عين مذاكر هي قرية أو مجمع سكني يتبع إداريا معتمدية النفيضة من ولاية سوسة ولكنك إن دخلتها لن تصدق بأي حال من الأحوال أنك في ربوع الساحل التونسي. أهالي المنطقة قلقون والعمال محتقنون أمّا الحلول ففي علم الغيب. مكتب الساحل الشروق: أهالي عين مذاكر صبروا وصابروا واليوم عيل صبرهم ووصلوا إلى حد لا يطاق فقرروا حجز آليات الحفر التابعة لمعمل الاسمنت بالنفيضة وبالتالي الحكم على المؤسسة بإيقاف الأشغال وعلى عمالها بالبطالة الفنية. كان سؤالنا بسيطا وواضحا ماذا تعيبون على معمل الاسمنت؟و لماذا تسببتم في تعطل عمل المصنع. أضرار بالجملة وكان الرد حسب مجموعة السكان التي التقيناها عند زيارتنا الميدانية أنهم يطالبون المؤسسة بجبر الأضرار الناتجة عن التفجيرات التي يقوم بها عمالها في المقطع المحاذي للقرية ومطالبتها بتشغيل العاطلين عن العمل من أبناء المنطقة وتزويد عين مذاكر بمصفاة مياه لاعتقادهم أن الغبار المتأتي من المقطع لوث المياه فأصبحت تتسبب في الإصابة بأمراض السرطان عافاكم الله . استعداد للمساعدة.. تبدو المطالب شرعية ومعقولة للوهلة الأولى وحتى نجمع كل المعطيات حول هذا الموضوع الحساس اتصلنا بإدارة المؤسسة والتقينا بمديرها العام السيد فرنسوا وبالسيد يوسف الصويعي مدير الموارد البشرية حيث اكتشفنا أن معمل الاسمنت بالنفيضة يقوم بمجهود جبار لمساعدة عين مذاكر ولكنه حسب تعبير مديره لا يمكن له أن يؤمن تنمية المنطقة بمفرده خصوصا أن معمل النفيضة يعتبر أهم منتج لمادة الاسمنت بمعدل مليون و200ألف طن سنويا منها 95 بالمائة موجهة للسوق المحلية التي تستهلك 7 ملايين و200 ألف طن وهو يشغل حوالي800 عامل وإطار في حين أن مؤسسة منافسة تنتج ضعف الكمية لا تشغل سوى 197 عاملا وإطارا وهو ما يعني أن المؤسسة غير قادرة على تلبية كل مطالب الشغل التي وصلت إلى 1200 مطلب ومع ذلك فالإدارة سعت إلى انتداب 30 شخصا منهم 21 من أصيلي عين مذاكر من بينهم إطاران وهي تواصل مجهودها التشغيلي بمحاولة الإسراع بإحالة 30 آخرين على التقاعد الوجوبي لتعويضهم بشباب المنطقة وهنا يتدخل السيد يوسف الصويعي للإشارة بأن أي مجهود إضافي لا يمكن أن يساهم إلا في قتل المؤسسة. وعن تفتح المؤسسة على محيطها أشار السيد فرنسوا أن معمل الاسمنت تبنى المدرسة الابتدائية وأعد مشروعا لرعايتها وصيانتها وبالرغم من عدم ثبوت مسؤولية المؤسسة في تصدع المنازل فإنها بادرت بدعم 700 عائلة بمبلغ 250 دينارا وعبرت عن استعدادها لتعويض كل من يثبت ضلوع المعمل في أي أذى لحق به وعن تلوث المياه عبرت أيضا عن استعدادها لتمويل المصفاة إذا أثبتت المصالح المختصة أية مسؤولية للمعمل في تردي مياه الشرب. وعن سؤالنا عن الحالة الاقتصادية للمؤسسة عبر المدير العام عن أسفه واعتذاره للزبائن لأن المعمل أصبح عاجزا أو يكاد على احترام تعهداته ولن يستطيع مواصلة صرف أجور العملة في ظل مواصلة تعطل الإنتاج نتيجة حجز آليات العمل من طرف أهالي عين مذاكر. العمال غاضبون قبل انصرافنا اتصلنا بالعملة فوجدناهم في حالة احتقان قصوى وعبروا عن رغبتهم في مواجهة محتجزي الآليات بالقوة لولا احترامهم لرغبة السيد فرنسوا الذي ينادي للتعقل والهدوء في مواجهة هذه المشكلة العويصة وترك الإدارة تبحث الأمر مع الأهالي. ضحية النسيان أهالي عين مذاكر محقون في غضبهم ومطالبهم شرعية ولكننا نعتقد أن مشكلتهم أعمق من تأثير معمل الاسمنت الذي مهما كانت رغبته صادقة لن يقدر عن استيعاب كل الطلبات وفي خصوص غياب التغطية الصحية والأمراض المستفحلة والأكواخ القصديرية فالمسؤولية هنا هي مسؤولية دولة تجاهلت مواطنيها لعقود من الزمن وتركتهم خارج مخططاتها وبرامجها وحجز آليات العمل لمؤسسة صناعية هامة ودفعها نحو الإفلاس لا يزيد الطين إلا بلة .