الرئيس الامريكي اوباما أعرب عن «اطمئنانه الشديد للتقدم» الحاصل في تونس..شكر الله سعيه ابن حسين ،وشكر الله سعي وزيرته للخارجية هيلاري كلينتون السعيدة هي الأخرى بما حصل في بلادنا ..وقد يكون السيد الباجي قائد السبسي الذي ابلغه اوباما هذا الكلام سعيدا وكذلك وزيرنا للخارجية في حكومتنا المؤقتة أولئك الذين عادوا من امريكا وبعضهم شكل احزابا او ينشط في اخرى ...وهذا من حقهم ...ولا نشك في صدق ووطنية رئيس حكومتنا المؤقتة بالرغم من ان هناك سؤالا لا يمكن إلا أن نطرحه :لماذا طلبت واشنطن من رعاياها «الحذر» خلال وبعد الانتخابات اذا كانت مطمئنة كل هذا الاطمئنان أم أنها تتوقع «احتكاكات» و»تتوقع» ما الذي سيدفع إليها؟ ..هذا ليس موضوعنا اليوم ..هناك كلام آخر للسيد اوباما جاء فيه : «بالنسبة للولايات المتحدة، الرهان على نجاح تونس رهان هائل» ..وهنا نقول ان رهانكم يا سيادة الرئيس ليس رهاننا ويجب الا يكون رهاننا ..فقد مضى زمن طويل على قول نسب الى زعيمكم جورج واشنطن خلال خطابه في الكونغرس عام 1789 في جلسة إقرار الدستور الأمريكي (وفي وثيقة اخرى نسب الى بنجامين فرانكلين) «هناك خطر عظيم يهدد الولاياتالمتحدة وهو خطر اليهود . إنهم كوّنوا حكومة داخل الحكومة. وحينما يجدون معارضة من أحد فإنهم يعملون على خنق الأمة ماليا.أيها السادة : إذا لم يطرد اليهود من الولاياتالمتحدةالامريكية بالقانون في غضون أقل من مائة سنة فسوف (...)يحكموننا ويهدموننا ويغيرون تكوين دولتنا التي نصير فيها نحن الامريكين الأصليين ننزف دماءنا ونضحي بأنفسنا وممتلكاتنا وحرياتنا وهويتنا الشخصية والذاتية .سيكون أبناؤنا في الحقول يعملون كي يطعموا اليهود ، بينما يعيشون هم وأبناؤهم في مكاتب المحاسبة وعقد الصفقات نشوانين طربا ويفركون أيديهم مرحا»( انتهى الكلام)...ومضى وقت طويل ايها السادة في واشنطن على 20 فيفري 1778 حين كانت المغرب وعلى لسان سلطانها سيدي محمد بن عبد الله أول دولة تعترف باستقلال امريكا،وحين رفض الرئيس الامريكي ثيودور روزفلت الاعتراف بالحماية الفرنسية على المغرب بعد ذلك.ومضى وقت طويل سيد اوباما وسيدة هيلاري على «وقوف» بلدكم الى جانب تحرر البعض من الدول العربية رغم ان ذلك لم يكن لسواد عيوننا بل من اجل سواد نفطنا ومن اجل تطبيق «مبدأ أيزنهاور» في خمسينيات القرن الماضي الذي قام على محاربة عبد الناصر والقومية العربية ومنع التغلغل السوفياتي في المنطقة (عبر التيار القومي) ومن اجل الحلول محل الامبراطوريتين المنهارتين فرنسا وبريطانيا...لقد مد العرب أيديهم إليكم وأولهم عبد الناصر لكنكم اخترتم أولئك الذين حذركم منهم زعماؤكم ..لقد محوتم ما كان لأسلافكم من «حسنات» ورسّختم في سياساتكم وفي أذهاننا مواقف أخرى ..وبعضها من التاريخ هي أيضا ..مواقف المواجهات العسكرية مع أجدادنا وانتم تعملون على بسط إمبراطوريتكم ...ومازال نشيد «مارينزكم» يردد صدى هذا العداء حيث تنشدون الى اليوم ( من قاعات مونتيزوما الى شواطئ طرابلس نحن نحارب معارك بلادنا في الجو والأرض والبحر)..لم تنسوا مواجهتكم لباشا طرابلس (يوسف القرمنللي ) عندما أسر سفينتكم (فيلادالفيا) في 31 اكتوبر 1803..وما زلتم الى اليوم تعيدون طقوس التخرج لضباط بحريتكم بالسيف واللباس ..طقوس تعود الى أيام تلك المواجهة ابان ما سمي الحرب الطرابلسية. ..لقد آذيتم العرب بما لا يحتمل..تدميركم العراق واحتلاله وقتل مئات الآلاف من أبنائه ..تدخلكم في الصومال وقتلكم للسودانيين ..قصفكم لطرابلس عام 1986 ثم قتلكم لأبنائها الآن بصرف النظر عما أوصل إلى ذلك ..وقوفكم مؤيدين حتى النخاع للصهاينة وهم يقتلون أشقاءنا في لبنان لمدة ثلاثة وثلاثين يوما وفي غزة يصبون «الرصاص المسكوب» على رؤوس أهلها ..استخدامكم للفيتو أربعين مرة نصرة للكيان الصهيوني وإسقاطا للحق العربي في فلسطين ..حتى منظمة ثقافية علمية مثل اليونسكو رفضتم ان يكون للفلسطينيين فيها وجود ..وغير ذلك كثير..بأسلحتكم وحلفكم الاطلسي وغطرستكم سالت انهار من الدماء العربية في بنزرت وفي الجزائر وفي مصر وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق والصومال والسودان ..ناهيك عن شعوب اسلامية اخرى قد تفرض العلاقات الدولية على السيد الباجي قائد السبسي أو من يخلفه أن تكون لتونس علاقات معكم ..نحن لا ننكر ذلك لكن لن يكون رهاننا رهانكم ... حذرنا ربّ العزة جلّ وعلا بصريح قرآنه الكريم من أنكم لن ترضوا عنا حتى نتبع ملتكم ..ونحن لن نتبع ملتكم ..ببساطة لأنكم لا تعرفون من العدل إلا شعارا ترفعونه زيفا و من الحرية إلا ما يخدم مصالحكم و من الديمقراطية إلا ما يسير في ركابكم ...بالأمس فقط كنتم عونا للطغاة علينا ..وجئتمونا مرغمين بعدما ثرنا وأسقطنا الأصنام ..جئتم للالتفاف على ثورتنا بعنوان المساعدات..لكن لن تخدعونا ..ستفرض علينا المصلحة ربما أن نهادنكم.. لكننا نعرف كيف نجوع ولا نأكل الرغيف المدنّس للكرامة ..فلتعلموا هذا وليعلم المتسابقون على الكراسي في بلدنا هذا ..وثقتنا في وعي شبابنا كبيرة .فهم لن يقبلوا بغير علاقات متكافئة تحترم اختياراتنا .. ولن ينسوا أنهم جزء من امة مازال الكثير من أبنائها يموتون ويهانون وتهضم حقوقهم.. شبابنا لن يفرطوا في حقوق امتنا...وبالتالي فان رهاننا سيد اوباما ليس رهانكم لأنكم في واشنطن نسيتم وصية اسلافكم وأصبحتم أسرى للصهاينة.. ولأننا لن نخذل الأمة ولن ننسى فلسطين.