على عكس كل الانتظارات لم يستقطب عرض مسرحية «Made In Tunisia» للطفي العبدلي في اطار ليالي قرطاج جمهورا غفيرا وذلك على عكس عروضه السابقة في كل الفضاءات ومنها المسرح الأثري بقرطاج في السنة الفارطة. لطفي العبدلي قدم مسرحية «Made In Tunisia» أمس الأول بالمسرح البلدي بالعاصمة أمام جمهور قليل العدد، لكن هذا لم يمنع الفنان من أن يكون في قمة العطاء ولم يتأثر بهذا الحضور الضعيف. نسخة عرض أمس الأول يمكن اعتباره نسخة جديدة يقدمها لطفي العبدلي بعد ثورة 14 جانفي وذلك من خلال اقحام بعض المواقف المتعلقة بالأحداث وتأثيراتها على الشخصية التونسية. كعادته كان لطفي العبدلي جريئا في طرحه للقضايا وفي تعاطيه مع الأحداث والواقع التونسي ما بعد 14 جانفي. لكن هذه الاضافات أو هذا التحيين للمسرحية الذي قام به العبدلي كان سطحيا ولم يتضمن مراجعة عميقة للمضمون الأصلي للعمل، فجاءت هذه الاضافات مسقطة لذلك كان العبدلي مجبرا في العديد من المرات طيلة العرض على العودة الى نصّه الأصلي، والى استعمال جمل اعتراضية أو ألفاظ (تركيزة كلام) كما يقال بالعامية التونسية،وهو ما يخلق فراغات في العرض. مقاربات وبعيدا عن المقاربات النقدية الأخلاقوية التي يمقتها العبدلي وعبّر عن ذلك في أكثر من مناسبة آخرها في عرض أول أمس بالمسرح البلدي، يمكن القول إن السلوكيات التي نقدها العبدلي في عمله والمتعلقة بشخصية التونسي فيها الكثير من الصحة لكن هناك أعمق من ذلك كالنظام التربوي المختل الذي تلقاه التونسي طيلة عشرات السنين، وهناك السياسة الثقافية والاعلامية الفاسدة التي كانت تميّز الواقع التونسي وهي من مكونات الشخصية التونسية والتي يمكن أن تكون مادة ثرية يستثمرها العبدلي في عمله. لكن هذه الملاحظات لا يمكن أن تحجب الحضور الركحي الممتاز للممثل لطفي العبدلي، والأريحية التي يتمتع بها في التواصل مع الحضور، هذا الى جانب حرفيته في الأداء وقدرته الفائقة في إثارة الضحك. في الأخير نهمس في أذن العبدلي دعك من إثارة خلافاتك مع وسائل الاعلام وركز أكثر على عملك، فليس بيننا وبينك «لا حرثة ولا ورثة» !