لا أعتقد أن تونس عرفت أو ستعرف صيفا أسوأ من هذه الصائفة بالنسبة الى المهرجانات ليس بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية فقط بل بسبب الاختيارات الغريبة والمقاييس الغامضة في اختيار العروض المسرحية خاصة. فاللجان الاستشارية التي أحاط بها السيد الوزير نفسه على اعتبار أنها تمثل القطاع الثقافي لا نعرف من إنتخبها والتي تكفلت باختيار العروض في المهرجانات لم تعتمد مقياسا واضحا في العروض وهو ما عرض عملها واختياراتها للكثير من النقد والطعن الذي يبدو منطقيا في غالب الأحيان. ففي الوقت الذي اختارت فيه اللجنة الاستشارية للمهرجانات مجموعة من العروض المسرحية من بينها أعمال قديمة جدا أبعدت مسرحيات أخرى جديدة بل موضوعها الأساسي ما حدث قبل وبعد 14 جانفي في تونس الذي كان منطلقا لتحولات كبرى في العالم العربي. نساوين هذا العمل لنبيل ميهوب نصا واخراجا وهو من بين المسرحيين الذين اختاروا دائما الابتعاد عن ثقافة «الولائم» التي تخصص فيها بعض المسرحيين قبل الثورة وبعدها بل فيهم من كان من العناصر الأساسية في الاستعراضات النوفمبرية والآن أصبح له نفوذ يصل الى درجة المستشار الشخصي للوزير وان كان غير معلن هؤلاء المسؤولون القدامى الجدد أبعدوا هذه المسرحية التي بدأ الاعداد لها منذ يوم 10 ديسمبر وواكبت أعدادها كل الأحداث في تونس من مظاهرات واعتصامات وانفلاتات أمنية ورغم ان نبيل ميهوب قدم ملفه منذ شهر ديسمبر الى الوزارة فلم يحظ بالبرمجة في المهرجانات لا قرطاج ولا الحمامات في الوقت الذي كان من المفروض ان يبرمج عمله في افتتاح أحد المهرجانات الكبرى. عرض فرجوي هذا العمل أعده موسيقيا خالد السنوسي مع ثماني عازفين وكل الأغاني فيه «لايف» وهي ملحنة خصيصا للعرض المسرحي فيها أغان من كلمات الشاعر الشعبي عبد الرحمان الكافي وأغان أخرى من كلمات نبيل ميهوب ويشار فيها مجموعة من الممثلين وهم منال عبد القوي وفتحي المسلماني وحنان الشقراني ويسرى المناعي ورحاب الهلالي وسامي الرزقي وتوفيق شبشوب ودارين بوغزالة. هذا العمل المسرحي الفرجوي حرم من المهرجانات في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون له الأولوية فهل ينصفه الوزير في أيام قرطاج المسرحية على الأقل بعد ان ضاعت فرصة المهرجانات؟