بقلم: البشير العباسي (مرب وبيداغوجي) ... أبدأ الكلام بما هو محمود بين الناس عامة وأقدس عند أهل العلم خاصة «العلم» الذي شرّف به الله ادم عن الملائكة «يا آدم أنبئهم بأسمائهم» البقرة 33 حري بصاحب العلم والمعرفة أن يتبيّن ما يقول ويدقق ما يصدرعنه من كتاب مكتوب أو كلام منقول... فالعالم مكرّم من الله ورفع الشان «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» المجادلة 11، وقد أعلى الرسول ے من شأن العلم ومن مقام حامله ومبلغه الناس. والعامل بعلمه بين الناس «مداد العلماء أكرم عند الله من دماء الشهداء» حبرك أيّها الظان بنفسك «صفة العلم» عند الله... افضل من دم الشهيد الذي سال دمه وذهبت روحه فداء للحق... حق الناس في حياة الكرامة والأمن والعز... ولهذا المقام العليّ عند الله وعليه مسؤولية أمام الله والناس، لأنه «العالم»!! ولهذا عليه ان يعلم الناس النظر الى الأمام لأنه يؤسس للمستقبل ويحذّر هو التقديس للماضي والنظر الى الخلف... الا اذا كان النظر بغاية الاعتبار والافادة والتزوّد للمستقبل... أما أن نتباكى على التاريخ ونظن أنفسنا نحسن صنعا فذلك طمع في محال... وقد تولى الله عز وجل بذاته تعليم الناس النظر الى الأمام والكدح نحو المستقبل وعدم البكاء على الاطلال والنواح ولزوم المقام والمكان... التجمّد والتمجيد للماضي... دون العمل والاضافة ونبّهنا القرآن ان لكل أمّة ما كسبت... لها انجازاتها... ولا تعيش على الماضي «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون» البقرة 134، يكرّرها القرآن لفتا للانتباه وايقاظا للضمير وتحميلا للمسؤولية لكن.... عالم التاريخ... بدل ان يدفع بالأمة الي الأمام والارتفاع نحو الفضائل والمكارم نجده يفجعنا ويصلينا نارا... الاحتراق بالماضي الميت الذي لا ينفع الأمة ولا يرقى بالناس... ما فائدة محمد الطالبي ان يثير «حادثة الإفك» هل هذا يدفع التونسيين خاصة والمسلمين عامة الى التسامح والتعاون والتحابب والتآخي... أم ينفخ في نار الفرقة والفتنة والصراع... بل وهدر الزمن... نحن في حاجة الى دفع التونسيين الى البحث فيما ينفع الناس... إما ان نستقزّهم ونضيّع وقتهم ونستنزف جهودهم في اثارة قضايا تعود الى ما قبل السنة العاشرة للهجرة فلا اظن ذا علم ومصداقي وغيرة على التسامح والدفع نحو الافضل يفيد شيئا كبيرا الا أن يفتن الناس في وحدتهم ويقتل زهرة التآخي قبل أن تبلغ وننعم بطيب ريحها... إنه يزرع الشوك في طريق الوئام... أنه يزرع الجمر في مسالك الحفاة الكادحين من أجل اخوّة وتوافق وطني. أريد أن أسأل الرجل القرآني... كما لقب نفسه... هل تأخذ حقا دينك من القرآن؟؟ لقد صرّحت ان الحديث لا يلزمه... وحادثة الإفك حديث وخبر وتاريخ والعلامة ابن خلدون رفع لنا راية عالية جذّابة، خفّاقة «التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الأخبار وفي باطنه نظر وتحقيق» الخبر يحتمل الصدق كما يحتمل الكذب... قيمتان أوحدان متساويتان... لا نميل لأحدهما إلاّ بحجّة وبرهان والبرهان برهانان أما نصّ قاطع أو رأي صادق صواب نزيه غير متحامل... هذا شرط علمي... بيني وبين الأستاذ الطالبي... أما من النص القاطع الذي يؤمن به كما صرح وأسلم به كما أعتقد... فلنعد الى سورة «النور» فقد جاء قوله تعالى «إنّ الذين جاءوا الافك عصبة منكم لا تحسبوه شرّا لكم بل هو خير لكم». النور11 إلى السيد الطالبي... صاحب اللغة.. هذا نور من اللّه... هل تراه؟ أم تتولّى كبرك وتغمض عينيك وتعطل عقلك وبصيرتك؟ إنّ الحادثة سمّاها اللّه.. وليس محمد صلى الله عليه وسلم ولو أبو بكر رضي الله عنه ولا عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها... إنّه اللّه تعالى إلا إذا كان الأستاذ الطالبي يعلم اللّه اللغة فهذا شأنه!! وقد يجادل الطالبي في لفظ الافك فهذا نصّ قرآني وثيق الصلة بالآية «لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا افك مبين» النور 12 انّ الله تعالى... أيها القرآني «الطالبي» كما سميت نفسك دعاك وكلفك وأمرك أن تعلم الناس الحق وتصدّهم عن النيل من أعراض بعضهم بعضا وإلا فإنّ محمد قد مات وعائشة وأبا بكر كلهم عند ربهم مكرّمون... وأنت تستعد الىالرحيل، فهل أعددت الدليل لتواجههم؟؟؟ وهل كلفك اللّه لذلك؟؟ هل لك يوم الدين... يوم الذهول فسحة لتحاجج عائشة ومحمدا وأبا بكر والرجل الذي افتريت عليه؟ يا صاحب العقل... يا قرآني؟ إنّ المؤمنين إذا قضى اللّه ورسوله أمرا يسلم به... يا قرآني «وما كان لمؤمن إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم» الأحزاب 36، هذا توجيه للقرآنيين.. وقد قضى اللّه وحده ببراءة عائشة أم المؤمنين.. أمك يا قرآني... فهل تتهم أمك... وتكذب ربّك... استأنف الحكم في محكمتك... ولن انتظر التعقيب... والعقاب؟ وأستسمح المفكّر الكبير... هل تقبل باتهامك؟ أو اتهام زوجتك؟ أو اتهام ابنتك؟ أو اتهام أمك؟ لقد فعلت وحدك كل هذه الأفاعيل!! أيها القرآني... ماذا تفعل إذا قرأ في صلاة الجماعة بآيات الافك... هل تخاصمه وترد عليه؟ أم تركع وتسجد كما ركع وسجد؟... لقد كلفنا اللّه تعالى أن لا نعود لهذا الافك أبدا... «يعظكم اللّه أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين» النور17... لقد وعظنا اللّه بصفتنا الايمانية... فإن كنت من غير المؤمنين فلك ما شئت ودعنا وعقيدتنا... إنّ القانون والأخلاق يلزمانك أفلا تحشر نفسك فيما ليس لك به علم... واختم بحادثة لا تخلو من موعظة... جاء أحد رجال الدين المسيحي بعالم مسلم فأراد به كيدا... وضع مدخلا ضيّقا غير مرتفع لا يدخل إلا المطاطئون فلما دخل المسلم استدبره ولم يركع للقسّ... ثم سأله من حال الولد؟ فاستقبح القس ذلك وقال «أتنسب إلينا الولد؟» أجابه المسلم أتنسبونه إلى اللّه وتحرّمونه على أنفسكم؟ ثم ثنّى القس فسأل عن حادثة الافك فقال العالم المسلم «هما ثنتان برّأهما القرآن أما التي منّا فتزوجت ولم تلد وأمّا التي منكم فأنجبت ولم تتزوج!.. فبهت القسّ... إذ أوجب عليه أن يكذّب الثنتين أو يصدقما وعني البتول مريم المحتفى بها في القرآن وعائشة أم المؤمنين بشهادة القرآن... أيها القرآني... قال تعالى «النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم...» الأحزاب 6 فأفهم ذلك يا قرآني... أليس كذلك؟؟؟