انتقلت خلافات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة يوم أمس إلى الفضاء الافتراضي وتحولت إلى معركة كتابية ضارية في ظل مخاوف عميقة من إمكانية حدوث مواجهات دامية حول اعتصام القصبة بعد الزوال. وتداول الناشطون على الموقع بكثافة مقطع فيديو من شريط الأنباء للقاضي المختار اليحياوي حول موقفه من رئاسة عياض بن عاشور للهيئة العليا وحول بعض التعيينات الأخيرة في الحكومة، وأجمعت التعاليق على الإعجاب بموقفه فيما ذهب العديد من الأشخاص إلى حد الحديث عن «مؤامرة» تحاك ضد الثورة في هذه الهيئة. واعتبر الكثير من المعلقين تصريحات القاضي اليحياوي بمثابة القنبلة المدوية في تونس وشبهوها بتصريحات وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي. بعد ذلك، شهد الموقع الاجتماعي قنبلة أخرى وهي مقطع فيديو للدكتور المنصف المرزوقي «يفتح فيه النار» علنا وبالأسماء على من يعتقد أنهم يعطلون عمل الهيئة ومن يحاربون اعتصام القصبة، واتهم المرزوقي علنا «حزب التجديد ومجموعات اليسار الفرنكفوني واليسار القديم المتكلس» الذين قال عنهم إنهم يحاولون احتكار الحداثة ومستعدون لأي شيء لأجل منع التيارات العروبية والإسلامية من الوصول إلى السلطة. والغريب أننا لم نعثر على تصريحات للسيد عياض بن عاشور ولا مناصريه، سوى بعض التصريحات التي تم نقلها من وكالة تونس إفريقيا للأنباء، وجاء فيها: «إن أردتم التصويت على إقالتي فلن أبقى دقيقة واحدة بعد ذلك». لكن كثيرين اعتبروا ذلك مجرد مناورة، وأنه لن يرحل من الهيئة. في الأثناء، تواترت الأنباء عن إغلاق المنافذ المؤدية إلى ساحة القصبة، وعن حشود أمنية كبيرة في المكان، وانقسم الموقع الاجتماعي إلى شقين: «مع النهضة في صراعها ضد رئاسة الهيئة وفي تنظيم الاعتصام، وشق ضدها في صراعها مع بن عاشور وفي الاعتصام وفي كل شيء»، وانتشرت عبارات التخوين والتهم المغرضة وحتى الدعوات إلى العنف والتحريض عليه. وبدا المجتمع التونسي الافتراضي على الموقع وفي العديد من المنتديات منقسما تماما، وفي حالة مواجهة دامية، ولحسن الحظ فإنها مواجهة افتراضية تقوم على الكتابة وتداول مقاطع الفيديو والتعاليق لا غير. أما على أرض الواقع، فقد جاءتنا أخبار عن الحشود الأمنية الاستثنائية حول مقر الحكومة، فكان أن عثرنا على تعليق طريف أورده أحد الزملاء إذ كتب: «هذا الصباح، قالي تاكسيست تعديت بالسيف من القصبة، قلت له: لماذا ؟ فقال: البوليسية عاملين اعتصام»، ذلك لأنه كان مذهولا بالعدد الكبير لأعوان الأمن في المكان.