تونس الصباح في السنوات الأخيرة غابت تقريبا الاعمال الكوميدية الساخرة بعد أن كانت في التسعينات ركيزة البرمجة التلفزية في رمضان، فأصبح نتيجة لذلك فن الكوميديا لقمة سائغة لكل من هب ودب وللذين تمكنوا من التسلل حتى الى المسرح كي يمارسوا العبث باسم الكوميديا. وفي شهر رمضان الحالي نلحظ أن نجوم الكوميديا الذين برزوا في التسعينات وأقنعوا الجمهور التونسي بموهبتهم و«خفة» روحهم» وخصوصا قدرتهم على تمرير الرسائل الناقدة قد عادوا بقوة ليسجلوا حضورهم وليدخلوا البهجة وكثيرا من «التنفيس» نقديا على متتبعي قناة «تونس7» وايضا قناة «حنبعل» ونقصد طبعا كلا من نصر الدين بن مختار في سلسلة «واضح» على قناة حنبعل والثنائي المنجي العوني ونور الدين بن عياد في سلسلة «ما بيناتنا». والى حد الآن وبالنظر الى الحلقات التي قدمت يمكن القول أن تجاربهم قد تطورت وأصبحوا يجيدون حياكة نص السلسلة الكوميدية ويعملون على تفجير الكلمة والموقف دون اللجوء الى الاستسهال والتنكيت الساذج. فالواضح أن جميع الأسماء المذكورة قد صقلت موهبتها وأصبحت تتعاطى مع فن الكوميديا بأكثر مسؤولية، بل انهم تمكنوا من حسن التصرف والاستثمار في الهامش المتوفر لهم للنص وللتعليق. ولعل حلقة «الشنقال» لنصر الدين بن مختار وايضا معالجة الثنائي نور الدين بن عياد والمنجي العوني لظاهرة التحيل على أحلام الشباب الراغبين في «الحرقان»، تكشفان عن الالتصاق بهموم المجتمع التونسيالجديدة وهو ما يتطلب منهم مواصلة النبش في المشاكل الجديدة والظواهر الحديثة العهد دون العودة الى تكرار مواضيع سبق أن تم طرحها. ان مقاطعة التهريج والزج به في فن الكوميديا خطوة جوهرية للوصل مع لبنة اولى كانت قد وضعت مع الاسماء المذكورة وغيرهم. ومن خلال مشاهدة الحلقات التي تم عرضها الى حد الآن، نلحظ أن اللجوء الى السلسلة الهزلية على شاكلة المسلسل «شوفلي حل» لا تغني بالمرة عن متعة وأهمية السكاتشات القصيرة والدسمة بالرسائل الناقدة وبما يسمى فن السخرية اللاذعة.