عندما شنّت الإدارة الأمريكية حربها على العراق ردّدت أبواقها أن «الفاتحين الغزاة» سيستقبلون بالورود.. وقد صدقوا... إذ لا يمر يوم واحد دون أن نسمع عن رتل مارينز رمي بالورود من فوق جسر وحتى وهو يمر في الانفاق... ولقد بلغت الحفاوة العراقية ذروتها عندما أصبح العراقيون يزرعون بأثاث الورد على حافة الطريق تتفتّح كلما مرت مفحات أمريكية حذوها... غير أن هذه الحفاوة المتصاعدة بدأت تزعج المارينز لأن الورد فيه شوك والشوك يؤذي ويدمي ونغرز في اللحم الطري... بل ويخترق السترات المضادة للرّصاص.. هم جاؤوا في مهمّة سياحية يقودهم أذلاء سياحيون لا يعرفون خارطة الطريق ولا علامات التاريخ أو جغرافيا المقاومة... وقطعا هم يعرفون طريق الهروب من الجحيم. حتى بول ولفويتز مهندس الحرب على العالم والذي ينحدر من أب يهودي لمس نجاح خطته لمس اليد عندما أرسل له العراقيون باقات ورد أحمر الى مرقده في نزل الرشيد... اعترافا له بالجميل على رغبته في قيادة العراقيين الى جنته بالسلاسل والنار الحامية.. قبل أن يطل عليه عزرائيل بلحظات كان العقل المدبر في البنتاغون يصرح للصحفيين بأنه سعيد جدا بما تحقق في العراق من أمن وأمان وتباشير بعودة الرخاء... ثم زغردت الصوايخ تحت وسادته فغادر العراق مذعورا... ذعر وهو الذي يصنع الحرب والدمار في مكتب وثير في الناحية الأخرى من الكرة الأرضية فماذا يقول إذن هؤلاء الجنود «المحرّرون» الذين يتجوّلون بين فكّي الكماشة... هم يدفعون الملايين للحصول على معلومة.. والعراقيون لا يدفعون مليما لأن الحجر والشجر يشي بالجندي الأمريكي المختفي وراءه... والآن ها هم جنود التحرير يتوقون الى من يُحررهم هم... مخدّرات لمنع القلب المذعور من الانفجار... وإقبال محترم على الانتحار وهروب من الجندية «بدشداشه» التجار الشطّار... في الأثناء صرف الساسة الأمريكان نظرهم ونظر الآخرين عن حكاية «أسلحة الدّمار الشامل».. تلك الكذبة الموصوفة التي شرعت الحصار والدّمار.. وركزوا على حربهم ضد الأشباح... ضد الارهاب.. تعلة أخرى لجعل الحرب بلا نهاية وبلا حدود وبلا سند شرعي... وبلا محاسبة اخلاقية أو انسانية أو قانونية... غير أن يوم الأحد جدّ ما هزّ الأمريكان.. إنها الصدمة المضادة.. قتيلا في يوم أحد وبأي طريقة... والآن يمكن القول أن بوش الذي كان يقول أن مستقبل العراق في يديه أصبح مستقبله هو في يد المقاومة... تعالوا إذن نعيد الحساب!