شهدت الجلسات الأخيرة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بعض التدخلات الملغومة لتمرير بند التطبيع أو ما شابه من الكلمات الأقل حدّة لكنها عميقة في معانيها لتكون في ما بعد مشروعا مستقبليا يتطور مع الأيام ليتّسع إلى الزيارة إلى قلب الكيان الصهيوني ويصبح مفخرة من المفاخر يتشدّق بها العملاء والخونة. «نحن الجود نحن الكرم نحن الشهامة نحن الهمم» تلك كلمات تجسدت في أروع معانيها لتصف شعبا دوّخ كل الجمعيات العالمية والدول بجميع أصنافها بمدى كرمه وجوده اللاّمحدود رغم المحن التي تعصف بالبلاد. وإني أعتقد جازما أن هذه المجموعة المهرولة لا يعنيها هذا الوصف ولم تشعر ولم تر بأم عينها عندما هبّ الشعب كلّه طيلة شهر وأكثر وزحف مثل الطوفان لنصرة الاخوة والجيران الذين هربوا إلينا حفاة عراة فتقاسم فقيرنا معهم اللقمة وفتح لهم حضن بيته المتداعي ليأويهم. بل لم يشعر هؤلاء ولم يقسموا مع البقية معاناة مناطقنا الفقيرة والمعدمة فجعلتها ثورة الأحرار قضية شعب برمته، بل أين كانوا بالأمس القريب وهم يعاينون وضع هؤلاء ويرون وضعهم المزري بأمّ أعينهم؟ فإذا كنتم تفتخرون بالتطبيع وزياراتكم، أنسيتم والشعب الثائر لا ينسى أن هؤلاء الصهاينة هم من استباحوا حرماتنا وحرمات ديارنا وأرضنا ليغتالوا ضيوفنا بدم بارد في أكثر من مناسبة دون احترام لساكني الديار؟ أنسيتم كرم هذا الشعب تجاه ضيوفنا وسياحنا فكان جزاء هذا الكرم إغراق أسواقنا في عديد المناسبات بسمومهم الملوثة عن قصد وتعمّد وعن طريق مكتبهم التجاري الذي فتحه لهم زعيمكم الهارب؟ إن المجرم الذي يجازي كرم شعبنا وأرضنا خرابا ودمارا لا يستحق أن يكون بندا من بنود أطروحات مستقبلنا الذي ينجسها. بل هؤلاء المفتخرون بزياراتهم وعلاقاتهم القذرة والمناصرون لهذا الاجرام من سمح لهم وأدخلهم هناك ليتكلموا باسم الثورة والثائرين، أم هل تسلّلوا مع المتسللين لتخريب وإطفاء شعلة ثورتنا التي أضاءت العالم ولم نقدرها حق قدرها مع المخربين؟! إن الذي يمدّ يده للمجرم ويستميت في الدفاع عنه وعن إجرامه يهدي إلى هذا الكيان وما يجلبه إلينا خفية من مواد مخرّبة ومسمومة ليس مكانهم بيننا ولا بين من ائتمناهم على ثورتنا. بل مكانهم هو قفص المحاسبة على رضاهم بكل هذا والدفاع عنه.