لحظات قوية جدا عاشها التونسيون يوم أمس في صفحات الموقع وهم يرون رئيسهم يلقي خطاب التنصيب متلفعا ببرنسه الجنوبي وفاء لذكرى أهله، عندما غلبته ال«غصة»، متأثرا بذكرى الشهداء الذين أوصلوه إلى مثل ذلك الموقف. تناقل الناشطون التونسيون بكثافة يوم أمس مقاطع الفيديو الذي يظهر فيه الرئيس وهو يبكي، كثيرون قالوا إن الموقف قوي جدا، ولم يحدث في تاريخ تونس مثله، حيث أحس التونسيون بأنهم قد قطعوا شوطا آخر مهما في القطع مع أنظمة القمع والتسلط وتغول الدولة والعصابة الحاكمة على الشعب. وكتبت ناشطة من التكتل: «تأثرت كثيرا لبكاء المرزوقي، وخصوصا عندما دعا الى شهداء الثورة، ورأيت دموعا صادقة لم نر مثلها في أعين سياسيي ونواب العهد البائد». غير أن الصفحات التونسية على الموقع لم تقتصر على الإعجاب بالرئيس الجديد، بل ثمة ناشطون كثيرون هاجموه، لكن أغلب هذه الهجومات كانت عشوائية وانفعالية لم تتضمن حججا منطقية ضده، باستثناء الحجة القديمة «ببيع نفسه» إلى «النهضة» مقابل الرئاسة الشرفية التي لن تمكنه عمليا سوى من «إعلان الحرب والسلم» وهي صلاحيات لا معنى لها في بلاد مثل بلادنا لا حرب لها سوى على الفقر والبطالة. وفي أغلب صفحات ناشطي اليسار، قرأنا تعاليق تسخر من منصب الرئاسة، وتحذر من تغول الحكومة على حساب بقية السلطات، وبعض ناشطي اليسار تورطوا في مقارنة غريبة بين الحبيب بورقيبة والدكتور المرزوقي مع نشر صور من تنصيب كل منهما والتأكيد على أن الفارق كبير جدا، وهو أساسا في «الوهرة» والمظهر. ومنذ صبيحة الأمس، تجند المئات من الناشطين التونسيين لنقل أحداث التنصيب في المجلس التأسيسي ثم انتقال الرئيس الجديد إلى قصر قرطاج حيث استقبله الرئيس المتخلي فؤاد المبزع، في «عرين السلطة» التاريخي الذي اختزل طيلة أكثر من ستين عاما مفهوم السلطة المتعالية على الشعب والغارقة في نعيم الملك الرئاسي أيا كان الثمن من دماء الناس وأرزاقهم. وكتب ناشط حقوقي قائلا إنه لأول مرة يهتم بما يحدث في قصر قرطاج وهو يتابع مقطع فيديو عن وصول المرزوقي، ويتخيل التفاصيل في القصر الذي انفتح أخيرا أمام رجل اختاره نواب الشعب وليس قوة الانقلاب. وقرأنا في بعض الصفحات رسالة مؤثرة كتبتها ناشطة تقول إن الدكتور المرزوقي درسها الطب في الجامعة، وتذكره في هذه الرسالة الطويلة بقائمة من القيم الإنسانية التي كان الدكتور يصر عليها أمام طلبته لعلاج المرضى، وطلبت منه أن يبدأ فعلا في علاج الشعب من أمراضه بنفس القيم الإنسانية الكبيرة التي علمها لطلبته. وبدا من النقاشات والتعاليق حول هذه الرسالة أن المقترحات/ الآمال المعلقة على الدكتور المرزوقي أكبر بكثير من الزمن الممنوح له ومن صلاحيات الخطة التي تسلمها. ولا يفقد التونسيون قدرتهم على المزاح حتى وهم يتحدثون عن تأثر المرزوقي عند تنصيبه، حيث نشر ناشط شاب صورة لتعرض الدكتور المرزوقي لاعتداء إبان اعتصام القصبة، وكتب ساخرا «الذين ضربوا المرزوقي في القصبة، الليلة راهم راقدين بالكوش»، أما الخبثاء من الزملاء فقد تناقلوا هذا الخبر تعليقا على صور تنصيب المرزوقي: «دقائق تفصلنا عن موجات هزّان القفّة الموسمية : وكتائب المديح بدأت تتحرك. الإمضاء: جمعية إحياء تراث النفاق، فرع ضرب البندير».