير على أن يتكفّل بعضهم بدفع 50 جنيها ووجبة لكلّ مشارك. وقد أثارت هذه الحادثة غضب القوّات المسلّحة المصريّة فظلّت في حال انعقاد دائم ...ثم ضغطت، في مرحلة ثانية، على حسني مبارك لمعاقبة الجناة بعد التأكد من أنّ الواقعة مدبّرة من الحزب الوطنيّ. الدكتاتور: تشير هذه العبارة المستخدمة في اللغات اللاتينية والأنقلوسكسونية والجرمانية إلى الطاغية من الحكّام. وهي مشتقّة من الفعل اللاتيني dictare ومعناه يتكلم، ويأمر، ويوجّه... وتوسّع بعد ذلك الحقل الدلالي للفعل ليشير إلى معاني التسلّط والهيمنة. وقد تحدّثت المعاجم عن صفة الدكتاتورية خلعت على صنف مخصوص من الحكم في العهد الرومانيّ، حيث يمنح الشعب كلّ السلط للإمبراطور في ظروف الحرب والأزمات الكبرى ليبقيها بين يديه ردحا من الزمن ثمّ يستردّها بعد ذلك. المخلوع: جاء في «لسان العرب» خلع الرجل الثوب إذا ألقاه عنه، ويقال خلع امرأته أي أزالها عن نفسه وطلّقها. وسمّي ذلك الطلاق خلعا. والخليع هو المستهتر بالشرب واللهو.والخليع أيضا المتبرّأ منه. وسمّي الإمام أو الأمير إذا عزل خليعا لأنّه لبس الإمارة أو الإمامة ثمّ خلعها. والخليع هو الذئب والغول. أمّا عبارة المخلوع فقد استخدمت في قولهم رجل مخلوع الفؤاد إذا كان فزعا. المستبدّ: عرّفه الكواكبي قائلا هو المتصرّف في حقوق قوم بلا خوف تبعة ...ثمّ أردف هذا التعريف بتعريف ثان فقال: هو المتصرّف في الشؤون المشتركة بمقتضى الهوى. ولاحظ الكواكبي أنّ النّاس قد يستعملون في مقام صفة «مستبدّ » كلمات أخرى مثل الحاكم بأمره والحاكم المطلق والظالم والجبّار وكلّها تشير إلى الحاكم يتصرّف في شؤون النّاس بإرادته لا بإرادتهم ويعلم من نفسه أنّه الغاصب المتعدّي، فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من النّاس يسدّها عن النطق بالحقّ والتداعي لمطالبته.