«نحيّ يدك على مبدعينا» شعار لم يصمد طويلا قبل أن تمتد أيادي المتطرفين عشية أول أمس الأحد 26 جانفي 2011، بقاعة سينما «أفريك آرت» بالعاصمة، لا لمنع المبدعين من ممارسة حريتهم. ولم يكن الشعار في الحقيقة، سوى عنوان لتظاهرة ثقافية نظمتها جمعية «لمّ الشمل» بالاشتراك مع المعهد العربي لحقوق الانسان، وذلك عشية الأحد 26 جوان 2011 بقاعة سينما «أفريك آرت» بالعاصمة، لما قدمت مجموعة من الشباب قبل موعد الافتتاح، هدفها منع التظاهرة وحظر عرض فيلم « Ni maître ni Dieu» للمخرجة السينمائية نادية الفاني. ماذا يريدون؟ ولم يكن الفيلم في الحقيقة سوى فقرة من ضمن فقرات التظاهرة التي تضمّ في برنامجها فيلما آخر بعنوان «في انتظار أبو زيد» للمخرج محمد علي الآتاسي وفقرات غنائية اضافة الى شهادات لمبدعين تعرضوا بعد 14 جانفي 2011 الى جملة من الاعتداءات اللفظية والمادية من قبل متطرفين وذلك بسبب أفكارهم وآرائهم. ومن هؤلاء المخرج نوري بوزيد، والمخرجة نادية الفاني والممثلة سوسن معالج والشاعر منصف الوهايبي والشاعر محمد الصغير أولاد أحمد والفنانة آمال الحمروني. الحادثة وقبل انطلاق التظاهرة في الساعة الخامسة مساء، كانت شعارات مجموعة الشباب التي تجمهرت أمام باب القاعة، دينية فيها دعوة الى عدم عرض فيلم المخرجة نادية الفاني لأنها في نظرهم «كافرة» و«ملحدة» وفي فيلمها «دعوة الى الكفر والالحاد». كما طالبوا الجمهور بعدم مشاهدة الفيلم مردّدين شعارات «اللّه وأكبر» و«يا كفار يا خمّاج». وأمام اصرار الجمهور على دخول القاعة لمتابعة التظاهرة قام جانب من عناصر المجموعة أغلبهم من الملتحين على طريقة «السلفيين» بالتصدي للجمهور بهدف منعه من الدخول ثم راحوا يرشقون واجهة القاعة بالحجارة ممّا أدّى الى كسرها وكسر بلور شباك التذاكر.. ورغم تدخل الأمن تسلّل عناصر المجموعة الى القاعة مطالبين الحاضرين بالخروج. كما قاموا بتعنيف عدد منهم (أي من الجمهور) وصفعهم بشكل مهين. في الأثناء تدخل الأمن بالقوة للقبض على عدد من عناصر المجموعة والزج بهم في سيارة الشرطة. وبايقاف أعوان الأمن لعناصر من المجموعة، اضطرت البقية الأخرى الى الهروب رافعة العلم الأسود وقد كتب عليه اللّه أكبر. كما راحت تجوب الأنهج القريبة من القاعة مردّدة شعار «اللّه أكبر». ماذا قال المبدعون؟ ورغم حالة الفزع التي أحدثتها المجموعة داخل القاعة وخارجها تمسّك الجمهور بمتابعة التظاهرة ومشاهدة فيلم المخرجة نادية الفاني، والتصفيق له بلا انقطاع. وعلق الناقد السينمائي ناصر الصردي أحد المشاركين في تنظيم التظاهرة على الحادثة قائلا: «لهذه الأسباب وجب حماية حركة التعبير والتصدي لظاهرة التطرف التي ما فتئت تنتشر في تونس بعد 14 جانفي 2011». وأضاف «قبل 14 جانفي كانت بعض الأفلام تعرض تحت رقابة البوليس، واليوم أصبحت تعرض بحضور البوليس». وتساءل: ماذا تغير؟ وعلّق أحد أعضاء جمعية «لمّ الشمل» منظمة التظاهرة قائلا: «حرقوا كتب ابن رشد» و«الحداد» وقتلوا «الحلاج» واليوم يريدون قتل الابداع والمبدعين». أمّا المخرج السينمائي أحمد حرز اللّه فلم ير في الحادثة خطرا على الابداع والمبدعين، واعتبرها حادثة عادية ومعزولة لا تمثل سوى قلة قليلة جدا من المجتمع .