أصبحت السخرية اليومية من قناة حنبعل ظاهرة قوية في الموقع الاجتماعي، وقليل هم الذين لم يتلقوا يوميا رسالة تدعو إلى «شكر صاحب القناة»، أو إلى تقاسم فيديو أو صورة ساخرة عن هذا الموضوع. يجب أن نذكر أولا أن للموقع الاجتماعي لغته الخاصة ومواصفاته التي لا تعترف بقوانين الصحافة والنشر ولذلك نشهد حملات ضارية ضد أشخاص معروفين تدهشنا نحن الصحفيين بما فيها من قدرة على العثور على وثائق وصور قديمة وكم هائل من المعلومات فيه الغث والسمين طبعا. وكثيرون هم الذين اكتووا بنار حملات فايسبوك بعد الثورة، حتى أن العديد من المسؤولين والسياسيين لا يبدأون نهارهم إلا بإلقاء نظرة على آخر ما في الموقع من حملات. وفي الأصل، لم تكن قناة حنبعل أو صاحبها السيد العربي نصرة يمثلان مشكلة خاصة في الموقع، إلى أن بثت القناة منذ بضعة أسابيع تسجيلات لمواطنين عاديين في بعض الأرياف الغربية للبلاد يشكرون فيها «باعث قناة حنبعل»، ومن هناك اشتعلت نيران حملة ضارية على القناة وصاحبها في الموقع وفي عدة منتديات، ثم تحولت هذه الحملة إلى موضوع السخرية اليومي المفضل عند منخرطي الموقع. لقد تضمنت تلك التسجيلات بعض الإيحاءات التي فهمها الناشطون على أنها استعداد محتمل للترشح للانتخابات، فيما اتهمته الأغلبية بأنه استغلال لظروف اجتماعية مزرية لبعض جهات البلاد لاستدراج مواطنين بسطاء إلى شكره، في إطار «شاكر نفسه يقرئك السلام»، خصوصا بعد أن قدم بعض مواطني جندوبة عريضة يستنكرون فيها تلك الطريقة في استدرار الشكر. وتحولت تلك التسجيلات من «شكر واعتراف بجميل صاحب قناة حنبعل» إلى ظاهرة سلبية ضد القناة وإلى إحدى أكبر الحملات الإعلامية ضراوة في البلاد ضد القناة وصاحبها. واتخذت هذه الحملة عدة عناوين تستعمل كلها صيغة المبالغة من نوع: «لا أستطيع أن أنام دون أن أكتب تصبح على خير صاحب القناة»، أو: «إذا أردت أن تنجح في حياتك، اكتب شكراً لباعث القناة وأرسلها إلى 25 شخصا وسوف تسمع خبرا مفرحا هذا اليوم». ثم اتخذت الحملة حجما أكبر بمساهمة «كابتن خبزة» فيها، وهو مدون معروف جدا على الموقع وينشر سكاتشات ساخرة بشكل مستمر، وقد خصص للسيد «باعث القناة» حلقة على درجة كبيرة من الطرافة تذكرنا بحصة مماثلة على قناة كنال بلوس الفرنسية. وجاء فيها «أنت مستقبل الأولاد والبنات، لا ينحيك علينا يا باعث القناة». وتم تداول هذا السكاتش على نطاق واسع، ضمن هذه الحملة التي أصبحت من المكونات اليومية للتونسيين على الموقع، كما يساهم آخرون فيها بصور طريفة ومقالات قديمة عن «باعث القناة» خصوصا فيما يخص علاقته بالنظام السابق. أما أطرف ما قرأنا في هذه الحملة، فهي جملة أطلقها زميل تونسي في الخليج: «ليس هو فقط باعث القناة، أنا أيضا باعثها»، في المعنى الدارج للكلمة طبعا.