في ثاني نشاط لها منذ تأسيسها نظمت صباح الأحد جمعية الصفرة للمواطنة بأحد نزل مدينة سوسة لقاء عنون ب «أي مستقبل للثقافة بالجهات: ولاية سوسة مثالا» بالتركيز على محورين وهما: الثقافة والمواطنة والثقافة والتنمية الجهوية. حضر اللقاء جمع من الوجوه الثقافية والفنية بسوسة والمهتمين بالشأن الثقافي عموما بمشاركة الأساتذة محمد زين العابدين وهو أستاذ في العلوم الثقافية واختص في المجال الموسيقي والناصر بالشيخ أستاذ في تاريخ الفن فيما تغيّبت ألفة يوسف وعوّضها الأستاذ رياض مرابط مختص في علوم الآثار. وبعد تأطير اللقاء من طرف رئيس هذه الجمعية النشيطة السيد سامي بن شريفة تحدّث الأستاذ الناصر بن الشيخ عن اشكالية تعريف الثقافة ودور الثقافة في المجتمع فيما ركّز الأستاذ رياض مرابط على مفهوم التراث وأبعاده وعلاقته بالثقافة وبالتنمية. بين الواقع الابداعي والواقع المادي اعتبر الأستاذ محمد زين العابدين ان الثقافة والسياسة متلازمان ودعا الى ضرورة الضبط الدقيق والممنهج والموضوعي والنزيه للدعم المخصص للنشاط الثقافي بين الجهات لتخليص الثقافة من المركزية مؤكدا على الحرفية الثقافية من خلال صناعة متكاملة الشروط والظروف وإعطاء الثقافة بعدها الحقيقي بعيدا عن العشوائية والتهميش ودعا أيضا الى حسن استثمار العلاقات الدولية في ما يخص القطاع الثقافي وعدم القطع مع الماضي والحرص على تأسيس ثقافة متجددة مضيفا «من العيب ان لا نجد اهتماما بالأرشيف الخاص بكل ما هو ثقافي والوزير الذي يأتي يلغي عمل السابق مما سبب عدم استمرارية ويؤثر سلبا على القطاع الثقافي عموما». تصادم برتبة صراع كل المداخلات كانت ارتجالية غير مكتوبة وقد دافع الأستاذ الناصر بن الشيخ عن الحبيب بورقيبة في العديد من المواضع وفي المقابل أكد الأستاذ رياض مرابط على الخلفية الايديولوجية التي يحملها حيث هاجم في بعض المواضع بورقيبة مما أثار الناصر بن الشيخ ودخلا في نقاش بعيدا كل البعد عن الموضوع الذي جاء من أجله. بين الرأي والكلام الجارح برز في كلام الأستاذ رياض مرابط ارساليات إيديولوجية وحتى لا تكون آراؤنا مسقطة نورد بعض الأشياء التي ذكرها وأثارت العديد من الحاضرين الذين اعتبروها تهكما ومسا من قدسية الدين الاسلامي كاعتباره ان كلمة الله هي نتاج تاريخي لتطوّر عدة ألفاظ ومصطلحات وتشبيهه «الزوايا» اي مقرات الأولياء الصالحين ب «الملهى الليلي للنساء» يتخمرن فيه بالرقص وغيرها من الإشارات التي لم ينكر فيها خلفيته الايديولوجية بصفة علنية، وإن كان حرّا في ذلك ولكن كان من المفروض توظيف خلفيته هذه في إطار مغاير لأنه حاد عن محور الندوة ان لم نقل ناقضه. دعوة للنهوض بالمشهد الثقافي الجهوي بعد المداخلات التي كان مبرمجا ان تكون مجرد تحفيز للحاضرين للتحاور ولكن أخذت أكثر من الوقت المخصص لها إضافة الى خروجها عن الموضوع المطروح واهتمت بنقاط نظرية أكاديمية وببعض الهوامش الايديولوجية الذاتية التي لم تخل من اتهامات وتهكمات خفية وعلنية أحيلت الكلمة بعدها الى الحاضرين الذي عبّر جانب منهم عن استيائهم من غياب ألفة يوسف حتى أن أحد الحاضرين عبّر قائلا: «لو كانت التظاهرة في تونس العاصمة لحرصت ألفة على الحضور» فيما أكد العديد على ضرورة ضخ المشهد الثقافي بسوسة واصفا إياها بالتصحّر داعين الى ضبط استراتيجية واخراج الثقافة من الطابع الفولكلوري والاحتفالي والمناسباتية كما استاء العديد من الفراغ الذي يشهده المسرح البلدي وطول فترة غلقه غير المبرر. بعد خمسين سنة وجدت سوسة دون قلب!!! نور الدين الشطي من المقيمين بدولة السويد منذ 1963 صرّح قائلا: «لقد سمعت بالندوة عن طريق إذاعة المنستير وفرحت فمنذ خمسين سنة لم أسمع بنشاط ثقافي كما ينبغي في سوسة ما عدا نادي السينما الذي كنت أنشط فيه في الستينات غادرت سوسة وعندما رجعت مؤخرا وجدتها دون قلب فالثقافة قلب الانسان فلابدّ من تثقيف الأحزاب أيضا لأن السياسي يحتاج الى ذلك.